بروفيسور إبراهيم محمد آدم يكتب: السيد والي الخرطوم : هل يجوز بيع الخضروات في المراحيض

عنوان المقال أعلاه يذكرني بمقال كتبه الصحفي قرشي عوض قبل سنوات وهو يصف انفجار الصرف الصحي في وسط الخرطوم قائلاً هل تجوز الصلاة في مدينة من (الـ ………….) ؟  وعندما تم تعيين السيد أحمد عثمان حمزة والياً مكلفاً على الخرطوم استبشر كثيرون ممن يعرفونه خيراً ، أما أنا فلم استبشر فما تعودت أن أخوض مع الخائضين ولم  أتشاءم لأنني ببساطة لا أعرف تاريخه المهني من قبل، ولكنى دعوت له بالتوفيق، فالخرطوم هي عبارة عن سودان مصغر، ولكن شواهد عمله فيما بعد أثبتت صدق دوافع المستبشرين، فنجح في مجالات عديدة ونسأل الله له القبول ، رغم أن الحكومة أصلاً انتقالية مؤقتة ثم زادت قصر مهمتها  كيل بعير عندما أعلن أن كل الجهاز القائم على أمر الدولة حالياً يعمل بالتكليف لحين تشكيل حكومة متراضى عليها من قبل ساستنا الذين يقضون جل أوقاتهم هذه الأيام مع فولكر لتأمين حظهم من الكراسي ودون ذلك لا  يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب.
ما أعجبني من نجاحات يتضمن صيانة بعض الطرق التي افتقدت ذلك لسنوات ثلاث والحملة الأمنية المشتركة التي نفذتها الولاية بالتنسيق مع المنطقة العسكرية المركزية ورئاسة قوات الشرطة وشرطة الولاية والأجهزة النظامية الأخرى وطالت مناطق في غرب الحارات بأم درمان ومنطقة بحري ومناطق مايو ومانديلا في الخرطوم
غير أني اليوم أرشح للسيد الوالي المكلف مكاناً آخر أجدر بالاهتمام بعد مكافحة عصابات تسعة طويلة وهو السوق المركزي للخضر والفواكه بجنوب الخرطوم فهذا السوق هو أقذر مكان يمكن تخيله في الولاية  ولأننا لا نريد أن نزعج السيد الوالي بالاقتراب من الأماكن القذرة ندعوه فقط لصعود الكبري الذي يعلو نفق السوق المركزي مع محاولة التنفس من هناك دون حتى أن يفتح نوافذ العربة، وأتمنى ألا يصاب هو ومن معه بغثيان أو اختناق لأن الروائح النتنة تصل حتى الأجواء في المناطق المحيطة بالسوق المركزي وربما لو استخدم سيادته طائرة صغيرة وطاف عدة كيلومترات حول المنطقة لاشتم ذات الروائح فالمنطقة تلك موبوءة بمثلث الروائح الكريهة فشمالها يقع هذا السوق ذو الرائحة العجيبة وغربها ينافسه سوق السمك المركزي في استثارة الرثاء والغثيان وجنوبها يقع المنبع الأخطر بحيرة  الصرف الصحي لكل الولاية والتي يصل مداها جنوباً حتى مخطط العودة السكني.
هذا السوق يا سيادة الوالي كما تعلمون هو الأول في طرح إنتاج الخضروات والفواكه الصادرة والواردة من وإلى السودان والعالم ولكن العمل فيه يشبه بيع الخضروات داخل مراحيض، فهو يعاني من أبسط الخدمات المتعلقة بسلامة البيئة ونظافتها حيث يتم فرش الخضروات والفواكه في ذات المنطقة التي يتبول ويتغوط فيها بعض الناس بسبب سوء الفهم وقلة الحمامات العامة وانعدام الرقابة من قبل إدارة السوق، وفي ذات الوقت تجد مياه الصرف الصحي تحاصر الفريشة من كل مكان والمواطنون المغلوبون( والمقلوبون) على أمرهم يشترون من هذه الخضروات والروائح النتنة تضايق كل من يدخل السوق قاصداً أو عابراً براً أو جواً، بل إن أكبر تجمع للصلاة والذي يقع بجانب الكوبري تحاصره ذات الروائح فتضايق الناس حتى في خشوعهم للصلاة،وفي داخل هذا السوق توجد مستوطنات بشرية عشوائية تشبه أحياء سويتو أيام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا كما وصفها الان بيتون في رواية أبكي يا وطني الحبيب.
 أما الشوارع المحيطة بذلك السوق فقد امتلأت تماماً بأماكن البيع العشوائية مما ولد معاناة حقيقية للعابرين ومكاناً مناسباً للنشل والسرقات. إن المشكلات البيئية التي يولدها هذا السوق لجد خطيرة أولها انتشار أمراض مثل الملاريا والدوسنتاريا والتيفويد والسل وغيرها عداً عن تأثيره على وجه العاصمة الحضاري وأرجو أن يكون هذا بمثابة نداء مني كمواطن وأملي أن يجد الإجابة بمعالجة عاجلة لأمر هذا السوق الذي هو وصمة عار في جبين كل السودان أمام العالم الذي نتعامل معه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى