
لا ادري ماذا تفعل جيوش المستشارين الرسميين والمتطوعين الذين يتحلقون حول الفريق اول محمد حمدان دقلو حميدتي ، فالرجل يستحق
ان يتامل هذه الايام مقولة ( اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب) .. ويحتاج ان يعي تماما المعنى السامي للجملة الفقهية نبيلة المقاصد (السر في محل السر والجهر في محل الجهر)..
استمرا الفريق حميدتي ان يرتكب هذه الايام (فاولات) داخل الصندوق استحقت حصوله علي كثير من البطاقات الملونة وخصمت من صدارته لمشهد سياسي مكث فيه طويلا وفي احلك الظروف والملمات التي هددت بقاء الكثيرين في ذاكرة الاحداث..
لا ادري كيف استساغ مستشارو حميدتي الصبر علي خطاب الرجل المنفلت خلال الفترة الماضية ولماذا لم يذكروه بان لسانه حصانه…للاسف الشديد تحول حميدتي الي نسر كاسر بعد ان رفرفت علي كتفيه حماىم سلام اصبح عرابه .. وانتقل من حكيم يسعي الي جمع الناس الي سياسي يستعدى الاخرين رغم عدم وجود اي سبب يدعوه الي ذلك.
حينما كانت الساحة محتقنة ومعباة بالبارود كان حميدتي ينزع فتيل الازمات ويلقي علي الساحة خطابا ملؤه الرحمة وسداته الحكمة، وحينما انفتحت الساحة وزال (الغبش) وتلاشت خطوط المواجهة وازف اوان انتهاء المعارك اصبح خطاب حميدتي عدوانيا وشرسا ،، وصار ينطق بحديث يستعدي عليه اخرين كان بالامكان ان يامن شرهم ويستدني خيرهم بدلا عن كسب عداوتهم بلا سبب…
لم يكن حميدتي موفقا علي الاطلاق في هجومه علي الاسلاميين وانتياشه لحواضن الانقاذ وقواعدها الشعبية بخطاب لم يكن مضطرا لقوله..
في احد خطاباته في رمضان استكثر حميدتي علي الاسلاميين ان يكونوا ( منعنشين) بعد ان قال القضاء كلمته في قياداتهم وتم الافراج عنهم .. قالها وكانما عني في ذلك قول الحجاج مع التصرف ( اني ارى رؤوسا قد نعنشت وحان قطافها واني لصاحبها) .
ولست ادري علي وجه التحديد ماذا يضير حميدتي اذا انتعش الاسلامبون الذين شكلت قواعدهم حواصن ناضجة لمشروع حميدتي السياسي ومازال عدد كبير من كوادرهم جزءا من دائرة حميدتي ..
في افطار اخر انتقد “حميدتي” (مَن حكموا السودان ثلاثين عاماً باسم الدين وعجزوا حتى عن توفير الماء لساكني الخرطوم، على الرغم من وجود نيلين، وقال: “الدين بريء منهم، لأن الدين وفاء وإخلاص وليس مجرد حديث وشعارات”.)
هذا حديث لا يليق بالقائد حميدتي الذيى يحكم الخرطوم الان باخلاق الهامش وسجايا (اولاد البلد) وقد كان يتعين عليه ان يحفظ علي الاقل حق( الملح والملاح)، من يهاجمهم حميدتي اليوم ارضاء لاطراف معلومة في معادلة الصراع السياسي هم حلفاء الامس الذين جعلوا له مقاما يتحلق حوله الناس …
وبعيدا عن كل هذا لا اعتقد ان من مصلحة حميدتي صاحب المشروع السياسي والنزعة نحو الحكم استعداء الاسلاميين الذين يشكلون تيارا لا يستهان به في الساحة السياسية ..كان بالامكان احداث اي نوع من التقارب يحفظ علي الاقل شعرة معاوية ويمكن الحانبين من التمدد في مساحات المناخ السباسى القادم .
في تصريح غريب اخر قال حميدتي (إنّ أهل الشمال تعرّضوا للظلم مثلما تعرّضت باقي أقاليم السودان، لافتاً إلى أنه عند زيارته لولايتي نهر النيل والشمالية، رأي ظلماً واضحاً على الولايتين من حيث الخدمات والتنمية.
وأضاف: إن مَن حكموا السودان من أبناء الولايتين تكسّبوا لأنفسهم أكثر من أن يفيدوا أهلهم).
استعدى حميدتي النخب الشمالية وكان بامكانه ان يكسبهم اذا قال بانهم كانوا قوميين وعملوا لكل الوطن ولم يستاثروا بميزات السلطة لانفسهم او لخاصتهم .. وهذه هي الحقيقة، يعلم القاصي والداني ان الرؤساء الذين ينتمون للشمالية ونهر النيل من لدن الفريق ابراهيم عبود والمشير جعفر نميري وحتي المشير عمر البشير لم يقدموا شيئا لاوطانهم الصغيرة ولكنهم بذلوا لكل السودان ولم تثبت عليهم المحاكم اية شبهة قساد او استغلال للنفوذ .
وان كان انتقاد حميدتي لكل هؤلاء علي خلفية قطوعات المياه فلابد من تذكير الجنرال حميدتي بانه الراعي المسؤول القائم علي امر الناس وان محاولة القاء اللائمة علي الحكومات السابقة لن يغفر لحكومة يمثل فيها حمبدتي الرحل الثاني ما يحدث من تقصير الان .
حتي تصريحات حميد تي في افطار الاعلاميين وكشفه عن ميوله الرياضي للهلال قبل ان يتراجع ويؤكد انه افقدته جمهور القمة في وقت تتساءل فيه الاوساط عن تقديم حميدتي لعروض كثيرة لفريق المريخ..
لن ننكر علي حميدتي حقه في الحديث والتصريح ولكن نرى ان تكون مؤسسة علي خلفية تراعي حساسية المواقف ومدى مواءمتها لحرارة الطقس السياسي..لا اعتقد ان من مصلحة حميدتي استعداء اي طرف في الملعب السياسي , الرجل صاحب مشروع يتطلب منه ان يتريث كثيرا قبل الهجوم علي الاخرين كما ان الساحة لا تنقصها التصريحات الملتهبة والمواقف الحادة بل يلزمها زعماءيقودونها نحو النور…
ليس مطلوبا من حميدتي ان يتحدث في السياسة عقب كل افطار خلال الشهر الكريم ..وان كان لابد ففي حديث الخير والايمان والتسامح متسع يا سعادة الجنرال…