عبد الماجد عبد الحميد : أنس ….. السخرية وابتسامة الداخل الندبة لا تفارقه

• ولأن السخرية وابتسامة الداخل النديّة لاتفارقه حتي في أحلك المواقف وأصعب الظروف فقد أعاد لي الحبيب أنس عمر طيفاً من ذكريات أيام ومواقف عصيبة لم أجده خلالها إلا مبتسماً ومسلِماً بأمر الله ومطمئناً إلي تصاريف أقدار الله المكتوبة في الأزل ..
• قبل بدء جلسة اليوم بمعهد التدريب القضائي ، ألقيت عليه وعلي بقية إخوانه التحية والسلام من بعيد تقديراً للضوابط الصارمة التي فرضتها قاعة المحكمة ..ومع ذلك أشار إليّ أن أحضر إليه خلف أسوار القفص الذي يجلس خلفه الأنقياء الأتقياء من إخوانه الذين وضعتهم تصاريف الأيام في خانة المتهمين ..
• عندما وصلت إليه احتضنني بمودة أعرفها وتحية يعرفها عنه كل من عايشه وأكرمه الله بالقرب منه ..
• سألني ساخراً: إنت يا أخوي خايف يعفصوك معانا في القفص دة ولاشنو ..تعال النسلّم عليك ..ثم قلدني علي طريقته الخاصة ولم يترك يدي حتي صافحت بقية إخوانه في القفص واحداً ..واحداً ..
• قبل أن أغادر سياج القفص ناداني أنس عمر وبسخريته اللّاذعة قال لي: هاك القلم دة هدية مني دعماً للمجهود الحربي !! ثم حكي لي موقفاً له ذات متحرك مع الشهيد علي عبد الفتاح والذي أهدي أنس كما حكي لي (معجون أسنان ممصور) وقال له : دة يا أنس دعماً مني ليك للمجهود الحربي !!
• أحد صحفيي قناة الجزيرة والذي تابع الحوار الفكاهي بيني وأنس كان مندهشاً لطريقة أنس العفوية في التعامل في ظرف بالغ التعقيد ..
• قلت له : هذه طريقته في الحياة منذ عرفناه ..ضارب الهم بالفاقة !!
• طلب مني الأخ الصحفي بقناة الجزيرة القلم الذي أهداني له أنس ..أهديته له وأنا أعلم أنها من الهداية التي لاتُقدر بثمن وكنت أود أن أضعه في ركن خاص بمكتبتي المنزلية جنباً إلي جنب القلم الذي أهداني له القائد والرمز مهاتير محمد باني نهضة ماليزيا والذي أكرمني بتوقيع علي كتاب مذكراته الشخصية ثم سلّمني قلم التوقيع وأوصاني بابتسامة : حافظ علي هذا القلم !!
• عندما كان القاضي يتلو قراره التاريخي تابعت أنس داخل القفص..وجدته هادئاً كأنه كان يعلم بقرار براءته !!
• وعندما أعلن القاضي قرار البراءة خرج أنس لتحية وسلام كل الذين تنادوا لشهود قرار البراءة ..
• خارج قاعة المحكمة كانت جموع أهله في قرية الطيارة تنتظره بالدموع وأصوات التكبير والتهليل ..اليوم ولأول مرة وجدت الأخ نزار محمد توم يذرف الدموع ..فقد جاءت اللحظة التي انتظرها وأهله طويلاً ..
• لم أجد في حياتي قوماً يسخرون في وجه الصعاب ويستقبلون النوازل بالصبر الجميل كما يفعل أهل قرية الطيارة الطيبون ..قابلت الحاجة سميرة والدة زوجة الأخ أنس ..سألتني وهي تبتسم : إنت يا عبدالماجد ولدي ناس المحكمة ديل دايرننا نعمل معاهم سُواة أبوي مع الناس الحرقوا ليهو قطنو في الحواشات ؟!
• سألتها وقد أخذ مني الضحك أقطار القلب ..أبوك عمل شنو يا حاجة سميرة ؟!
• قالت الحاجة سميرة إن أباها ذهب إلي منازل وقطاطي الذين أحرقوا قطنه وأحرقها بيتاً بيتاً وقطية قطية ..(عدّما نفّاخ النار) علي قولها ..ومنطقه في ذلك إنه لايريد أن يتطاول الوقت وتطول جلسات المحاكمة وقرار القاضي بالتأجيل مرة بعد مرة ..فقرر والد الحاجة سميرة أن ينتظر جلسات المحكمة بالنجيضة وقد أخذ حقه !!
• كانت الحاجة سميرة تعبر عن نفاد صبرها علي تطاول جلسات ابنها أنس الذي ينتظر جلسة أخري يوم الأحد القادم لتكتمل صفحات كتاب براءة أنس عمر وآخرين ..ولنبدأ معه جلسات الحكي والضحك من جوة القلب بين الخرطوم وقرية الطيارة جنوب ولاية الجزيرة ..
• أخي أنس حمداً لله علي سلامتك ..
• وللحكاية رتوش ..وتفاصيل ..
• (الصورة من داخل قاعة المحكمة عقب قرار البراءة).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى