نص خطبة الجمعة الموحدة لإقليم النيل الأزرق

بسم الله الرحمن الرحيم
إقليم النيل الازرق
وزارة الرعاية والتنميةالاجتماعية
مجلس الشئوون الدينية والأوقاف والحج والعمرة
خطبة الجمعة الموحدة بالإقليم 2022/7/22

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن والاه،
اللهم ياجليلا ليس في الكون قهرا لغيرة وياجليلا ليس في الكون يدا لسواه ولااله الا إياه بحق الطواسين والحواميم والقافات والسبع المنجيات وال يس واخواتيم ال عمران ان تنور قلوبنا أفرادا وكيانا رجلا ونساءا لنصرة الدين ونجدة الوطن
(حتي إذا اسيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا فجاءهم نصرنا فنجي من يشاء ولا يرد بأسنا عن القوم الكافرين )

يقول ﷻ : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ، واحِدَةٍ، وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا ونِسَاءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1].
ونظر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة وخاطبها قائلاً: ” ما أطيبك وما أطيب ريحك ما أعظمك وما أعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أشد حرمةً منك).

أيها الأحباب

* الإسلام أكد على وحدة الأصل الإنساني فكل الناس لآدم وآدم خُلِق من تراب (إنَّ اللهَ أذهب عنكم عبيَّةَ الجاهليَّةِ وفخرَها بالآباءِ. إنَّما هو مؤمنٌ تقيٌّ، وفاجرٌ شقيٌّ، النَّاسُ بنو آدمَ، وآدمُ خُلِق من ترابٍ) تمسكوا بالأصل الواحد – في كل شيء- ودعوا الفروع، فستجدون أنكم لآدم، وآدم من تراب، وأنكم لله، وأنتم إليه راجعون.

* التنوع القبلي واللغوي واللوني آية من آيات الله تعالى ولا يجوز اتخاذه سبيلاً للتعالي والتفاضل بين الناس قال تعالى ( ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين) الجاهلون فقط هم من يغفلون عن حقيقة أن التنوع آية ربانية من آيات الله تعالى كخلق السموات والأرض وسياق الآية يُشير إلى ذلك.

أيها الأحباب

* إن المقصود من التنوع في الألوان واللغات والقبائل إنما لتحقيق التعارف بين الناس (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) فالفيصل في التمييز بين الناس عند الله هي التقوى وليس الحسب والنسب والعرق.

* الإنسان في الإسلام مكرم لمجرد آدميته غض النظر عن دينه أو عرقه أو لغته ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا).

* المؤمنون إخوة ولا يجوز هدم هذه الأُخوة باعتبارات قبلية جاهلية (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) فهدم الأخوة الإيمانية يوجب رفع الرحمة الربانية.

* دم المسلمين محرم كحرمة الكعبة ولا يجوز إراقته بغير حق بل إن زوال الدنيا بأسرها أهونُ عند الله من قتل امريٍ مسلم قال صلى الله عليه وسلم: ( لزوال الدنيا بأسرها أهونُ عند الله من قتل امريٍ مسلم).

إن القتال بين المسلمين ليس فيه منتصر بل المنتصر فيه مهزوم لأنه خسر الدنيا والآخرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار قالوا يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال: لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه).
وإذا كان الإسلام قد حرَّم على المسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ فكيف بقتاله!.

أيها الأحباب

يجب أن نعلم أن آخر وصايا النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع في عرفات ( لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض) ( أيها الناس إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرامٌ كحرمة يوم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا).
ويجب أن نعلم أن من أخاف مسلماً كان حقاً على الله ألا يؤمنه من أفزاع يوم القيامة، ومن أشار إلى أخيه المسلم بحديدة لعنته الملائكة قال صلى الله عليه وسلم: (مَن أشارَ إلى أخِيهِ بحَدِيدَةٍ، فإنَّ المَلائِكَةَ تَلْعَنُهُ، حتَّى يَدَعَهُ، وإنْ كانَ أخاهُ لأَبِيهِ وأُمِّهِ).

وعلينا جميعاً أن تتحلى بضبط النفس وعدم الاعتداء على الأشخاص بناءً على قبائلهم أو ألوانهم فهذه عادة جاهلية هدمها الإسلام وأحل محلها الأخوة الإيمانية قال تعالي ( يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرةّ من النار فأنقذكم منها).

استغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين.

الخطبة الثانية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله وعلى آله وصحبه أجمعين

قال تعالى :(( لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)).

أيها الأحباب
أول ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة بناء المسجد، وبعد أن شيد مسجده صلى الله عليه وسلم آخى بين الأنصار ” الأوس والخزرج” وبين المهاجرين والأنصار ثم بعد ذلك وضع صحيفة المدينة لتعزيز أسس العيش المشترك بين جميع مكوناتها.

أيها الأحباب

ينبغي على عقلاء المجتمع والدعاة والمصلحين أن يبادروا إلى احتواء الأحداث بالصلح، والصلحُ خير قال تعالي (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).

أيها الأحباب

إن الوطن ملك لكل أبنائه بغض النظر عن خلفياتهم الإثنية أو الدينية، والحقوق والواجبات تكتسب على أساس المواطنة، وحقوق جميع المواطنين متساوية بنص الدستور، في السكن والتنقل والتملك وشغل الوظيفة وكل حقوق المواطنة فلا يجوز لأي شخص أن يعتدي على حق غيره ويجرده من حقوق المواطنة.
ومهما حدث من اختلاف بين الناس حول القضايا فإن الآليات السلمية كفيلة بمعالجتها.

أيها الأحباب
نناشد جميع الخيرين من أشخاص ومنظمات بتقديم المساعدات للمتضررين وإيواء الفارين من جحيم الحرب وتضميد الجراحات تأكيداً على الأخوة الإنسانية والإيمانية والتكافل الاجتماعي والتراحم بين المؤمنين الذي حث عليه ديننا الحنيف ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

قال تعالى (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا). وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : (لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً).وعليه :-
اولا : نترحم على من فقدناهم ونسأل الله لهم القبول ولاسرهم الصبر الجميل
ثانيا : نناشد أطراف النزاع بتحكيم صوت العقل لدرأ الفتنة واخمادها
ثالثا : نناشد حكومة الاقليم والأجهزة الأمنية بحماية الأرواح والأملاك.
رابعا : نطالب الأجهزة العدلية بإجراء تحقيق شفاف وكشف الحقائق وتقديم المتورطين للعدالة.
خامسا : نناشد الحكومة و المنظمات والمجتمع الأهلي بتوفير احتياجات النازحين والمتضررين.
سادسا : نناشد الشباب والعقلاء بمحاربة خطاب الكراهية.
سابعا : علي الأئمة والدعاة وأهل التصوف الدعوة الي سماحة الدين الإسلامي .
ثامنا : علي كل اهلنا بالإقليم نبذ خطاب الكراهية والعنف والمحافظة على اللحمة الوطنية والتعايش في إخاء .
صديق يوسف محمداحمد
رئيس مجلس الشئون الدينية والأوقاف والحج والعمرة بالإقليم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى