أخر الأخبار

د. عبد الناصر سلم يكتب : عقلية الأحزاب السياسية والانقلابات العسكرية في السودان

كبير الباحثين فوكس للدراسات

عندما تفكر في احصائية للإنقلابات العسكرية في أفريقيا والوطن العربي يقفز إلى زهنك السودان مباشرة لدرجة أن خلافات حول عدد هذه الإنقلابات طبعا الناجحه والفاشلة البعض يقول انها (١٦) واخرين يقولون انها اكثر .

واللافت أن الإنقلابات بدأت مبكر جدا في السودان عقب الاستقلال مباشرة والقاسم المشترك الأكبر لهذه الانقلابات هو تدخل الأحزاب السياسية في الجيش لدرجة أن بعض الأحزاب تحاول أستقطاب ضباط من المؤسسة العسكرية حتي تستخدمهم في تنفيذ مخططاتها .

تاريخ الإنقلابات العسكرية بالسودان بداء كما زكرنا مبكرا بعد عام واحد فقط من استقلال البلاد فكان أول انقلاب في العام ١٩٥٧ وهو إنقلاب كبيدة الفاشل الذي فشل في استلام السلطة ولكن ادخل قاموس الانقلابات في السياسة السودانية كمنهج للوصول للسلطة.

واستمرار الانقلابات في اعتقادي الشخصي مؤشر لعدم تغيير العقلية في السودان خاصة لدي الأحزاب السياسية فما من إنقلاب إلا كانت وراءه قوى سياسية لم تستفيد من دروس التاريخ فكررت اخطاؤها (بالكربون).

جاء إنقلاب عبود ١٩٥٨ عقب خلافات بين الأتلاف الحاكم بين الأمة والاتحاد حيث سلم رئيس الوزراء انذاك عبدالله خليل العسكر السلطة نكاية في غريمة إسماعيل الأزهري ووجد الانقلاب تأييد من طائفة الانصار بقيادة التابعة لحزب الأمة بقيادة عبد الرحمن المهدي بجانب تأييد طائفة الختمية الداعمة للحزب الاتحادي الديقراطي بقيادة علي الميرغني وهذا يوضح بجلاء مازكرناه.

جاء النميري لسدة الحكم في بعد إنقلاب مدعوم من الحزب الشيوعي والاحزاب القومية العربية وواجه نميري العديد من الإنقلابات جلها كانت مدعومة من الأحزاب علي قرار إنقلاب العميد محمد نور سعد في العام ١٩٧٦ وانقلاب هاشم العطا وعقب انتهاء حقبة نميري جاء سوار الذهب ثم الصادق المهدي الذي اطاح به إنقلاب ١٩٨٩ بقيادة البشير ومن وراءه الجبهة الإسلامية بقيادة الترابي .

وشهدت الفترة الإنتقالية الحالية بعد سقوط البشير العديد من المحاولات إلانقلابية وجهت خلالها اصابع الأتهام للقوى السياسية بالوقوف خلفها.

اذا نحن امام تاريخ حافل من الإنقلابات العسكرية والحقيقة ان القوى السياسية هي التي كانت تقود الإنقلابات وتدفع ضباط الجيش دفعا للتغيير بعد ان عجزت عن ممارسة الديقراطية فمارست الإقصاء للأخر .

ووفقا لدراسات اجرتها مراكز اوربية وعالمية اطلعت عليها خلال زيارتي للخارج اكدت هذه الدراسات ان الديقراطية في السودان تحتاج ل(٢٠) عاما متواصلة لترسيخ اقدامها وإنهاء الإنقلابات العسكرية في احد اكبر اابلدان في أفريقيا الوطن العربي.

ختاما نقول ان الأحزاب السياسية تقع عليها مسؤولية هذه الانقلابات لذلك هي مطالبة بممارسة الديقراطية اولا داخل أحزابها وترسيخها والأبتعاد عن المؤسسة العسكرية وتركها وشأنها فتصفية الحسابات عبر الجيش ستجعل من السودان دولة بلا استقرار طالما أن الاوضاع السياسية استمرت علي النحو الذي يدور حاليا من تشظي وخطاب كراهية واقصاء لن يجد الجيش أي حرج في الصعود للسلطة من واقع الأحساس بالمسؤولية بمساعدة الطامعين والمغامرين من السياسيين (وعلي نفسها جنت براغش كما يقول المثل) وبالتالي سيستمر هذا المسلسل إلا اذا تغيرت العقلية والسلوك لدي الأحزاب السياسية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى