
على الرغم من التخبط السياسي الذي تعيشه ليبيا بعد فشل إجراء الإنتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر الماضي، وتعدد الحكومات في البلاد، تستمر الأزمة الرئيسية التي يواجهها الشعب الليبي ألا وهي تواجد الميليشيات والمرتزقة داخل الأراضي الليبية من ذلك في العاصمة طرابلس.
حيث أنه ومع وجود خلافات حادة ما بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة حول القاعدة الدستورية والتي بدونها لايمكن إجراء إنتخابات برلمانية ورئاسية، ناهيك عن الخلاف على رئاسة الحكومة المستمر منذ مطلع مارس الماضي مابين حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة وحكومة الإستقرار برئاسة فتحي باشاغا، وجدت الميليشيات الظروف المناسبة لتكثيف جهودها وتوسيع نفوذها داخل الأراضي الليبية.
فمنذ مطلع شهر أبريل الجاري إزدادت الأنباء حول ما تقوم به الميليشيات من عمليات تخريب ونهب وسرقة في المنطقة الغربية ناهيك عن الإشتباكات المسلحة المُتكررة بين الميليشيات خلافاً على مناطق النفوذ والسيطرة.
حيث تداولت وسائل الإعلام ما دار من إشتباكات مُسلحة مطلع الشهر الجاري بين مجموعتين مسلحتين في وسط العاصمة الليبية طرابلس. وبحسب التقارير فإن الإشتباكات دارت بإستخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة بين ميليشيا النواصي وميليشيات تابعة لغنيوة الككلي، قرب مبنى الإدارة الجوازات في شارع الصريم.
وفي يوم الثلاثاء الماضي وقعت إشتباكات في مدينة زليتن شرقي طرابلس بين أجهزة أمنية تابعة لوزارة داخلية حكومة الوحدة الوطنية وجماعات مُسلحة أسفرت عن إصابة عدد من أفراد الجهاز الأمني وتضرر عدد من سيارات الشرطة.
وبحسب المراقبيين للمشهد السياسي الليبي، تشهد مناطق غرب ليبيا خاصة العاصمة طرابلس توتراً أمنياً ملحوظاً وحشود عسكرية وأخرى مقابلة من الجماعات المسلحة، بعد إعلان رئيس حكومة تسيير الأعمال المنتهية ولايته عبدالحميد الدبيبة تمسكه بالسلطة ورفضه تسليمها للحكومة الجديدة برئاسة فتحي باشاغا الذي نال ثقة مجلس النواب.
المحلل السياسي الإيطالي دانييلي روفينيتي قال إن ليبيا تعيش مرحلة حرجة نتيجة الجمود الذي تشهده مؤسساتها منذ أسابيع، وإن طرابلس وصلت من جديد إلى ما أسماه بنقطة حرجة بعد أن عادت الإشتباكات المسلحة إليها مؤخراً، وهي تعد بمثابة جرس إنذار، مبدياً تخوفه من أن تتجه الأوضاع في ليبيا نحو الحرب.
وأضاف المحلل الإيطالي أن سبب هذه الفوضى الأمنية هو عناد رئيس حكومة الوحدة الوطنية، كما كشف عن وجود مفاوضات سواء على المستوى المحلي أو الدولي، من أجل إقناع رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة بترك السلطة والتسليم لرئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا، والسماح له بدخول العاصمة طرابلس من دون قوة، معتبراً أن هناك إجماعاً متزايداً على باشاغا نتيجة الأزمة الاقتصادية التي بدأت بالظهور على السطح مؤخراً، خاصة بعد أن ضيّق مصرف ليبيا المركزي مالياً على الدبيبة، لانعدام الثقة السياسية.
وفي السياق ذاته وصف المحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل، الميليشيات بأنها المشكلة الأولى أمام ليبيا للعودة إلى دولة كاملة السيادة تحتكر السلاح، مشدّداً على أن الميليشيات تخوض مواجهات بصفة مستمرّة بحثاً عن بسط نفوذها على مساحة أكبر من الأرض، بغرض تحقيق مصالحها عبر إبتزاز المواطنين ومؤسسات عامة وخاصة وهو ما يُهدد أمن وسلامة المواطنيين ويُزيح من على الطاولة فكرة إجراء إنتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة في أقرب وقت ممكن.