دكتور عادل عبد العزيز الفكي يكتب : استمرار سيطرة الذهب على الصادرات السودانية

adilalfaki@hotmail.com
استمرت سيطرة الذهب على الصادرات السودانية. أشارت البيانات الصادرة عن بنك السودان المركزي إلى أن صادرات الذهب قد بلغت خلال الفترة من يناير الى سبتمبر 2022 قيمة مليار وستمائة وخمسة عشر مليون دولار، من جملة الصادرات لنفس الفترة وهي بقيمة ثلاث مليارات وستمائة تسعة وثمانون مليون دولار. أي أن الذهب شكل بمفرده حوالي 44% من الصادرات الكلية.
بلا شك أن انتاج وتصدير الذهب مفيد جداً للاقتصاد السوداني خصوصاً في شقه الخارجي (ميزان المدفوعات والميزان التجاري). الآثار السالبة للتعدين عن الذهب والمتمثلة في الآثار السالبة على البيئة والتربة بصورة أساسية يمكن معالجتها بالمزيد من التوعية والتدريب للمعدنين، وبإنفاذ القوانين على المخالفين بصورة رادعة.
من المهم زيادة صادراتنا في قطاعاتنا التقليدية في قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية، ذلك لأن معدن الذهب نافد بطبيعته، وبدأنا نسمع عن قفل العديد من الآبار والمناجم التي كانت تنتج الذهب بسبب نضوب الذهب، أو زيادة تكاليف الإنتاج.
لهذا، وحتى لا نفاجئ بهبوط حاد في قيمة صادراتنا نتيجة لانسحاب الذهب من قائمة الصادرات، فإننا نحتاج لسياسات تنفذ باحترافية وإرادة سياسية قوية، لرفع قيمة صادراتنا الأخرى. هذه السياسات تتضمن تأسيس شركات مساهمة عامة عملاقة تتولى تحسين الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، وتحتكر التصدير للخارج في القطاعين الزراعي والحيواني.
نرى أن تشجع وزارة التجارة قيام شركات المساهمة العامة من أجل الصادر، وهي بحكم القانون تدرج في سوق الخرطوم للأوراق المالية فور تأسيسها، ويجوز لكل شخص شراء أسهم فيها، وتشجيعاً لبعض المجالات والأنشطة يمكن أن تدخل الحكومة بنسبة مقدرة من الأسهم 50% فأكثر تتيح لها التحكم في مسارات الشركة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للدولة، ثم تبدأ في الانسحاب تدريجياً بعد ذلك لصالح مساهمين آخرين.
تتيح صيغة شركات المساهمة العامة الاستفادة من مدخرات المهاجرين والمغتربين في شكل أسهم في هذه الشركات، فالأهم للاقتصاد هي المدخرات وليس التحويلات الأسرية البسيطة القيمة.
إن تكوين شركات مساهمة عامة برؤوس أموال كبيرة للعمل في مجال الصادر الزراعي والصادر الحيواني، تتيح السيطرة والتحكم في الأسواق الخارجية، كما أن تسجيل هذه الشركات في سوق الخرطوم للأوراق المالية، تتيح تطبيق كل قواعد الحوكمة المؤسسية، وتمنع الفساد، وتحرك جمود الاقتصاد. ذلك لأن قانون سوق الخرطوم للأوراق المالية يلزم الشركات المسجلة فيه بالإفصاح عن كل عملياتها، ونشر ميزانياتها وخطط عملها. وبهذا تستطيع الأجهزة الرقابية في بنك السودان ومسجل عام الشركات والأمن الاقتصادي وغيرها من مؤسسات الدولة مراقبة الأداء بدقة. وضمان إعادة حصائل الصادرات وسداد الضرائب. والله الموفق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى