الدكتور عبد الله بن عيسى البطيان يكتب : الكتابة القصصية وفنية المضمون

 

للكتابة القصصية منحى فني قد يتجاوز في شكله السرد رغم أنه كذلك إلا أن إتقان رسم النص فنيًا يقودنا بشكل كبير أن نتعدى فكرة السطحية في عالم المحكيات والمرويات والمشافهات الخاصة بالتسليمة والمسامرة؛ لتتكون لدينا صورة من النمط الاجتماعي المحاك تأطيره في باب إسقاط فني مفيد كرسالة توجيهية بشكل مؤثر دون الوقوع في المباشرة، وكذلك رفع قيمة الأدب الذوقي لأسلوب الصياغة وطراز المعنى.

يقول د. حسين المناصرة قسم اللغة العربية وآدابها في كلية الآداب التابعة لجامعة الملك سعود في كتابه الجدار والإنسان قراءات في ثقافة القصة القصيرة وجمالياتها الباب الثاني مقاربات في مجموعات قصصية صـ ١٢٧ـ : مجموعة القصص القصيرة مثل الديوان الشعري؛ تتفتح فيها مجموعة من المضامين، التي لابد أن تتشكل – في المحصلة- نسقًا رؤيويًا في حقل الوعي الذي يشغل تفكير القاص أو القاصة.

ولعل أهم منتج مضموني في حقل الوعي (…) هو تلكم القضايا المحورية التي تدور في سياق إشكالية معاناة المرأة، والموقف من الآخر ( الرجل)، والعلاقة بالمكان ( القرية والمدينة)، وتوظيف الخبرات الشعبية والخرافية، والاهتمام بنوعية المعلومة القائمة على المفارقات والغرائبية، واللجوء في أحيان كثيرة إلى التعبير الفلسفي التأملي في مقابل الاحتفاء بلقطة السخرية، وكذلك الاهتمام بزمني الطفولة والشيخوخة في مواجهة العالم المتطور.

يضاف إلى ذلك حرص القاصة الشديد على تشكيل حكاية كل قصة في ثوب فني يحمل تشكيلات تعبيرية، تجعل من قصصها خطابًا له طابع الصدمة، والحرص على التكثيف، والاحتفاء بالإيقاعات الشعرية.. كان هذا ما كتبه عن فنية المضمون قراءة في مجموعة “عفوًا لازلت أحلم” لنورة الغامدي.

ذات القدر ناحية المضمون وتتشكل جوانب فنية بقيم أعلى في تحريك المخيلة وإشعارك بالواقعية عند لغة الأنا في المدرسة الأحسائية للقصة وحين نأخذ أ. حسين العلي “ابوتركي” مثالًا في مجموعته “أخاف من مريم” حين يقف على فنيات المضمون وهذا ما وجدناه في أعماله ( الآن، سفر المرايا) وكذلك في ما جمع من ملتقى السرد في أصوات قصصية أحسائية وروايته العاري؛ لتكون المدرسة الأحسائية ذات مضمون فني بلغة الأنا الترميزية.

Exit mobile version