الناظر لقضية الحرب في (جنوب كردفان والنيل الأزرق) يجدهما جاءتا ذات خصوصية ضمن إتفاقية السلام الشامل نيفاشا 2005 وكذلك إتفاق- الجبهة الثورية (مسار المنطقتين) بجوبا 2020 وبالطبع لا يقتصر ذلك علي المنطقتين لوحدهما فحسب ولكن بكل تأكيد لهما خصوصية ويفترض أن يكونا ذو حظوظ أكبر لا سيما وأن الحرب إندلعت في (جنوب كردفان والنيل الأزرق) معا بسبب مظالم تاريخية وخدمية وتنموية .
إذا من حق جلاب أن يكون له نصيب مثل مالك عقار وبثينة دينار وأحمد العمدة وجميع رفاقهم ، وليس إقصاءه والتضيق عليه وإجباره علي مغادرة الحركة بعيدا لا سيما وأن جلاب دخل الحركة الشعبية الأم وهو ملازم أول خريج الكلية الحربية السودانية لخدمة قضية أهله وهو سابق للكثيرين من قيادات الحركة الشعبية – شمال التي سيطرت علي مقاليد السلطة هكذا (سمبلة) ..!.
ولكن لا يمنع ذلك أن يجد ياسر عرمان وسلوي آدم بنية ومحمد يوسف أحمد المصطفي ومحمد جلال هاشم ورفاقهم من غير أبناء المنطقتين حقوقهم كاملة داخل الحركة الشعبية – شمال بإعتبارها حركة قومية جاءت في إطار خصوصية المنطقتين ، ولكن لا يعني ذلك أن يكون لهؤلاء حق الوصايا والسيطرة علي مقاليد السلطة وإقصاء وتهميش أبناء جنوب كردفان والنيل الأزرق والتنكر لقضاياهم ومطالب وحقوق أهاليهم التاريخية بالمنطقتين ..!.
علي كل اعتقد خلافات الحركة الشعبية – شمال بكل أجنحتها خلافات دستورية هيكلية مفقودة وصراع علي كرسي السلطة لتحقيق مكاسب وأطماع ذاتية ، ولذلك لابد من قيام مؤتمر عام دستوري لإكساب الحركة شرعيتها وهذا مالم يتم منذ 2011 حتي الآن وبالتالي كان كل ذلك سببا في إنشقاقات الحركة الشعبية – شمال لأكثر من (6) أجنحة في جنوب كردفان ومثلها في النيل الأزرق .
إذا لابد من حلول جذرية لمعالجة وضعية الحركة الشعبية في السودان ، ولا يتم ذلك دون أن ترفع الحركة الشعبية الأم بدولة جنوب السودان يدها وأبوتها كاملة عن الحركة الشعبية – شمال نهائيا وبشكل جاد وذلك عبر فك إرتباطها فعليا بقضايا جنوب كردفان والنيل الأزرق ، عسكريا بحل وضعية الفرقتين التاسعة والعاشرة في الجيش الشعبي ذراعها العسكري وسياسيا أيضا كما ذكرنا آنفا ، وبل مساعدتها بلا أجندة خاصة وفي ذلك مطلوب دعم المجمتعين الدولي والإقليمي أقلاها جمع مؤسسو الحركة الشعبية – شمال وقادتها (تلفون كوكو الذي يتخذ من جوبا نشاطا سياسيا وربما عسكريا ومقرا له ، دانيال كودي الذي يتخذ من الخرطوم نشاطا ومقرا له ، وكذلك مالك عقار المحتمي بالقصر عضوا بالمجلس السيادي الإنتقالي ، والحلو المحتمي بجيشه بمقره بكاودا ويقود قتالا مسلحا ضد الحكومة) والآخرين من القيادات الذين تفرقت بهم السبل مع وضد والواقفين علي الرصيف ، إذا أمكن جمع كل هؤلاء معا علي طاولة واحدة للخروج برؤية لأجل وحدة الحركة ورتق فتقها وجمع كافة الحركات المتشظية وإن دعا الحال تقديم المؤسسين (الأربعة) إستقالاتهم لإتاحة الفرصة للمؤتمر ليختار من يأنس فيه الكفاءة والأهلية لأجل القضية ويمكن أيضا لأي منهم أن تطرح فيه الثقة من جديد حسب رؤية المؤتمرين لأجل المصلحة العامة ..!.
ولكن أعتقد الخيار الأمثل فصل الحركة الشعبية – شمال (المنطقتين) نهائيا ليصبحا الحركة الشعبية جنوب كردفان والحركة الشعبية النيل الأزرق ،لإختلاف الرؤي بينهما حول فلسفة السودان الجديد والتي قادت للمفاصلة ، ولتحقيق ذلك يجب أن يجلس أبناء جنوب كردفان سياسيين وعسكريين بدون عزل لأحد بالحركة والجيش الشعبي في طاولة واحدة للإتفاق فيما بينهم حول رؤية واحدة ، كما هو مطلوب من أبناء النيل الأزرق في الحركة والجيش الشعبي ذات المسار ، فإن شاءوا جميعا توحيد الحركة الشعبية برؤية واحدة في إطار خصوصية المنطقتين (جنوب كردفان والنيل الارزق) فلا بأس وإن شاءوا منفصلتين فذلك خيارهم ، وعلي الآخرين دونهم إحترام خيارات أبناء المنطقتين وعليهم تحديد خياراتهم ..!.
ولكن بالطبع الخيار أعلاه لا يتأتي دون جهود كبيرة مطلوبة بدعم المجتمع الإقليمي والدولي تشارك فيه حكومتي السودان ودولة جنوب السودان بجدية وبلا أجندة لفك (الشربكة) التي جعلت القائد جوزيف توكا وعبد الله أوجلان ورفاقهم بقواتهم يتقاتلون مع عبد العزيز الحلو من جهة وتلك التي جعلت إسماعيل جلاب وبثينة دينار ورفاقهم مع مالك عقار من جهة أخري ، وآخرين منهم من شق طريقه بعيدا منشقا أو مغاضبا ..!.
علي العموم وفقا لتلكم المعطيات أعلاها فإن مبادرة شمس الدين كباشي لرتق فتق الحركة الشعبية نظرة وطنية ثاقبة لرجل مسؤول وهو عضو مجلس السيادة الإنتقالي ومسؤول ملف المنطقتين وهو من القيادات العسكرية العليا للقوات المسلحة وهو إبن جنوب كردفان التي لازال أهلها يعانون الحرب ويطأون جمر القضية فأصبحت أرضهم محرقة وساحة للمعركة ومكانا لتصفية الخصوم والأجندات وتقاطعات المصالح ..!.
الرادار .. الأحد 19 يونيو 2022 .