أخر الأخبار

ابراهيم عربي يكتب : (إتفاق سلام جوبا) … البغلة في الإبريق ..!

الخرطوم الحاكم نيوز
فاجأت الجنرال توت قلواك المستشار الأمني لرئيس دولة جنوب السودان البلد الراعية لإتفاق سلام جوبا بالمطالبة بإلغاء الإتفاق ، فكانت صدمة قاسية أربكت حسابات الجنرال ..!، عنصر المفاجأة لأنها (نيران صديقة ..!) جاءت من قيادات موقعة علي الإتفاق نفسه ، جاءت في وقت تهيأ فيه الرئيس سلفاكير لدور جديد لتسوية المشكلة السودانية ، ولكنها جاءت عقب فشل في تنفيذ الإتفاق ، معترف به من قبل الجميع ولا أحد يتجرأ لأن يقول (البغلة في الإبريق ..!) .
في تقديري أن لهذه المطالبة واقعيتها ولذلك لجأ قلواك لإلغاء الإجتماع الذي إقتحمته عناصر غاضبة لها خلافات في داخل مكوناتها وعلي رأسها إسماعيل خميس جلاب (مسار المنطقتين) والأمين داؤود (مسار الشرق) ،غير أن الوساطة واصلت إجتماعها اليوم التالي مع مكونات الجبهة الثورية لوحدها دون الغاضبين ، حيث تباينت الرؤي واختلفت وجهات النظر داخلها ، ولكنها تمسكت جميعها بالإتفاق .
من جانبها أكدت الوساطة رفضها التام للأصوات الداعية لإلغاء إتفاق سلام جوبا ولكنها أيضا أقرت بأخطاء وإشكالات عدة صاحبت عملية تنفيذ الإتفاق نفسه ، وتم في آخر إجتماع أمس للجنة الترتيبات الأمنية ضم الوسيط ووزير الدفاع ، تم الإتفاق على تحديد دفعة جديدة لحماية المدنيين في دارفور وعقد مؤتمر عام بوجود الأمم المتحدة لمزيد من الدعم اللوجستى والفني والمادي ، وصدر قرار بإستيعاب قوات أي حركة لديها سلاح أو جيش من أجل تحقيق الاستقرار .
وبالتالي أعتقد إلغاء أو تأجيل زيارة الرئيس سلفاكير إلي الخرطوم لأكثر من مرة بسبب ذات الخلافات والمستجدات علي الأرض في المنطقتين ، فيما قالت الجبهة الثورية في بيان لها إنها ناقشت مع الوساطة قضايا مكوناتها الداخلية وحجم الإقصاءات الذي مارستها تلكم الحركات ضد قيادات رغم إنها كان لها دور أساسي في التفاوض وموقعة على العديد من البرتكولات ونوهت إلى ضرورة بحث السبل المثلى لمعالجتها حفاظاً على الروح الثورية بين الرفاق .
غير أن خلافات أطراف العملية السلمية لإتفاق جوبا لم تكن بالجديدة ، فقد غادرها الدكتور الريح مع مجموعته غاضبا قبل التوقيع ، ومن ثم إنشقت الجبهة الثورية بذاتها إلي جناحين (مناوي ، الهادي إدريس) ، تم لملمتها والضغط عليها وفقا لما عرف مصطلحا حينها بعملية (بلع الأمواس ..!) ، ولكن يبدو إنها ثقلت علي المعدة فاستعصي هضمها في ظل المطامع وصراع الكراسي والمكاسب والمغانم ، ولذلك اعتقد جاءت الخلافات الأخيرة نتاجا لذات الخلافات .
علي كل فإن المطالبة بإلغاء إتفاق سلام جوبا كاملا غير مبررة وغير دستورية بموجب إتفاقية السلام نفسها التي تعلو بموجبه علي أي نص دستوري آخر ، وبالتالي أي محاولة بالقوة ستقود لإشعال حرب ، لا سيما وأنها قطعت شوطا في بند الترتيبات الأمنية في بعض مساراتها ، ويدافع أهلها بأن الإتفاق ناقش معظم جذور الأزمة السودانية وأوقف الحرب فى بعض ربوع البلاد مع إعترافهم ببعض النواقص فى عملية التنفيذ، وقالت الجبهة الثورية إنها سلمت وفد جنوب السودان بقيادة توت قلواك مذكرة لكافة القضايا والمظالم ، ورؤية تتبنى مشروع تقييم وتقويم إتفاق سلام جوبا من خلال إقامة ورش ومؤتمرات .
غير أن الواقع يؤكد عمليا أن كل مسارات إتفاق سلام جوبا تمر بمشكلة وخلافات داخلية وقد برزت مطالب تباينت فيما بين الإلغاء والتعديل والتجميد لمسارات (الوسط ، الشمال ، الشرق) ، فيما برزت إتجاهات قوية تطالب بتعديل مسار المنطقتين (جنوب كردفان ، النيل الازرق) والذي يعاني إنشقاقا (ثلاثة) كتل بسبب الإقصاء والتهميش داخلها .
وبل تعتبر أسباب المشكلة الأخيرة في كل من (لقاوة والنيل الأزرق) بسبب ذات المشكلة والتي تعتبر بمثابة إثبات وجود بين أبناء المنطقتين ، واتهم حاكم إقليم النيل الأزرق أحمد العمدة جماعة تتبع للحلو قال إنها سبب الأزمة في الإقليم ، ويعني ذلك مجموعة جوزيف توكا وعبد الله أوجلان ، مما يعني وجودهم واقعيا وفاعليتهم ، ويؤكد ذلك أن مسار المنطقتين لم يزد الأوضاع فيهما إلا مزيدا من التعقيد ..!
غير أن قيادات بالمنطقتين نفسها قد تباينت في رؤاها بعضها يعتبرون حل مشكلة المنطقتين معا في ظل وجود الحلو وقيادات تاريخية للحركة الشعبية (كمولو) مثل دانيال كودي وتلفون كوكو ومالك عقار أفضل الفرص ، لا سيما وقد تقدم العمر بهم جميعا وأن الحلو نفسه مثلما كشفت مصادر يعاني تطورا خطيرا لمرض (ﺳﺮﻃﺎﻥ ﺍﻟﺮﺋﺔ) حيث ظلت تتدهور حالته الصحية للأسوأ، بينما يتوقع آخرون أن يحدث غياب الحلو خلافات وإنشقاقات وصراعات داخل الحركة لا سيما وسط الشباب قد تعقد الحلول ، غير أن مراقبون يعتقدون أن جوبا لازالت تمسك بكروت قضية المنطقتين لا سيما جنوب كردفان ، حيث يمثل تلفون كوكو كرتا رابحا في قبضة جوبا ضابطا بالجيش الشعبي ..!.
فيما كشفت قيادات بالحركة الشعبية – شمال (الحلو) عن وساطات إقليمية ودولية وإغراءات لتسوية وشيكة ودخول الحركة في شراكة مع الحكومة وربما تلك من ضمن أسباب زيارة سلفاكير المحتملة للبلاد ، بينما كشفت مصادر أخري عن إتصالات مع عبد الواحد نور ، فضلا عن مفاوضات متوقعة مع مجموعة إنشققت عنه ، لا سيما وأن شركاء السلام إتفقوا باكرا ألا مانع من تقديم أي تنازلات تقود لإنهاء الحرب في السودان نهائيا لا سيما مناطق المسارات ، واعتقد هذا ما ستناقشه اللجنة العليا لإتفاق سلام جوبا اليوم ..!.
الرادار .. الخميس 27 إكتوبر 2022 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى