زاد الشجون .. هي إعتذار العالم عن بؤسه و لاجدواه ,عن التسونامي و كوادر العنف في الجامعة و القهوة الرديئة و الكيزان و انقطاع الكهرباء , عن حبة الفول المتعفنة في آخر الكيس التي تجب ما قبلها , عن شوارع الخرطوم الغارقة بالمياه و الأكاذيب ..
كأن الأرض تقول لنا : ( آسفة أنكم في قلب الصحراء , فقراء , بعيدون عن أمطار الشتاء في البحر بعيدون عن أمطار خط الاستواء التي لا تكف عن النشيج ..
لذا هاكم , “زاد الشجون” , سيروا في السهل أو في البحر , إبنوا بيوتاً من رمل النجوم , دفئوا حليب أطفالكم بالغمام , ليس عليكم من تثريب ولا مندوحة , واحمدوا عند الصباح السرى ).
الكمنجة التي تسير دقيقتين وحيدة ثم تندلع من خلفها أعاصير الأوركسترا , غزالة تنادي على ريماتها فيسرعن نحوها وتختلط أصواتهن مع رائحة العشب الندي . ليست حزينة إلا بقدر أمك حين كُنت مصاباً بالحُمى ,ليست غامضة إلا بقدر النمش على وجه حبيبتك ..
الكمنجة التي تقول ما لم تتسع له أبجديات اللغات كلها اتسعت له أربعة أوتار في الكمان . الكمنجة التي تبرهن أن الكون بالفعل أوتار فائقة , الكمنجة الوحيدة كآخر صفحة في الجريدة , كشهاب مر عبر سماء قريتنا , توهج , حكى عن كل شئ , ثم ترجل في الفراغ. تاركا للعالم مشقة تأويله ”من بعد فُرقتنا دِيك” ..
زاد الشجون محلول وريدي في جسد يحتضر , يسرى عبرك اوردتك فتزهر و ترتعش . السجارة الأخيرة لرجل على حبل المشنقة , القبلة الأخيرة لإمرأة ستخونك بعد قليل , الوسامة الذكورية المقيتة لرجل لن يحبكِ أبدا.
زاد الشجون هي التهويدة التي تنام عليها قصص حبنا للمرة الاخيرة , هي الضامن الوحيد اننا لن نلتفت الي الخلف…أبدا
زاد الشجون أن أوصيكِ بالحب وتوصينني بالنسيان ”
-