أصالة معدن الشعب السوداني باقية ببقاء التاريخ ، و يعتبر من أنفس المعادن التي لا يذهب بريقها و لا يصيبها الصدأ مهما تعرض للرطوبة و عوامل التعرية ، فتجده دائماً وقت الشدة و في عميق المحن و الأزمات يلمع و يتلألأ مثل النجوم اللامعات فى سماء ليل حالك الظلام .
محنة فقدان الدابة من أعظم المحن و نعمة وجدانها نعمة لا تضاهيها نعمة ، و لذلك نجد أن عظمتها شبهت بفرحة الله تعالي عند توبة العبد المؤمن و ما أعظمها من (فرحة) ، و لهذا نجد أن الأثر قد وثق لهذه القصة التي ورد ذكرها في صحيح مسلم بدقة متناهية و التي تروي لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (الله أشد فرحًا بتوبة عبده المؤمن من رجل حمل زاده ومزاده على بعيرٍ ثم سار حتى كان بفلاة من الأرض ، فأدركته القائلة أي (وقت القيلولة) فنزل تحت شجرةٍ فغلبته عينه (فنام) ، فانسل بعيره أي (لم يجده) فاستيقظ فسعى شرفًا فلم يرَ شيئاً ثم سعى شرفًا ثانيًا فلم يرَ شيئاً ثم سعى شرفًا ثالثاً فلم يرَ شيئاً فلما أدركه العطش , قال : أرجع إلى مكاني الذي كنتُ فيه فأنام حتى أموت فوضع رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ ، و عنده راحلته أي (رجعت) وعليها زاده طعامه وشرابه ثم قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربك) , أخطأ من شدة الفرح ، فوجدان الدابة الضائعة و الميؤوس من الوصول إليها تعد من اكبر النعم .
حينما سرقت سيارتي ضاقت على الأرض بما رحبت ، و أصابني ما أصابني من القهر و الحزن الشديد إلا أن هنالك من الأخوة الأحباء خففوا على وقع الإبتلاء و شاركوني الإحساس بالإحساس ، فقسموا معي الحزن و حملوا معي الهم و سعوا معي بكل ما يملكون لأجل موساتي ، و قد قيل : ليس وحيداً من كان له أحباب ، ولهذا وجدت نفسي قوياً بالرغم من ضعفي بين هؤلاء العظماء الذين وقفت كلماتي أمامهم عاجزة عن تقديم الشكر و الإمتنان الذي يستحقونه ، و لكل من شاركني في ذلك الإحساس ، و أصروا على مؤازرتي في وقت محنتي لتخفيف مصابها ، و لهذا أجد نفسي تتصارع حروفي إليهم و تتسابق عبارتي نحوهم لتسرد لهم أجمل آيات الشكر و العرفان و الإمتنان .
فالشكر لجميع أفراد الشعب السوداني الذين إستجابوا لندائي حينما استنجدت بهم لمشاركتي في البحث عن سيارتي ، فمنهم من ساعدني بالنشر لأجل توسيع دائريه ، و منهم من ساعدني بالدعوات و لن أتجاوز في ذلك جيراني بكافوري مربع 6 و علي راسهم سعادة اللواء محمد الأمين و د. الضوي و الشاب الهمام أحمد طارق ، و منهم من إتصل و منهم من وصل ، و قد سعي معي الجميع بالبحث المباشر و عبر التحري و كان اهم انواع البحث الذي كان عبر طريق طائرات الدرون في الأماكن التي يصعب الوصول إليها حتى تم رفع التمام بأن سيارتي وجدت في منطقة عد بابكر بمحلية شرق النيل .
فالشكر و الثناء يتقاصر عندي مهما بلغ حجمه من كبر أمام جميع من شاركوني بما يتوافق مع الموقف الذي ألم بي و في مقدمتهم الدعم السريع متمثلاً في الشرطة العسكرية و قائدها المقدم محمد سليمان الذي آزرني قبل فتح البلاغ وضع كل جاهزية قوته لتقديم الدعم اللوجستي اللازم ، مؤكداً بذلك شعارهم (جاهزية ، سرعة ، حسم) ، و الشكر موصول للشرطة متمثلة في كل أفراد قوة مركز شرطة بحري شمال (عمر المختار) و على رأسهم العقيد الطيب عبد الرحمن عرفة و المساعد قتادة مضوي و المساعد الصادق حسين ، فالعطاءات في هذا الأمر تنوعت بتتنوّع الأشخاص حسب دورهم ، فالكل قدم لي ما بوسعه من خدمة و على رأسهم سعادة اللواء شرطة صابر الله جابو نائب مدير شرطة ولاية الخرطوم و سعادة العميد شرطة عبدالله عبد الرحمن رئيس مباحث الولاية و الرائد يسري رئيس شعبة مكافحة سرقة السيارات ، و جزيل الشكر والعرفان للأستاذ على الفاتح الزبير و د. محمد الحسن عرضي و كل الشكر والامتنان لكل أفراد الشعب السوداني الذين وقفوا معي في أي موقف بخصوص هذا الشأن ، و أخص شيوخ و شباب و أطفال عد بابكر بشكر خاص لما قدموه لي من مساعده .. و اقول للجميع بارك الله فيكم و لكم و عليكم و أسأل الله ألا أرى فيكم مكروه أبداً ما دمت حياً و جزاكم الله عنا خير الجزاء .