رشان اوشي تكتب : قتلت في مهدها

بالطبع.. اهم ما تحتاجه بلادنا في هذه المرحلة، هو امكانية الوصول الى وفاق وطني شامل، يضع حدا لكل الاوضاع المعوجة، وينهي عبثية الصراع الذي بلغ أوجه، الحروب الأهلية مؤخرا هي نتاج لحالة الاستقطاب الحادة التي طالت كل شئ، والخطاب التصعيدي من كل الجوانب، لذلك أهم ما نحتاجه الآن لنعبر الى الضفة الاخرى، هو الوصول لتسوية سياسية شاملة لا تستثني أحدا، فالجميع ارتكبوا أخطاء فادحة بحق الوطن، لم ينجو احد من التآمر مع العسكر منذ الاستقلال وتوفير غطاء سياسي للانقلابات العسكرية، الجميع تآمروا على الوطن وعلى الديمقراطية، لم يكونوا صادقين حتى تجاه شعاراتهم التي صاغتها عقولهم ونطقت ألسنتهم، وخير مثال ما حدث بعد ثورة ديسمبر\2018م.
إذا.. مسألة الوفاق والتسوية أمر ضروري للعبور، ولكنها يجب أن تكون صادقة، بعيدا عن “الاستهبال” و”اللولوة” ، فالجميع يدركون جيدا لما يحدث، قدراتهم السياسية متقاربة، إذا لن تكون قوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي أكثر ذكاء من قادة الكفاح المسلح ، هم ايضا سياسيين، ينطلقون من مرتكزات ايديولوجية مثلكم تماما، ولهم طموحاتهم وتجاربهم، اذا لن تنجح سياسة الإلتفاف، ولي عنق الحقيقة.
اذا اراد الجميع الوصول الى تسوية حقيقية تفضي لواقع جديد، يجب الإبتعاد عن سياسة الفهلوة والثلاثة ورقات، ومواجهة الجماهير، بدلا عن ادعاء الطهرانية الثورية، والكذب، لأن الثوار في الشوارع مهما كانوا صغار تجربة وعمر، ولكنهم يملكون عقول تجعلهم يميزون بين الحقيقة و”السواقة بالخلاء”.
ومن ثم ، لا يحق لقوى الحرية والتغيير-المجلس المركزي تناول مسألة إتفاقية “جوبا” في مداولاتها “تحت التربيزة” مع العسكر، فهذا عهد وميثاق مشهود دوليا، لقيادة الكفاح المسلح تحالفاتها الدولية ، التي تمكنهم من الضغط على الجيش وعلى حكومتكم المرتقبة حتى إسقاطها ومحاصرتها إقليميا ودوليا ايضا، كما ان لهم قواعدهم الجماهيرية، وحواضنهم الإجتماعية، ودونكم إغلاق “البجا” للطريق القومي (بورتسودان-الخرطوم)، والتاريخ القريب يذكركم باعتصام القصر الجمهوري الذي نتج عنه فض شراكتكم.
لا اعتقد ان الجيش سيعيد ذات التجربة البائسة بذات الأدوات، فالعسكر اذكى من ذلك كثيرا، ولكن اذا صحت كل الأنباء ووقعوا في فخ التحالفات الثنائية مرة اخرى، سيجدون انفسهم وحيدين هذه المرة في مواجهة إستبداد “قحت” ولن يجدوا قشة يستندون عليها في رحلة الغرق.
إذا .. لابد ان تشمل التسوية السياسية الجميع، حتى المؤتمر الوطني، لأن التجربة أثبتت أن الجميع متساوون في الفساد والاستبداد .
محبتي واحترامي

نقلا عن ..مورنينغ نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى