ابراهيم عربي يكتب : (كرتي) … ظهور له ما بعده ..!

بلاشك إنه حديث مهم للأمين العام المكلف للحركة الإسلامية الشيخ علي كرتي كما سماه الزميل الطاهر حسن التوم مضيفه عبر ST وقناة طيبة ، أو كما أسماه آخرون المجاهد أو الأستاذ ، اللقاء جاء في وقت مهم عقب (ثلاثة) سنوات إختفي فيها الرجل عن الأنظار ولم نجد إلا بياناته وشذرات من أعماله ، لحظات إختلط فيها الحابل بالنابل ، فظهور الرجل القديم بثوب جديد في هذا التوقيت حتما له مابعده . 
لا ندري إن كان غياب كرتي قسريا أم تكتيكيا ، لاسيما وإن الرجل إعترف بأخطاء قيادية كان يجب مراجعتها، وأنه كان يتوقع التغيير ولكن ليست بتلك الصورة المفاجئة ومن قبل اللجنة الأمنية التي إئتمنها الرئيس البشير ، بينما كان وقتها كرتي خارج دائرة القيادة لأكثر من (4) سنوات .
جاء ظهور كرتي في وقت قد تشهد الساحة الكثير من التقلبات ، فشكل الظهور إزعاجا وإرباكا وتشويشا لمكونات قحت ، فشكل لها ناقوس خطر علي مستقبلها الذي لازالت تحلم به بدعم من فولكر وجماعات تقاطعات المصالح ، غير أن كرتي بذاته قد طالته سهام الإتهامات من قبل نفر من إخوته بإنه وراء ماحدث في البلاد في أبريل 2019 سويا مع بلدياته صلاح قوش وكذلك إتهامات من قبل قحت بإنه خلف قرارات 25 إكتوبر 2021 ، غير أن كرتي نفاها جملة وتفصيلا ولكنه أيضا لم ينفي من خلال بعض الإيحاءات ميوله أو تماهية مع العسكر لا سيما مع المؤسسة العسكرية التي لم يمسها برشاش الحديث ، غير مفرق بينها وقيادتها ، ولذلك أصبح اللقاء حديث الساعة بلا منازع ، إستخدم فيه الرجل المكر والدهاء والكثير من الخبرة والدربة والحنكة السياسية ،  وبل اصبح الشغل الشاغل للناس علي كافة مستوياتهم مع أو ضد .
المفاجأة أن اللقاء مع علي كرتي حقق أرقاما قياسية ، عشرات الملايين من المشاهدات في أقل من (24) ساعة وملايين من المشاركات وعشرات الآلاف من التعليقات ولازال ..! ، قطعا لم يأتي ذلك من فراغ ، فقد كان الرجل حاضر البديهة بعيدا عن سياسة التشفي والحماسة والإنفعالات ، ولذلك خرج اللقاء جادا متزنا في خطابه ومهما مبسطا في لغتة ، جاء في وقته وحقق أغراضه معرفيا وإعلاميا وسياسيا .
بكل تأكيد نجح الزميل الطاهر حسن التوم العائد للوطن من تركيا بعد غربة قسرية ، منتزعا إفادات مهمة من ضيفه الذي ظل مختفيا عن الأنظار أكثر من (ثلاثة) سنوات ، فحالة الضيف الصحية تدل فعلا أنه غير مرتاح وبل كان يحمل هموما عظيمة ولكنها ليست جديدة عليه فقد ظل الرجل يحملها باكرا منذ تاسيس الدفاع الشعبي وكان تنفيذيا لا يشق له غبار وله كثير من الإنجازات والإسهامات والمهام الخاصة . 
إختفي كرتي وقد طالته كثير من سهام الإتهامات لا سيما الخيانة والغدر بإخوانه والزج بهم في السجون سويا مع صلاح قوش (الأمريكي) مهندس الهبوط الناعم الذي يتخذ من القاهرة مقرا له ،ولذلك ظل كرتي حتي قبيل لحظات من لقائه متهما ومجرد خائن للحزب والحركة والوطن وقد إفتقد تعاطف إخوانه وأصدقائه قبل أعدائه ، فكان اللقاء حقا مفاجأة للساحة ونصرا للأستاذ علي كرتي .
فاللقاء كان هادئا ومرتبا إستخدم فيه الزميل الطاهر حسن التوم عصارة خبرته الطويلة مكتسحا به الساحة مقدما لقاء لا يمل الناس من مشاهدته مرات ومرات وقد تسمر الجميع خلف الشاشات ساعتها لمشاهدة اللقاء ، وبالطبع حققت من خلاله قناة طيبة أرقاما في المشاهدة لم تحققه طوال مسيرتها ، فاللقاء كان فيه نوعا من الذكاء والحس الأمني والبعد الإسترتيجي والرؤية المستقبلية الثاقبة ، فقد كان لقاء شاملا في رسائله الدقيقة والتي وضعت بعناية وخبرة وموضوعية لكل الناس ولم يستثني أحدا .
اللقاء ازاح بلا شك الكثير من الغبار العالق حول مستقبل الحركة الإسلامية وعلاقاتها مع رصيفاتها تمددا وانكماشا وهي حركة مجتمع فيها من الثوابت المتجذرة التي تجعلها الأكثر إطمئنانا علي مستقبلها وليس كما طالب الحلو بذبحها أو كما ذهب وزير عدل قحت مدعيا (أن السودان ليست به ثوابت ..!) ، وبل أكد اللقاء أن كرتي أهل لقيادة الحركة الإسلامية في تحالفاتها مع التيار الإسلامي العريض بدلا من هذه الإنقسامات والكويمات التي جعلتها لقمة سائغة يتخطفها الأعداء ، ولذلك نحسب أن اللقاء جاء في وقت مطلوب لترتيب الأوراق والأولويات .
من الواضح أن الحركة الإسلامية قد تعلمت الكثير من خلاها تجربتها السابقة في الحكم ومن خلال تربص العالم بها وإخواتها بالداخل والخارج لن تشفع لها فكرة (المعارضة المساندة) ولذلك أعتقد أنها أحكمت مراجعاتها كحركة مجتمع وستنفتح عليه بعيدا عن الحزب ، مثلما أكد كرتي قائلا (الحركة لن تبقى كما كانت عليه قبل 11 أبريل ..!)، وأضاف أنها لن تقبل الظلم الذي لحق بها وبحزبها المؤتمر الوطني من إجراءات غير قانونية أبطلت الحزب والحركة وصادرت أصولهما وممتلكاتهما ، مؤكد أن للحركة الحق في إعادة نفسها والمشاركة في الانتخابات المقبلة .
الرادار … السبت 28 مايو 2022 .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى