نقاط الضوء في المشهد اليمني المعتم

رصد الحاكم نيوز

على مدى سبع سنوات مضت، كانت الفوضى وحدها المسيطرة على المشهد في معظم المحافظات اليمنية. غيبت الحرب التي تشهدها البلاد للسنة الثامنة على التوالي بين الحكومة اليمنية والحوثيين المدعومين من إيران، كافة مظاهر الحياة.

ولم تجد مختلف المحافظات اليمنية طريقًا إلى الهدوء والاستقرار، وظلت تعيش في دوامة الاقتتال المسلح، كنتاج طبيعي للتدمير الممنهج الذي تعرضت له مؤسسات الدولة سيما في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، وأخذت تتوسع لاحقًا، إلى بعض المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية كمحافظة تعز على سبيل المثال لا الحصر.

بعبارة أخرى، تحولت هذه المحافظات إلى أماكن طاردة للحياة، فر منها الآلاف من السكان متجهين إلى محافظات كانت أكثر أمانًا، أعنى هنا، عدن المعلنة عاصمة مؤقتة للبلاد، وغادر إليها التجار ورؤوس الأموال الفارين من الجبايات المفروضة عليهم، والجمارك المضاعفة، وغياب الآمن الذي يوفر مناخ الاستثمار وازدهاره.

كانت عدن اكثر المحافظات اليمنية التي كافحت لتجاوز آثار الحرب والعودة للحياة. المدينة التي تحررت من الحوثيين على يد قوات المقاومة الجنوبية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، تمكنت سريعًا من استعادة عافيتها وكانت موطنًا لملايين اليمنيين الباحثين عن الأمان والحرية والاستقرار، تمامًا كما كانت موطنًا لرؤوس أموال المستثمرين اليمنيين الذين وجدوا فيها المكان الآمن للبيئة الاستثمارية.

وبين عدن وصنعاء في الأثناء تبدوا الحياة مختلفة كليًا، في الأولى لا تنام الأسواق والمراكز التجارية، والأسواق تعج بالآلاف من المرتادين إليها، وكذلك المنتزهات والحياة فيها مستقرة، بينما تعيش الثانية أي صنعاء شبه مشلولة، أقرب إلى الموت من الحياة، يتكبد فيها السكان سلسلة من الأزمات التي لا تنتهي، ولم يتسلم الموظفون فيها رواتبهم منذ أكثر من ستة أعوام، في الوقت الذي يجني الحوثيون أكثر من تريلوني ريال يمني من إيرادات الضرائب والجبايات والجمارك.

يحظر السؤال هنا، لماذا نجحت مدينة عدن، وفشلت بقية المحافظات اليمنية الأخرى؟ هي أسباب كثيرة، في المقدمة تأتي حالة الانسجام التي تسود في مؤسسات الدولة بمدينة عدن، مضاف إلى ذلك أنه لم تنشغل المنظومتان الأمنية والعسكرية في هذه المدينة في السباق للسيطرة على مؤسسات الدولة الإيرادية وتحويل هذه المؤسسات إلى إقطاعيات خاصة، بينما عاشت صنعاء في حالة سباق محموم بين القيادات الحوثية للسيطرة على المؤسسات الإيراداية كمؤسسات الجمارك والضرائب، واتجهت هذه القيادات إلى واحدة من الأسباب التي فاقمت معاناة المواطنين، فعلى سبيل المثال، تقف قيادات حوثية تسيطر عليها سوق المشتقات النفطية وراء أزمة المشتقات النفطية المتوالية في تلك المحافظات بما فيها صنعاء، من أجل إنعاش السوق السوداء التي تدر مليارات الريالات إلى خزائن جماعة الحوثي شهريًا.

وحتى اللحظة، لا توحي المؤشرات على قرب انفراجه في صنعاء وبقية المحافظات التي تسيطر عليها قوات الحوثيين، تمضى الجماعة إلى اختلاق الذرائع لافتعال الأزمات، وتقمع كل صوت ينادي بإصلاح الوضع في تلك المحافظات والتخفيف من معاناة المواطنين حتى ولو في الحد الأدنى، ما يعني عمليا استمرار التدهور والفوضى والمعاناة التي قد تمضى نحو مزيدٍ من التفاقم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى