حملة تضامن واسعة تطلقها مبادرة تحالف قانونيون وإعلاميون ومبدعون للدفــاع عن أحمد هارون(5- 5)


نداء عاجل : أطلقوا سراح هارون (5 – 5)
لا للإنتهاك الممنهج للقانون .. لا لقتل العدالة ..!
بمناسبة إنتهاء ألفية أولى لإعتقال مولانا أحمد هارون (1030) يوم من الإعتقال بدء من (11 أبريل 2019 وحتي اليوم 3 فبراير 2022م)  دون أسباب قانونية كافية ، وبالنظر الي العيوب الجوهرية التي صاحبت ذلك الإعتقال ، وللقلق العميق الذي إعترانا جميعاً من جراء تلك الانتهاكات الجسيمة للقانون بحقه ، فقد تداعي العديد من زملاء مولانا هارون الذين تزاملوا معه في دراسة الحقوق بالجامعة والقضائية والمحاماة والأجهزة العدلية الأخرى وأجهزه إنفاذ القانون ، وشمل ذلك التجمع قضاة سابقون ومستشارون سابقون بوزارة العدل والنائب العام وأساتذة قانون بالجامعات ، وقادة وضباط شرطة سابقون لتنسيق تحرك قانوني جماعي لوقف ذلك الإنتهاك الممنهج للقانون بحق مولانا هارون ، وقد تدافع إعلاميون مهتمون بذات الأمر ، ومبدعون من تشكللين وكتاب وروائيين وشعراء ومصورين ممن كانوا شهودا علي لوحة بناء السلام التي أنجزها مولانا هارون مع رفيقه السابق (الحلو) بجنوب كردفان ، وأولئك الذين قدموا مساهمات مبدعة أسهمت في بناء وجدان جماعي لملحمة نفير شمال كردفان وإتفق الجميع علي أهمية بناء حملة تضامن واسعة مع هذه القضية بتكوين مبادرة (تحالف قانونيون وإعلاميون ومبدعون للدفاع عن مولانا / أحمد محمد هارون) ، وستطلق المبادرة موقعاً إلكترونياً للتضامن والإنضمام لهذا التحالف الذي سيكون مفتوحاً لمشاركة الجميع ، غايته أن نري هارون طليقاً ، وأن تتحقق العدالة في سموات هذا الوطن الجدير بها .
نكمل في هذه الحلقة (الأخيرة) ما انقطع في الحلقة السابقة (الرابعة) . 
18 – سؤال آخر عملي يطرح نفسه بقوة وإلحاح فى ثنايا ذلك ، هل الحرب التى شهدتها دارفور فى العام 2003م كانت حرباً عبثية أشعلتها الحكومة ضد مواطنيها ؟! ، أم أن التمرد الذي قادته الحركات المتمردة هو من بادر بإشعال الحرب ؟! ، وهل يعتبر ما قاموا به مشروعاً (حمل السلاح والتمرد ضد السلطة نتيجة موقف سياسي أو مطالب ؟) إن كان المقصود هو شرعنة تلك الحرب فإن تلك الحرب ستلد أخرى ، فهل هذه نتيجة مقصودة لذاتها ؟!.
وهل الحرب (مائدة طعام) على جهات الإدعاء أن تختار منها ما يناسبها من وقائع وأحداث وأشخاص وتغض الطرف عن المتبقى ؟ ! .
تكشف الخبرة الدولية فى هذا المجال أن المحاكم الدولية التى نشأت عقب حروب دولية أو داخلية وهى :
1/ محكمة نورمبيرغ لمحاكمة قادة ألمانيا عقب هزيمة ألمانيا بواسطة الحلفاء فى الحرب العالمية الثانية وأصدر قائد قوات الحلفاء أمراً بتشكيل تلك المحكمة .
2/ محكمة طوكيو عقب إنتهاء الحرب العالمية الثانية وكانت على غرار محكمة نورمبيرغ . 
3/ محكمة يوغسلافيا السابقة ضد قادة الصرب تمت عقب إنتصار قوات الناتو والأمم المتحدة على الجيش الصربي .
فهل يا ترى كان الوضع الذي شهده السودان مماثلاً لذلك ، وهل يمكننا الإعتراف على أى نحو أن إتفاق جوبا للسلام مع بعض الحركات المتمردة كان إتفاق إستسلام لجيشنا الوطني ؟ ! ، وهل يكفى ما قام به السيد رئيس مجلس السيادة من إصداره لقرار يمنح الحصانة من الملاحقة القضائية لنفسه ولبعض القادة من الجيش والحركات المسلحة من أى أفعال جراء تلك الحرب كغطاء قانوني يسدل الستار على كل تلك الأحداث والتى حتماً لم تكن (تمريناً تعبوياً بالذخيرة الحية من جانب واحد) كما يصف العسكريون تمريناتهم ومناوراتهم الحربية !؟.
لم تكشف لنا الخبرة الإنسانية لمختلف شعوب العالم أن حرباً أنتهت فى منصات القضاء ، إلا تلك التى ألحق أحد الأطراف الهزيمة الساحقة والماحقة بالطرف الآخر ، كما حدث من خلال الأمثلة السابق الإشارة إليها .
المنشور القضائي رقم (5)  الصادر من رئيس القضاء فى القرن الماضي نظم طريقة محاكمة النزاعات متعددة الأطراف (النزاعات القبلية الواسعة) وقرر محاكمة الطرفين كفريقين متماثلين فى المسئولية ..! ، وهذا قياس بالطبع مع الفارق ولكنه يمكنه أن يُلقي الضوء على كيفية الوصول إلى أفضل الحلول العدلية فى بعض النزاعات المعقدة .
لا ننوى تقديم دفاع (هروبي) من أى مسئولية جنائية قد تكن قد نشأت خلال تلك الحرب ، ويكشف سلوك السلطة القائمة وقتئذ عن أنها قامت بتكوين لجنة تقصى حقائق برئاسة مولانا/ دفع الله الحاج يوسف رئيس القضاء الأسبق وعدد من الرموز الوطنية المؤهلة الذين لا تقدح فى نزاهتهم قادحة ، وأتبعت ذلك بتكوين لجنة تحقيق قضائية برئاسة مولانا محمد عبد الرحيم على قاضي المحكمة العليا وعدد من القضاة والمستشارين وضباط الشرطة ، وأنشأت مكتباً خاصاً للإدعاء (مكتب مدعى جرائم دارفور) ، للنظر فى أى ظلامات نشأت من خلال تلك الحرب ، وأتبعته بالعديد من المحاكم الخاصة التابعة للسلطة القضائية للنظر فى الدعاوى التى يحيلها مكتب مدعي جرائم دارفور ، الذي عُين فيه عدداً من كبار مستشاري وزارة العدل حينئذ ..! ، بيد أن المعضلة الحقيقية كانت هى هل يُساق للعدالة من هو موجود طرف الجانب الحكومى فقط ويترك أمر من هو فى جانب التمرد ؟، بإعتبار أن المتمردين هم خارج سيطرة الحكومة وفى حرب معها ، أليس فى ذلك مدعاة لرفع السلاح والتمرد على الدولة لتكون حرب الكل ضد الكل ؟، والآن بإتفاق جوبا فى هذه الجزئية فهل يعتبر ذلك الأتفاق فى حكم محكمتي نورمبيرغ وطوكيو ؟! ، وهل يا ترى سيكون قرار رئيس مجلس السيادة بتحصين نفسه وآخرين من الملاحقة القضائية هو القرار النهائي والسارى للأبد (لا تُنبئنا خبرة التاريخ السوداني بذلك) .
19 – يكشف سلوك السلطة الحاكمة عن إستغلالها البشع للإجراءات الجنائية للنيل من خصومها ، أو من ترى أن وجودهم بالسجن قد يحقق لها بعض المكاسب ، وإسكات بعض الأصوات ، فقد سعت هذه السلطة فى أغسطس 2019م لإلغاء المواد التى تبيح الإعتقال التحفظي فى قانون جهاز الأمن الوطني والمخابرات ، سعياً لتحقيق كسب سياسي ، ولكنها عمدت إلى إستغلال الإجراءات الجنائية كبديل لتلك المواد ، لا شك أن سماح الأجهزة العدلية للسلطة بهذا الإستغلال ، سيضرب وفى العمق مبدأ العدالة فى مقتل ، من الأفضل دوماً وفى مصلحة الجميع أن تكون الأجهزة العدلية بمنأى عن الصراع السياسي دعك من أن تكون إحدى أدواته ، إننا نستصرخ الضمير المهني العدلي لأجهزة العدالة لإيقاف ذلك العبث ، وعلى السلطة الحاكمة أن تبحث عما يحقق أمنها بعيداً عن الإستغلال السيئ للإجراءات العدلية وفقاً لمبدأ أن من يطلب العدالة عليه أن يأتيها بأيدي نظيفة وأنه لا يمكنك أكل الكيكة والإحتفاظ بها فى ذات الوقت ، لقد عرف السودان ومنذ فترة الإستعمار القوانين الإستثنائية ، التى تُتيح سلطة الإعتقال التحفظي للحكومة تجاه من تعتقد بضرورة الإبقاء عليهم رهن الإعتقال ، فكان قانون مكافحة النشاط الهدام فى الحقبة الإستعمارية وأول العهد الوطني ، وتلاه قانون الدفاع عن السودان خلال حقبة الرئيس عبود ثم جاء قانون أمن الدولة إبان العهد المايوي ، وقانون أمن السودان فى عهد الحزبية الثالثة وإنتهاءاً بقوانين الأمن المختلفة إبان عهد الإنقاذ.
وها هي الدول الغربية نفسها وعقب أحداث الحادى عشر من سبتمبر تلجأ لتشريع الكثير من القوانين ، وفى سبيل تصديها للإرهاب تلجأ للقوانين الإستثنائية التى تمكنها من الإعتقال التحفظي .
فى قضيتنا هذه لا نحسب أن السلطة القائمة تسعى لإحقاق الحق وإرساء العدل فهذا واضح من سلوكها ، ولا نعتقد بجديتها فى إنهاء نزاع دارفور على منصات القضاء ، ولعل من مفارقات الأقدار أن قيادة السلطة الحاكمة الآن وفى مختلف مراحل تقلباتها بدءً من اللجنة الأمنية العليا والمجالس العسكرية التى تشكلت منذ إنقلابها فى 11 أبريل 2019م هم أنفسهم مُخططي وقادة تلك الحرب ..! ولحق بهم مشاركاً فى تلك السلطة من كانوا على الجانب الآخر من تلك الحرب من قادة الحركات المتمردة ..! ، بدلاً عن التلاعب بالقانون والعدالة عليهم الإستفادة من فرصة تسلمهم لزمام الحكم بالبلاد للبحث عن مقاربة جدية تحقق العدالة والإنصاف والتعافي ، وتستثمر في بناء مستقل أفضل يجنب البلاد شرور الحروب مستقبلاً .
20- الطريق للأمام :
أ/ وقد بينا خطل وعوار ما أُتخذ من إجراءات تجاه المعتقل مولانا / أحمد محمد هارون ، وخلو وفاض سلطة الإتهام الوطنية والأجنبية من أى أدلة إتهام ، وتردد السلطة وحيرتها فى التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية ، فإن الوضع السليم والحال هذه هو إطلاق سراح موكلنا وهذا مطلبنا الأساسي ، بيد أننا نقدر أن هكذا قرار قد يفوق قدرة وإمكانيات هذه السلطة ، واضعين ذلك رهن الإعتبار فإننا إحتياطياً نرى تطبيق نص المادة (84) من قانون الإجراءات الجنائية والتى تقرأ :
(يجوز لوكيل النيابة أو القاضي متى ما رأى أن ذلك مناسباً أن يأمر بوضع المقبوض عليه تحت مراقبة الشرطة ، بدلاً عن وضعه فى الحراسة) .
وهى مادة وردت ضمن الباب الرابع للقانون تحت عنوان (الإحضار والضبط والضمان) وبعد أن إستعرضت مواد هذا الباب فى كل فصوله وفروعه والإجراءات المتعلقة بالإحضار والضبط والضمان وردت هذه المادة دون أن تضع مبدأ أو شرطاً على القاضي أو وكيل النيابة فى ممارسته لسلطته بموجب هذه المادة ، ولعل المشرع قد إستحدث هذه المادة لهكذا حالات مثل هذه الحالة التى بين يدينا ، ونبادر للتنبيه إلى أن هذه المادة تختلف تماماً عن المادة (118) من قانون الإجراءات الجنائية الواردة فى الفصل الخامس من ذات القانون تحت عنوان (الإجراءات الوقائية) فالمادة الأخيرة وهى المادة (118) لإجراءات هى عبارة عن تدبير وقائي محض تلجأ إليه دوماً أجهزة الشرطة للسيطرة على معتادى الإجرام خلال الأعياد والمناسبات بوضعهم تحت رقابة الشرطة ضمن تدابير أخرى تتخذها الشرطة للحفاظ على الأمن والسلامة والطمأنينة.
ب/ نقترح ذلك وفى الذهن المدة الطويلة التى قضاها المعتقل مولانا / أحمد محمد هارون فى الحراسة رهن التحري فى بلاغ لا يبدو فى الأفق أن لديه مستقبلاً قانونياً ، وفى سياق عملية سياسية ما بين السلطة والمحكمة الجنائية التى تعاني أيضاً من ذات المشلكة (إنعدام البينات) ، مع الأخذ فى الإعتبار عدم حسم السلطة نفسها لأمرها فيما يلي التعامل مع المحكمة الجنائية ، ربما يكون فى هذا الإجراء رفعاً للحرج عن السلطة ، علماً بأن قواعد ميثاق روما الإجرائية نفسها المؤسسة لسلطة وقواعد إجراءات المحكمة الجنائية الدولية تتضمن سلطة الإفراج عن المطلوبين لديها وأمامنا سابقتين ممثلتين فى سابقة قضية نائب الرئيس الكيني وسابقة السيد / بحر إدريس أبوقردة اللذين كانا متهمين لدى المحكمة الجنائية الدولية وكانا مطلقي السراح .
           إنتهي …
       والله الموفق وهو المستعان وعليه التكلان .
تحالف قانونيون وإعلاميون ومبدعون للدفاع عن مولانا / أحمد محمد هارون .
فبراير 2022 .   

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى