الخرطوم الحاكم نيوز
لا أعتقد رجل مثل الشيخ الطيب الجد ود بدر علي أعتاب التسعين جاء يبحث عن كرسي سلطة يتشبث بها أودنيا يصيبها أو إمرأة ينكحها ..!، فهو الطيب ولم يقل إلا الطيب ..! ، رجل خلوق صبور ، يتميز بدرجة عالية من التسامح والتصالح والعفو والمودة والعلم والكفاءة والأهلية ، إنها صفات مطلوبة أهلته لقيادة هذه المبادرة (نداء أهل السودان للوفاق الوطني) .
ولذلك ليس غريبا أن يرفض الشيخ الطيب تلكم الأصوات التي هتفت ضد أبناء الوطن المناوئين لنداء أهل السودان تنتقص من حق المقاطعين للمبادرة وهم الذين لم يكتب الله لهم اليوم شرف الحضور ، قال الشيخ (ستتواصل مساعينا مع الجميع .. فإن لم نتفق اليوم فسنتفق غدا ..!) .
إنها ثقة التوكل علي الله (ومن يتوكل علي الله فهو حسبه ..!) ، لم يغلق الشيخ الباب في وجه أبناء الوطن المقاطعين للمبادرة ، بل تركه مفتوحا أمام الجميع قائلا (الرجاء لا ينقطع ..!، عسي أن يلحق الله أبناء الوطن بالوفاق الوطني) .
وليس ذلك فحسب بل أضاف الشيخ الطيب الجد قائلا (حتى إن تحفظ هؤلاء أو عارضوا النداء فليس بيننا وبينهم إلا المودة في الوطن وإحترام حقهم في الإختلاف ..!)، لله درك ايها الشيخ الطيب .. إِذا كانَتِ النُفوسُ كِباراً تَعِبَت في مُرادِها الأَجسامُ ..!.
علي كل إنطلقت أمس السبت فعاليات نداء السودان للوفاق الوطني بمشاركة (120) حزب سياسي تجمعت في عدة كتل سياسية بجانب الطرق الصوفية والسلفيين ورجالات الدين المسيحي والإدارة الأهلية ومكونات مجتمعية للشباب والثوار والمرأة وحركات مسلحة بمختلف مناشطهم الثقافية والرياضية والفنية والمهنية ولكل منهم رؤية تقدم بها ، إنطلقت فعاليات المائدة المستديرة وسط حضور حاشد نوعي لأهل السودان رغم زحات المطر المتواصلة وصعوبة الحركة ، رغم كل ذلك لم يتخلفوا ، وبالتالي حق لنا أن نقول كل أبناء الوطن مشاركين في المبادرة إلا من أبا ..!، وهم قلة ولكنهم كثر في حق الوطن ولذلك يظل باب الأمل والعشم مفتوحا عسي ولعل أن يقذف الله علي قلوبهم حب الوطن ووحدة الصف بالإنضمام الي مائدة نداء الوطن .
سجل المجتمع الدولي والإقليمي من المنظمات والهيئات حضورا كبيرا بقيادة الإتحاد الأفريقي والإيقاد والإتحاد الأوربي حتي فولكر أوفد مساعدته وبالتالي لم يتخلف منهم أحد ، بجانب سفراء الدول الأجنبية والأفريقية والعربية بل الصديقة والأشقاء ، لم يتخلف منهم أحد إلا سفير دولة الإمارات المتحدة الشقيقة لشيئ في نفس يعقوب ..!.
بالطبع ليس الوجود الكبير للسفراء والبعثات والمنظمات والهيئات للمشاركة في جلسات الحوار ولكنهم ليشاهدوا بأم أعينهم تداعي أبناء السودان بمختلف توجهاتهم ومشاربهم لأجل نداء أهل السودان للوفاق الوطني (ليس من رأي كمن سمع) ، فالمطلوب منهم أن ينقلوا لبلدانهم ما شاهدوه ليعلم الجميع أن أهل السودان قادرون على إنقاذ بلادهم ولا يحتاجون إلا للتدخلات الموجبة للمساعدة وليست التدخلات السالبة عن طريق الإملاءات وفرق تسد بين أبناء الوطن الواحد .
وبذلك تكون قد دخلت المبادرة مرحلة الورش في شكل لجان أربعة (لجنة سياسية ، لجنة قضايا ونظام الحكم ، لجنة قضايا الإقتصاد ، لجنة الإنتخابات) ويتوقع أن تكون قد خلصت أمس مناقشاتها وسيتم رفعها اليوم للمائدة المستديرة للمناقشة المفتوحة ومن ثم التوصيات والتوافق على إعلان سياسي يعبر عن رؤية المشاركين ، ولكنها ستظل إلي في إنتظار من تخلفوا وقد أبدت بعض القوي السياسية موافقتها ولكنها تخلفت لأسباب خاصة بها في ظل مراجعات هنا وهناك ووساطات علها تجمع من تخلفوا من أبناء الوطن الي نداء أهل السودان للتوافق علي إدارة الفترة الإنتقالية لمدة عامين من خلال تكوين حكومة كفاءات وطنية مستقلة تعمل علي حفظ الأمن وإستقرار البلاد ومعاش الناس والتحضير للانتخابات .
أتفق المتحدثون جميعهم في مخاطباتهم مؤتمر المائدة المستديرة علي أن السودان يواجه أزمة سياسية وتحديات داخلية وإنقسامات حادة (سياسية ومجمعية وجهوية) كما يواجه تحديات وتدخلات خارجية وهو في مفترق طرق إما أن يكون أو لا يكون وبالتالي لابد من توافق أبنائه وبناته لأجل الوطن ، تماما كما أجمع المتحدثون علي ضرورة الحريات والسلام والعدالة ، وتوافقوا علي رفض التدخل الدولي في الشأن السوداني والوصايا الدولية علي قراره وسيادته الوطنية وكانت بذاتها رسالة مفهومة ولها مراميها وأبعادها إلتقطها الجميع .
بالطبع لا يعني ذلك أن هذه المجموعات المشاركة متفقون في أطروحاتهم جميعا بل تباينت في مطالبها من خلال كلماتها التي خاطبت بها المائدة المستديرة لا سيما بشأن مشاركة الجيش في إدارة الفترة الإنتقالية وقضايا العدالة الإنتقالية وإقصاء بعض المكونات دون أخري ولكن حتما يازول تلك التباينات بمزيد من التنازلات هنا وهناك .
علي أي حال دخلت مبادرة نداء أهل السودان للوفاق الوطني مرحلة النتائج حيث تتم اليوم تلاوة توصيات مداولات اللجان في قضايا (ترتيبات ومهام الفترة الانتقالية ، الاقتصاد ومعاش الناس ، الهوية ، السلام والعدالة) ومن ثم يتم الإعلان السياسي وكان يتوقع أن يدشن في تظاهرة كبري تستبق 15 أغسطس المهلة التي حددها قائد الجيش ولكن أعتقد سيتم تأجيلها لوقت لاحق قريب جدا لأسباب موضوعية لمزيد من التوافق .
علي كل الحل لقضايا الوطن ليست مهمة مستحيله وكل المطلوب تنازلات وتنازلات من هنا وهناك لأجل الوطن مثلما دعا القيادي بتحالف قحت المركزي إبراهيم الشيخ في تغريده له تفتح الطريق للحرية والسلام والعدالة والانتخابات وممارسة الديمقراطية .
الرادار .. الأحد 14 أغسطس 2020 .