ابراهيم عربي يكتب : (سلام جوبا) … القرد في عين أمه غزال (4)

الخرطوم الحاكم نيوز

يبدو أن الورشة الفنية لإتفاق سلام جوبا المنعقدة الآن بحاضرة دولة جنوب السودان لم تتدخل في إجراء أي تعديلات علي المسارات أو الإتفاق مثلما إنتهجت ورشة الإتفاق الإطاري المختلف حوله والذي رفضته معظم الحركات المشاركة فى جوبا لعدم الإختصاص ، بل ركزت الورشة الفنية تماما علي الجوانب التنفيذية بشأن المصفوفات ، ولذلك أعدت مقترح جداول لمصفوفات جديدة بشأن تنفيذ الإتفاق، ولكنها ربما أوصت أيضا ببعض المطلوبات في تقريرها الذي سلمته لرؤساء وقيادات الشركاء في جلسة أمس الخميس لمناقشتة ولترفع توصياتها النهائية لقيادة البلدين الأحد المقبل .
من جانبها أصدرت الآلية الثلاثية بيانا (بصفتها وسيطاً أو ميسرا للاتفاق بين السودانيين) ، رحبت فيه بالورشة المنعقدة بحاضرة دولة جنوب السودان لتقييم مستوى تنفيذ اتفاقية سلام جوبا وقالت إنها تعتبرها مكملة لورشة الإتفاق الإطاري التي نظمتها الآلية الثلاثية في الخرطوم حول اتفاق جوبا للسلام إستكمالا للسلام في السودان .
علي كل لازالت الورشة منعقدة حتي لحظات كتابة الحلقة ويتوقع أن تنهي أعمالها اليوم أو غدا برئاسة الجنرال شمس الدين كباشي الذي لحق بالورشة يقود قيادات الحركات المسلحة الموقعة علي إتفاق سلام جوبا ،وبالطبع لوجود الكباشي دور مهم يعزز رؤية الجيش لا سيما بشأن دمج قوات الدعم السريع والحركات المسلحة جميعها في الجيش السوداني لأجل جيش مهني وقومي واحد ..!
وقد تباينت الرؤي بين القيادات حول تصريحات كباشي من جنوب كردفان رغم إنها تفاعلا مجتمعيا كبيرا من قبل قطاعات واسعة من الشعب السوداني ، وقد جاءت تصريحات رئيس مجلس السيادة من الزاكياب أمس تصب في ذات المعين مما وضع الإتفاق الإطاري الذي وقعوا عليه أمام محك بشأن تبعية قوات الدعم السريع وقيادته للقوات المسلحة خلافا لما أوصي به الإتفاق الإطاري تبعية قائد قوات الدعم السريع للقائد الأعلي للقوات المسلحة وهو رئيس البلاد المدني ..! .
وربما يلتقي الكباشي علي هامش الورشة الممانعين من القادة عبد العزيز الحلو المتواجد في جوبا حاليا وربما أيضا تلفون كوكو الذي ظل يتخذ من جوبا مكان إقامة دائمة له يشك حولها وربما يلتقي أيضا عبد الواحد محمد نور الذي ظل ممانعا لأي إتفاق حتي لقب (مستر نو) وربما آخرين وكل ذلك يتم بلاشك بترتيب من جوبا .
علي كل اعتقد أن جميع مسارات إتفاق سلام جوبا تحتاج لتعديلات تواكب وتلائم متطلبات المرحلة ومستجدات الساحة السياسية علي الأقل لإستيعاب رؤية الممانعين والمغاضبين لأجل الوطن ، الذين لازالوا لم ينضموا للعملية السلمية لا سيما وأن كافة التقارير الدولية والإفليمية توصي بذلك .
في تقديري إتفاق جوبا للسلام ليس جيدا ولكنه أيضل ليس سيئا كله وبالتالي ليست كل مساراته سيئة ولكنها ليست أجمل من القرد الذي تعتقد والدته أنه جميلا مثل الغزال ..!، ولذلك لابد من مراجعته ، صحيح أن إتفاق جوبا للسلام أوقف الإقتتال بين القوات الحكومية وقوات الحركات المسلحة في دارفور والتي أصبحت في مرحلة الترتيبات الأمنية ولكنها أيضا لم تتجاوز العملية (ألفي) شخص من جملة (6) آلاف شخص ضمن القوة المقدرة (12) الف شخص مناصفة بين القوات الحكومية وقوات الحركات الموقعة ، وأعتقد هذه بذاتها جزء من أسباب الخلل في الإتفاق ، فأدت لتصاعد وتيرة الصراعات القبلية المسلحة الدموية وقد ساعدها في ذلك السلاح المنتشر بكثرة بين يدي المواطنين وربما غيره .
ولذلك لايزال البحث جاريا لماذا تصاعدت الأحداث في نيرتتي وفي كرينك وكريندنق وبليل وغيرها ؟! ، ربما بسبب مظالم قديمة وتارات متجددة وربما لأسباب أخري وربما بسبب السلاح المنتشر الذي فشلت فيه لجنة جمع السلاح التي لازالت ذاتها تعمل منذ عهد النظام السابق برئاسة الدكتور عبد الهادي عبد الله وهي عملية طويلة وشاقة وقد شابها الكثير من الأخطاء وكان وقتها يقدر كمية السلاح المنتشر بين يدي المواطنين بالبلاد حوالي (6) مليون قطعة ، واذكر جيدا وقتها عندما إنتقدنا عمليات جمع السلاح التي تتم بإخفائه من المشهد فقال أحد المسؤولين في دارفور نحن فقط نريده أن يختفي من الظهور العلني ،أعتقد كانت نظرة قاصرة أثبتتها التجارب العملية وتؤكد إنها مجرد عملية مرحلية ..!.
مع الاسف الشديد لم تحدد الترتيبات الأمنية بصورة دقيقة تعداد قوات أي حركة من الحركات الموقعة وأماكن تواجدها وتسليحها مما جعلت الساحة تعج بعمليات التجنيد الكبيرة والتي ضمت في صفوفها بعض الزملاء والاصدقاء برتب رفيعة ، ولكنها فشلت في محاولاتهم لإستقطابنا ضباطا في صفوفهم لأننا نعتز ونفتخر بالعمل في بلاط صاحبة الجلالة التي هزمها القحاتة ومن خلفهم الإمبريالية التي جاءت بالدجاج الإلكتروني وعملاء المخابرات وربائب السفارات الذين نكروا لها عرشها ..!.
ولذلك كله جاء تقرير الخبراء الدوليين الأخير في السابع من فبراير الجاري بشأن القرار الدولي (1591) الذي ظل متجددا منذ العام 2005 الموجه لمجلس الأمن يحمل الكثير من المفاجآت التي تضع الورشة أمام تحدي ، رغم أن السودان دفع بحثيات ومبررات لمجلس الأمن الدولي ، طالب من خلالها بإنهاء تفويض فريق الخبراء والعقوبات المفروضة على البلاد بسبب ذات الصراع في دارفور ..!
نواصل ..
الرادار .. الجمعة 17 فبراير 2023 .

Exit mobile version