
توقفت في المقال السابق عند افتقار المتصارعين للبعد الأمني للقضية الأمنية وهي عملية الدمج العسكري تحت مسمى إصلاح عقيدة القوات المسلحة دون النظر لاستحقاق الاتفاقيات السابقة واتفاق جوبا تحديدا من حيث المواقيت المحدثة للأتفاق مع الدعوة الملحة لألحاق الدعم السريع بعمليات دمج مشابه في نفس التوقيت والذي ستتخلله مراحل معقدة لا يستوعبها المدنيين . فقيادة عمليات اصلاحية تحت مسمى عمليات الدمج أمر تقرره القوات المسلحة ولا دخل للمدنيين فيه. كما يجب التأكيد والتركيز وبشكل قوي إن عمليات السلام لابد من أن تفضي الي إحلال جزور الأزمة بشكل ملموس ووضع نهاية للاحتراب وهو الاعتراف بإنتفاء اسباب الحرب.
وجعل القضية قومية لأن تأثيرها سيمتد للأمن القومي .
وعليه الإصرار على قيادة الفترة الانتقالية الثانية دون تحقيق إجماع عريض نتيجته الحتمية فشل تناغم الحكومة المرتقبة وتنصل المجتمع الدولي من الاخفاقات التي قد تكون الان غير منظورة. لاسيما الاغفال المتعمد من الأطراف في معالجة الأزمة بشكلها المطلوب وهو التأسيس على منظومة الاشتراطات الدستورية في قبول عملية سياسية شاملة تبدأ بمسار الحكم وتنتهي بالتشريع فالأزمة السودانية الماثلة ليست تشكيل حكومة او إصلاح للقوات المسلحة النظامية او التسابق في توزيع حقائب السلطة فأزمتنا السياسية هي كيف يحكم السودان يجب التعريف او الاحتكام لمسار وطني يؤسس لمعايير الحكم والهوية اولآ وصولا للتشريع القومي و يمهد الطريق لدستور مستفتي حوله نقتسم فيه الموارد بشكل عادل ومنصف ونعتمد هايكل للحكم بتوصيفات واختصاصات ذات معايير تأسس لنهضة حقيقية. لأننا بهذه الترتيبات السياسية الماثلة سنفقد هوية الدولة وستعود الأزمة اكثر حدة. ولن نستطيع تحديد مواقيت زمنية لأنتخابات في دولة نظام الحكم فيها مختل لن نستطيع تحديد دوائر جغرافية لأن الدوائر القديمة ناخبيها موجودون ويترقبون تحديد قيدها الزمني لبدا العد التنازلي. لذا لن نستطيع ممارسة الديموقراطية بأقليم الشرق ودارفور وولايتي شمال وغرب كردفان قبل قيام مؤتمرات الحكم بهذه المناطق . لن تكون هناك صناديق اقترع بجبال النوبة بأستثناء بعض المناطق وكيف نؤسس لنظام احصاء سكاني شامل نعيد به معرفة حجم ثرواتنا العظيمة كيف يكون هناك مسح زراعي شامل يمكننا من الاستفادة من المساحات الشاسة كل هذا لابد أن يكون في ظل توافق عريض لكل أبناء الوطن. كما يجب تحديد وتحييد مفهوم العدالة الانتقالية بالحالة السودانية كقضية مستقلة دون توصيفها بتجارب مشابه. كما أن الإصرار للانتقال دون تحقيق وفاق او توافق يكشف مسار العملية الغير رشيد في فرض ترتيبات غير مستوفية الاشواق الوطنية وتعبر عن النخبة الداعمة له. وواضح ان عملية الرفض في قبول الأطراف الأخرى الهدف منه قطع الطريق لهم حتى لا يقتسموا ماتبقى من عمر الفترة الثانية للانتقال وهذا يتضح عندما نبحث عن اسباب موضوعية ولا نجدها غير أن اشراكهم يؤدي إلى اغراق العملية السياسية ولكن هذا حجم الأزمة في بلد متعدد الاعراق والثقافات. واتمنى ان لاتكون هذه الخطوات وهذا الرفض مقدمة منطقية لمعركتنا الأخيرة والتي بالتأكيد ستكون لصالح المجتمع الدولي الذي ينتظر متلازمة الفشل هذه للدخول وفرض الوصاية بطول وعرض البلاد.
gebrelhassan@gmail.com