عبد السلام عبد المنعم يكتب : ذاد الشجون

 

زاد الشجون .. هي إعتذار العالم عن بؤسه و لاجدواه ,عن التسونامي و كوادر العنف في الجامعة و القهوة الرديئة و الكيزان و انقطاع الكهرباء , عن حبة الفول المتعفنة في آخر الكيس التي تجب ما قبلها , عن شوارع الخرطوم الغارقة بالمياه و الأكاذيب ..

‏كأن الأرض تقول لنا : ( آسفة أنكم في قلب الصحراء , فقراء , بعيدون عن أمطار الشتاء في البحر بعيدون عن أمطار خط الاستواء التي لا تكف عن النشيج ..

‏لذا هاكم , “زاد الشجون” , سيروا في السهل أو في البحر , إبنوا بيوتاً من رمل النجوم , دفئوا حليب أطفالكم بالغمام , ليس عليكم من تثريب ولا مندوحة , واحمدوا عند الصباح السرى ).

‏الكمنجة التي تسير دقيقتين وحيدة ثم تندلع من خلفها أعاصير الأوركسترا , غزالة تنادي على ريماتها فيسرعن نحوها وتختلط أصواتهن مع رائحة العشب الندي . ليست حزينة إلا بقدر أمك حين كُنت مصاباً بالحُمى ,ليست غامضة إلا بقدر النمش على وجه حبيبتك ‏..

الكمنجة التي تقول ما لم تتسع له أبجديات اللغات كلها اتسعت له أربعة أوتار في الكمان . الكمنجة التي تبرهن أن الكون بالفعل أوتار فائقة , الكمنجة الوحيدة كآخر صفحة في الجريدة , كشهاب مر عبر سماء قريتنا , توهج , حكى عن كل شئ , ثم ترجل في الفراغ. تاركا للعالم مشقة تأويله ‏”من بعد فُرقتنا دِيك” ..

‏زاد الشجون محلول وريدي في جسد يحتضر , يسرى عبرك اوردتك فتزهر و ترتعش . السجارة الأخيرة لرجل على حبل المشنقة , القبلة الأخيرة لإمرأة ستخونك بعد قليل , الوسامة الذكورية المقيتة لرجل لن يحبكِ أبدا.

‏زاد الشجون هي التهويدة التي تنام عليها قصص حبنا للمرة الاخيرة , هي الضامن الوحيد اننا لن نلتفت الي الخلف…أبدا

‏زاد الشجون أن أوصيكِ بالحب وتوصينني بالنسيان ”

‏-

Exit mobile version