أخر الأخبار

إبراهيم عربي يكتب : (مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية) … نظرية المؤامرة  ..!

 

كانت تستحق حكومتنا تحية وتعظيم سلام لو تمسكت بقرارها السيادي وكربت قاشها وأشهرت الكرت الأحمر في وجه أسياس أفورقي وقالت بصوت مسموع (لا .. أرعى بقيدك ..!) ، وكانت تستحق الثناء والتمجيد لو (صرفت بركاوي) للسفير الإرتري (رجل المخابرات) وبل طردته من البلاد ..!.
مع الأسف لم تعد تحركات السفير الإرتري بالخرطوم عيسي أحمد عيسي الذي عشعش في السودان وفرخ فيها طولا وعرضا ، لم تعد تحركاته سرا أو تحت جنح الظلام فقد ظل الرجل يقدم دعوته (علي عينك ياتاجر ..!) بكل ثقة وبإنتقائية لمن شاء من مكونات شرق السودان ويعرض عن من شاء للجلوس للرئيس أفورقي في أسمرا في خرق واضح للعهود والمواثيق والقوانين الدولية ..!، وقد حذرنا من الخطوة من قبل وقلنا مجرد التلويح بتقرير مصير الشرق تستوجب الوقوف بحذر وصلابة وقلنا أن أفورقي غير مؤتمن ولديه مخاوف ومطامع في الإقليم ..!.
بالطبع إرتريا لها أجندتها وليست مؤهلة لحلحلة قضايانا الداخلية وليس من حقها التدخل في الشؤون السودانية هكذا (لا يلدغ المؤمن من ذات الحجر مرتين ..!، لنا تجربة مؤسفة معها في العام 2006 إتفاقية الشرق عبر عملية مساومة من منظور أمني بحت فحدث ما حدث ..! ، ولكن لماذا صمتت الحكومة المركزية الآن إزاء كل هذه الإنتهاكات والتجاوزات وهي تنظر وترى ؟!، أم تمت تلك من تحت ضغوط ..؟! ولذلك تركت الحبل علي القارب هكذا ليقرر فيه أفورقي سيدا وحاكما وإن شاء منح الشرق مصيره كيفما شاء ومتي ما أراد ..!.
بكل حسرة وصل أهل السودان لمرحلة مؤسفة من التباعد والتشتت والخلافات وعدم قبول الآخر وبل غابت عنهم الروح الوطنية ، فاستغلها أصحاب الأجندات وتقاطعات المصالح ، فأصبحت بلادنا تعرض للسمسرة والبيع في وجه أهلها جهارا نهارا ، وليس ذلك بعيد عن تحركات السفراء في الخرطوم فأصبحوا يتدخلون في شؤوننا الداخلية من باب المساعدات والوساطات في خرق واضح للمواثيق والقوانين الدولية .
أعتقد ما حدث بالحدود بين الدولتين من منع لوفد مكونات شرق السودان العبور لداخل دولة إرتريا برا بهذه الطريقة الملتوية ليس عاديا ، ويؤكد أن في الأمر (إنة) ..!، وليست المشكلة في الجوازات أو البطاقات فحسب ، وربما رسالة ..!، ولكن بكل تأكيد تصبح مهزلة إن كانت حكومة السودان تعلم كل ذلك مسبقا ، وتكون مشكلة كبري إن كانت لا تعلم ..!.
وإلا كيف يصل الرئيس الإرتري أسياس أفورقي لهذه الدرجة من الجرأة من التدخل السافر في شؤون بلادنا الداخلية ليرعي مؤتمرا للقضايا المصيرية للشرق بدولته وكأن الإقليم يتبع له أرضا  وشعبا ، ولم نسمع مع الأسف من الحكومة السودانية ولا همسا ..!، وهل تقبل حكومة إرتريا من السودان أن يتدخل بذات الكيفية في شؤونها الداخلية المعقدة ..؟!.
فالتاريخ يعيد نفسه لذات مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية 1995 عندما دعت حكومة أفورقي قيادات سياسية ونقابية وعسكرية وشخصيات وطنية معارضة منضوبة تحت لواء (التجمع الوطني الديمقراطي) واعتقد تحت تنسيق ذات السفير وكان مؤتمر البجا المعارض عضوا تحت قيادة موسي محمد أحمد ويتزعمه اليوم أسامة سعيد وهبي رئيسا لمسار الشرق الذي تسبب في إشعال فتيل الأزمة من تحت لواء مسارات الجبهة  الثورية ، المهم كانت حصيلة المؤتمر الكارثة تقرير مصير جنوب السودان مما قاد لإنفصاله 2011 .
أعتقد منذ وقتها ظل التعامل بشأن العلاقات (السودانية – الإرترية) ملفا أمنيا في عهد النظام السابق وبالتالي أصبح ملف شرق السودان (ملفا أمنيا ..!) وتسيطر عليه الأجهزة الأمنية وتنفذه الولايات بالتعليمات والبصمة لا سيما ولاية كسلا ، بينما تعلم إرتريا ذلك فنقلت وتقلبت فأعادت سفيرها رجل المخابرات المتمرس للخرطوم من جديد ، وبالتالي تم إغلاق الحدود بين الدولتين تحت ذات المزاعم والهواجس الأمنية ، وربما تم منع وفد الشرق لذات الأسباب أمنيا وليس دبلوماسيا ..!.
من الملاحظ أن وفد الشرق مكان الدعوة شمل (75) قياديا بإنتقائية بينهم (10) من النظار وذلك يعني أن (8) من النظار بينهم ناظر الشكرية العميد معاش أحمد محمد حمد أبوسن ، تجاوزتهم دعوة أفورقي ، وربما غير مرغوب فيهم وهذا ما يفسر أن المؤتمر إقصائي وذو أجندة ليست في مصلحة إقليم الشرق وبالطبع ليست في مصلحة الوطن أرضا ومجتمعا .
إلا أن بعض الذين قدمت لهم الدعوة لم يحضروا ولم يعتذروا فلا أدري إن كانوا يعلمون تفاصيل ما حدث مسبقا أم لا ..؟! ولكن لماذا لم تتقصي هذه القيادات من السلطات السودانية لا سيما الولائية لتتحسس رؤاها قبل تحركها نحو الحدود لدولة أخرى ، ظلت مغلقة منذ العام 2018 وقد رفضت حكومة إرتريا فتحها رغم محاولات والي كسلا حينها آدم جماع وإعلانه فتحها من طرف واحد .
علي كل ماحدث ليس جيدا في حق هذه القيادات وفي حق أهل الإقليم والحكومة معا ، ويعتبر التدخل في قضية الشرق بهذه الطريقة السافرة كارثة وستحدث فتنة وشرخ كبير بين مكونات الشرق ،وبالتالي لابد من مبادرات وطنية للعقلاء من قيادات الإقليم لعقد مؤتمر جامع لمكونات الشرق المجتمعية والأهلية والسياسية بداخل البلاد تقدم فيه التنازلات للإتفاق خيرا لأهل الإقليم ولأجل الوطن ..!.
الرادار .. السبت السيادي من أغسطس 2022 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى