من أعلى المنصة _ ياسر الفادني – لمتين وراك سفر الشقا ؟

الكنت قايلوا فات زمان ….رجعتو بي طعم الغنا كلمات عجيبة صاغها الشاعر الراحل المقيم تاج السر عبد القادر ، ولعل الشطر الثاني من البيت أعلاه هو رجع الصدي وهي حالة عجيبة عندما ينطقها الشاعر لا ينطقها بسهولة إلا بعد أن يصل مرحلة متقدمة من الحزن والذكري ولعل رجع الصدي يمثل للشاعر شريط ذكريات يمر علي اخيلته ببطء وليس بسرعة ، إنها الحركة البطيئة التي تترسخ في الذهن ومن ثم القلب وهي جملة لا يعرف معناها ومبناها إلا الذين يقرضون الشعر بمداد من انفعالات داخلية تترجم إلي كلمات يكتبها بقلم من لون الحسرة وطعم الغصة وانثيال الألم

تاج السر عبد القادر له طريقة عجيبة في إطلاق النبض الشعري ، يلعب بالكلمات لعب الرسام الذي يعشق الألوان المتناسقة برع في إختيار الكلمات التي اختارها بكل براعة وتمحيص وتدقيق مثل كلمة( هومت) التي اتخذت شكل الدندنة ، والجمال العجيب وضعه في سويداء قلبه نغما يجسد صورة المحبوب كاعظم شييء يراه :
أحلام صباي والذكريات
هومت بي بالدندنة
اتاري في جواي نغم
وهنا القليب بيدق هنا

شاعرنا تمرد علي الحياة التي عاشها والتي تغير فيها كل الناس إلا نفسه التي عبر عنها بصدق أنه باقي كما هو شاعر نحرير يكتب الكلمة الصادقة ويلتزم ما يكتب لأنها ترجمة لما ما يدور في خلده من احساس حقيقي لا يتغير أبدا مهما طغي عليه الزمان وتجبر وهو كما هو… لا تصيبه التعرية العاطفية ولا تؤثر عليه المناخات القاسية مثل صيف الفراق الحار أو شتاء الشوق القارس وهنا أبقى علي ربيعه القلبي الذي يحب ويعشق ، تاج السر استعمل نبض التحريك المحسوس لتدق وتر حساسا في نفس المستمع مثل أطياف هواي الليلة جات وادخل عليها صفة الملهوف ويا له من الق ، استعمل إشارة التشبيه العجيبة حينما وصف الخريف بأن له خطوط ، هنا صور وجسد نفسه في هذا البديع اللفظي
ناسي الزمان اتغيرو
لكني ماتغيرت أنا
أطياف هواي
الليلة جات….تسأل علي ملهوفة كيف؟
أجمل صور عبر الخيال
مرسومة في خطوط الحروف…

في هذه القصيدة أظهر الشاعر حالة اللوعة والشوق بكاءا ووجعا وحسرة علي قلبه الضعيف مع اجتراره للذكري التي فيها زمن جميل تعود عليه ..وهو طلات الصباح وغزل عفيف وصف فيه جمال المحبوب باستحياء وخجل
ياوجعة الزول اليتيم
ياحسرة القلب الرهيف
ياحليلا طلات الصباح
طي العوينات الشفيف

ختم الشاعر الشفيف حسا والمبدع نظما والصادق نبضا الشاعر تاج السر عبد القادر بالرضاء علي قسم له لكن بث فيه روح الشكوي العنيفة التي عبر فيها عن الكتمان والحبس مجبرا مع أسئلة حائرة يريد لها إجابة وشبهها بالدين الذي عجز عن سداده
مكتوب علي سفر الشجون
شوق الحنين ولوعة حزين
مكتومة في أعماقي انااا
محبوسة في دموع العيون
لمتين وراك سفر الشقا….قول لي متين لي متين يكون؟
كأني مديون للعذاب…ودفع سنين من عمري دين…

الله الله علي هذا النبض العجيب، الله الله علي هذه الكلمات التي تدخل الأعماق بدون إذن ولا تطرق الأبواب بل تتغلغل بكل سهولة وتجلس قي اريكة القلب وتترسخ فيه ، هذه الكلمات لحنها الفنان خوجلي هاشم وابدع في لحنها بما يشبه موسيقي هذه الكلمات الراقية …

اغنية الفات زمان أداها الاسطورة الغنائية الراحل المقيم محمود عبد العزيز فريد زمانه ومابعده والخالد في قلوبنا شكلا وفنا وجمالا، ألا رحمهما الله…. الشاعر والمؤدي وهذان الرقمان لن يتكررا ، ادامهما الله مع الخالدين عنده إنه رحيم غفور .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى