من أعلي المنصة – ياسر الفادني – إنتخابات رئاسية هل يفعلها البرهان ؟

الذي يقرأ الوضع السياسي بتروي وعين فاحصة وتحليل دقيق يري أنه من الصعب قيام إنتخابات كاملة بشكلها المعروف نسبة للتعقيدات التي تشوب المشهد السياسي المتشظي في منظره والمرض السياسي والإقتصادي الذي أصابه و الذي صعب تطبيبه وعجز كل أطباء السياسة والعسكر من إيجاد فحوصات له وعجزوا عن تدوين روشتة للعلاج حتي الآن

تبقت سنة وعدة أشهر قليلة من عمر الفترة الإنتقالية ولا أحد يتحدث عن الإنتخابات حتي الحكومة الحالية لا تعطي هذا المستحق حقه في الشروع المبدئي فيه ولعلها انشغلت بأمور صعبة كل يوم تزداد صعوبة و هذا الأمر جعلها لا تعطي مساحة لكيف تقوم الانتخابات

لا أعتقد أن الأحزاب الآن جاهزة لخوض الإنتخابات ، الأحزاب التي شاركت في الحكومة الإنتقالية لاوجود لها في القواعد الجماهيرية ، هذه الأحزاب تحمل صفة كرتون المضمون السياسي واللافتات المضيئة التي نراها في أبواب مقارها الفارهة فقط ،لعل هذه الاحزاب أولا تريد أن تفيق من غمرة الفشل الذي طال الحكم المدني في الفترة الانتقالية والذي تعترف به سرا …لكن تنكره جهرا

حزب الأمة الذي ظل فترات من الزمان يعاني من الانشطارات السياسية التي انسلخت منه هنا وهناك وظهرت مسميات كثيرة لحزب الأمة لكن كل اسم له (ريس ) مختلف ! ، ولعل حزب الأمة والذي يسمي بالأصل نال لحمة سمينة في حكومة حمدوك لكن الآن ذهب الشحم الذي بين اللحم والعظم اولا ومن ثم ذهب اللحم وصار عظما ، حزب الأمة تم اختراقه بكوادر لا خبرة سياسية لها الآن أصبحت هي التي تسير أمره وقد فقد كثير من مريديه واتباعه خاصة بعد أن لبس قميص فشل إلحكومة المدنية بقيادة حمدوك

حزب المؤتمر الوطني المحلول بلا شك أن هذا الحزب كان له قاعدة عريضة لكن بسبب التضييق الذي حدث لقيادته والذين الآن بعضهم في السجن أثر ذلك في تكبيل نشاطه وجعلتهم يعملون في الخفاء ، قاعدته موجودة لكنها خاملة وتحتاج إلي تنشيط ونفض الغبار الذي علق عليها ، ولعل الظروف السياسية السابقة اقعدته وإلي الآن لازال الطريق في نشاطه محفوف بالمخاطر لانه لازال محظورا ، والدليل علي ذلك كلمة( إلا) التي قالها (فولكر ) ورددها البرهان قبل يومين ، هو يعمل لكن بحذر ولازالت مقراته ليس له يد فيها لأنها تم التغول عليها من قبل بعض الجهات لذا لا يستطيع أن يعمل بكامل نشاطه لمقعدات لم تزلل بعد وحتي أن زالت كل هذه الكوابح يحتاج إلي عمل مضني يكلفه وقت وجهد للجاهزية لخوض إنتخابات

الإنتخابات الشاملة التي تحدثت عنها الوثيقة الدستورية تحتاج إلي عمل قبلي مكثف من المفترض أن يبدأ منذ تكوين حكومة حمدوك ولكن لم يتم ذلك ، الإنتخابات الشاملة تتطلب تكوين مفوضية للإنتخابات من المفترض أن تتكون وتباشر عملها منذ سنتين ولكن هذا لم يتم وإلي الآن ، الانتخابات تحتاج إلي حصر سكاني جديد آخر إحصاء تم قبل عشر سنوات ويحتاج إلي تحديث وهذا لعمري يحتاج إلي دعم خارجي ضخم الدعم الداخلي وحده لا يمكن له أن يساعد في إنجاح مهمة الاخصاء السكاني

الانتخابات تحتاج إلي ميزانية ضخمة ولا أعتقد أن الوضع الإقتصادي الماثل إلان ولا القادم يكون فيه تقدم اقتصادي للظروف السياسية المعقدة التي تواجه البلاد وكل مرة تسير إلي الأسوأ ..

لكل هذه الاسباب أعتقد أن قيام انتخابات تشارك فيها كل الأحزاب السياسية أمر صعب جدا وليس فيه جاهزية لا الأحزاب جاهزة ولا الحكومة جاهزة لتنفيذ هذا المستحق ، وأعتقد ان البديل للخروح من هذا المعترك وهذه الأزمة هي الإنتخابات الرئاسية فيمكن أن تقوم بالمعطيات الموجودة وإلا كل مرة نتنقل من حقبة سياسية إلي أخري دون هدف ودون وضع ديمقراطي ينشد ، فهل يفعلها البرهان ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى