دكتور عبدالناصر سلم يكتب : السودان إلى أين في ظل تعنت المواقف السياسية؟

كبير الباحثين فوكس للدراسات السويد

يعيش السودان أوضاع استثنائية منذ نجاح الثورة في اقتلاع حكومة الإنقاذ بقيادة الرئيس السابق عمر البشير الذي امضي أكثر من ٣٠ عاما من الحكم كان الجميع يظن أن هذه الأوضاع الاستثنائية ستنتهي عقب التوقيع علي الدستور الإنتقالي والأتفاق بين العسكر والمدنيين وتكوين مجلس سيادة مشترك وجهاز تنفيذي بقيادة رئيس الوزراء السابق د. عبد الله حمدوك لكن الأوضاع تدهورت بين الطرفين ولجأ رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان إلى مااعتبره قرارات تصحيح في ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١ وعدها البعض إنقلاب اندلعت علي اثرها احتجاجات شعبية ولكن سرعان ما تم اتفاق جديد بين البرهان وحمدوك لكنة لم يصمد طويلا وعادت البلاد مرة آخري إلى حالة عدم الأستقرار الأمني والسياسي مع نزيف اقتصادي مستمر لازم الفترة الإنتقالية منذ ايامها الأولي.

والآن الوضع ينذر بشرر وخطر محدق بالبلاد في ظل سقوط قتلي وجرحي وانتشار خطاب الكراهية بين القوى السياسية والناشطين بل حتي المواطنين في مواقع التواصل الإجتماعي بصورة لم تحدث في تاريخ السودان وصلت لدرجة تخوين الأجهزة الأمنية ومحاولة خلق فتنة بينها البعض يعتقد أن الهجوم علي المؤسسة العسكرية الجيش والدعم السريع والشرطة سيشفي قليلة فيما يعتقد انه يرد لها الصاع باعتبار أنها انقلبت علي الحكومة وايضا لازالت الحملات الممنهجة ضد قوات الدعم السريع مستمرة من يقومون بهذه الحملات في الواقع ينتظرون الحريق الذي سيقضي علي الوطن وكما يقول المثل السوداني (من فش غبينتو خرب مدينتو) هذا الخراب سيكون في شكل حرب لاتبقي ولاتذر وقودها المواطن بصورة مباشرة وغير مباشرة في الأرواح والممتلكات والمعاش ليست هنالك دولة في العالم تعول علي حل مشكلتها بتفكيك اجهزتها الأمنية من أجل مكاسب سياسية ستذهب هدرا ادراج الرياح لجهة أن أي سلطة سياسية تحتاج إلى قوة عسكرية وأمنية لتحميها .

الواقع يقول ان إخراج المؤسسة العسكرية من الحياة السياسية بهذه الطريقة وفق اللاءات الثلاثة المرفوعة من الشارع والقوى السياسية حل ( صفري ) وربما ادني من الصفر بالسالب في فترة إنتقالية تتطلب مشاركة الجميع خاصة وان المؤسسة العسكرية والدعم السريع كانا جزء من التغيير الذي حدث .

ونتسأل ماذا تستفيد هذه القوى السياسية الراغبة في الأنفراد بالحكم اذا حكمت البلاد وخلقت اشكالية أمنية وسياسية تهدد وجود الدولة السودانية نفسها التي تعاني من إشكاليات يعلمها القاصي والداني في الشرق والغرب والجنوب هل العودة للحرب وإلغاء اتفاقية السلام مثلا حل يمكن أن يقبله منطق وعقل مهما كانت هذه الإتفاقية معيبة هل من الأفضل اصلاحها أم الغاؤها اذا افترضنا أن هذا حدث ستجد الحكومة الجديدة نفسها أمام مأزق اكثر خطورة ربما يهداء الشارع الثوري ولكن ماذا ستفعل الحركات المسلحة الموقعه علي السلام وايضا هنالك الشارع الآخر الرافض لهذا الحراك الثوري سيتحول إلي معارضة في الشارع اذا ستجد الحكومة الجديدة نفسها امام جهات مدنية معارضة ومسلحة.

الحديث عن جر البلاد للمجهول في ظل التعنت الحالي للشارع والأحزاب السياسية ليس وقوفا مع المؤسسة العسكرية الجيش والدعم السريع ضد أحد بقدر ماهو قراءة للواقع وتحذير من تجارب دول الجوار العراق وسوريا وليبيا وخاصة الاخيرة التي عادت فيها الفوضي بعد فشل المكونات في الوفاق وتأجيل الأنتخابات والسودان ليس بعيد بل ان بذور الشقاق في السودان اكبر ربما تنمو وتنفجر في أي لحظة.

ولكن رغم ذلك نقول الجميع يتحمل المسؤولية فيما يحدث من تدهور بدرجات متفاوتة الأحزاب السياسية الحركات المسلحة المؤسسة العسكرية.

نعتقد أن الحل لهذه القضية الشائكة يكمن في توافق وطني شامل بين الأحزاب السياسية يعبر بالبلاد إلى بر الأمان وصولا للانتخابات أو أنتخابات مبكرة حتي لو كانت رئاسية فقط تنهي حالة الأحتقان السياسي ويعود من خلالها الجيش لممارسة مهامة المختلفة وحماية الدستور والديمقراطية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى