الخميس المنصرم الخطوط الجويـة السودانيـة ( سودانير ) طمأنتنا أنها بعافيـة رغم أنها فى فترة من الفترات هجرت السودانيين أم هجروها لا أدرى إلا أنها أثبتت بكل جدارة أنها تمرض لكنها لا تموت ويمكن أن تستعيـد مكانتها العالمية كاملـة غير منقوصــة إذا توفرت لها الإرادة الوطنيـة وإستقرت السياسات .. لقد أقلتنا سودانير للقاهرة وكانت الارخص والافخم والافضل فى مستوى تقديـم الخدمات والضيافــــة .. بصراحة كان شعوراً نببلاً وصوت الدكتور ميرغني محمود مشرف الرحلـة الواعى يطلق نداءاتـه وإبتهالاته من داخل طائرة الايربص (220) الاحدث على مستوى الطائرات التابعـة للشركات الاخرى .. كان فخراً أن يقلنا الناقل الوطنى الذي تعرض فى فترات ماضية لهزات عنيفة وإزدواجية فى السياسات أقعدته عن التميز وأذكر عندما حل التغيير الذي شهده السودان خلال العام 2019 كانت الحكومة قد وقعت عقودات لشراء طائرات من شركـة إيربص وهى الأحدث وقبل أن تبدأ سودانير وإيربص تنفيذ العقد جاءت حكومة عبدالله حمدوك فعطلت المشروع ومعه مشروع مطار الخرطوم الدولى .. إن خطوط الطيران والإتفاقات الثنائية بشأن العبور والنقل من بلد لآخر فيها فوائد إذا أحسنت السياسات وترك الامر للفنيين لوضع المعايير والشروط الملزمة لكل بلد وإلا سيظل السودان يعطى الآخرين ميزات تفضيلية بلا مقابل .. وأننى داخل الطائرة شعرت بكل الركاب يحملون عشقاً لـ (طيران) سودانير الذي يحمل سمات وهويــة هذا البلد بكل تنوعه وتعدد ثقافاته يعبر عن اشواقه وبدلاً من يعمل الجميع علي تطويره تأتى الأحداث السياسية والتغييرات لتتحدى وتعصف بكل أشواقنا وأحلامنا النبيلة وتعيدنا إلى المربع الأول .. ظلّت فرحة سودانير تطرق بوابـة ذاكرتي طوالى الرحلة والطيار الماهر يقود الطائرة وهي تعاود التحليق بخيالاتنا من جديد وتشعرنا بأننا يمكن أن ننهض رغم الظروف والمحن والمقعدات .. بذل فريق العمل( طاقم الرحلة ) جهداً كبيراً فى راحة الركاب مشكوراً سيما أن الطائرة كانت تحمل عدد من المرضى الذين وجدوا عناية فائقة .. يحدونا الأمل أن ( سودانير) الحلم الذى ظل يراودنا كثيرا قد وفقت وهى تحلق الان واقعاً رغم ظروف البلد السياسية والإقتصادية المترديــة ، وأن طائراتها تسافر الى القاهرة بمعدل أربعة أيام فى الإسبوع وهى ( الثلاثاء والخميس والجمعة والسبت) بسبب دخول فصل الشتاء ، وأن طائرتها الافخم ، وقيمة تذاكرها الارخص ، وطاقمها الاميز رغم تقدم عمر بعضهم ، فماذا يمنع ان تكون الخيار الاول لكل السودانيين .. إن موضوع سودانير وتأريخها وإعادة سيرتها الأولي تظل قضية ساخنـة وتحتاج إلي مراجعات وإعطاء الموضوع أولوية ضمن قضايا البلد واضح ان جهداً ذاتياً كبيراً قد بذل حتى تزاحم طائرات سودانير الافاق من جديد لكنه ليس طنوحنا ويحتاج إلي تعزيز وتغيير جذرى في سياسات الحكومات الوطنية تجاه هذا الناقل الوطنى ، إن فترت تعثر سودانير السابقة إستفادت منها شركات طيران ( قطاع خاص) سرقوا إسم سودانير ونالوا به إمتيازات طيران كناقل وطنى وهم غير ذلك وهو وضع يحتاج الي مراجعة وتقويم وإسترداد الحقوق المسلوبـــة والمبالغ التي تحصلوا عليها من غير وجه حق وإعطاء إهتمام خاص بطيران بلدنا ( سودانير) .. كثير من السودانيين الذين قابلتهم بقاهرة المعز يذكرون بالخير المدير الاقليمي الجديد عبدالعظيم ادم حسن والذي احدث حراكاً مشهوداً وجعل سودانير محببة لقاصدي مصر وما اكثر قاصدى مصر من السودانيين في الفترة الاخيرة .. شكراً الدكتور ميرغني محمود مشرف الرحلة الذي أعطانا أسباباً إضافية لإيلاء سودانير أهمية بحركته الدؤوبة بين الركاب وبشاشته وشكراً عميقاً الحبيب احمد عوض الله دكام الشقيق الأكبر لزميلتنا في الرحلـة الصحفية مزدلفة دكام والكابتن مازن وبقيـة العقد المتوثب الذي ادهش الركاب بالابتسامات الدائمة والحفاوة البالغة والكرم السوداني الاصيل طوال زمن الرحلة .. ومن وجهة نظرى إن رؤية نهضة سودانير واضحة وحاضرة عند كل سودانى وهي تحتاج الي ارادة وطنية غلابة ولتكن سودانير علي المسار الجديد وتنال إهتمام كل سوداني وتصبح مثل بيته وأن تكون خيار كل سودانى فهذا يتطلب جهداً كبيراً ومرئياً من الحكومة والشعب حتي تنافس الخطوط الجوية السودانية وتواكب النهضة العالمية في الطيران وأن يكون حجم إسطولها بحجم حركة إنسان الدنيـا وإنتقالاته داخل الكرة الأرضيــة شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً .. نختم ونقول الف رحمة ونور على روح المبدع إبراهيم الكاشف ونقتبس من أغنيته ـ ( إن عارف) .. من السودانيين لطيرانا الوطنى : طمنى تعال نبدأ التآلـف والتعارف والمودة ..
