◾طاهر العربية
يسألنى المذيع طاهر بركة بفضائية العربية عن فرضيات استقالة حمدوك إثر زيارته الأولى والأخيرة للخرطوم بعد قرارات الخامس والعشرين من إكتوبر لمحاورة البرهان القائد العام ،يسأل طاهر مباغتني وهو ينظر فى العينين وقد كنت مجاوره فى مأدبة اقامها على شرفه العزيز عادل سيد أحمد ودعا لها كعادته لفيفا من الزملاء بينهم الأستاذة لينا يعقوب مدير مكتب العربية بالخرطوم،عادل اول من اعلن نبأ استقالة حمدوك قطعيا بعد تنبوءات جمة بساعات قبل وقوعها، ولم أتردد فى الإجابة بأن الإستقالة حتمية ولن يطل امدها وتلمست موافقة فى عينى الأستاذ طاهر وهو اول من طرح هذا السؤال المستشف ربما من وحى الزيارة ومحاورة البرهان،ولم يخف طاهر فى جلسة سمرنا تلك دهشة من مغايرة واقع الخرطوم للصورة الذهنية المرتسمة فى مخيلته ربما جراء التغطيات الفضائية والإسفيرية المتعددة وبسباقبة ماراثونية محمومة للتظاهرات والمواكب علامتنا العصرية الفارقة للظفر بالأسبقية الصحفية وهى أحقية معلومة ومشروعة، وعضدت دهشته ملتقطا تعبيره عن الحالة الإنطباعية بعد معاينة واقعية ولو ديوانية من داخل القصر الجمهورى لمجمل حياتنا مخاطبه بأننا لما نتابع فضائيتك الجزيرة نستشعر ذات شعورك عن بعد ليتدخل الزميل ضياء بلال مصوبنى العربية وليس الجزيرة وبررت الخلط برسوخ إسمها لقِدمها على سائر الفضائيات العربية النظيرة فأومأ طاهر مبتسما بالتفهم، والشاهد أن الإعلام يملك سحرا خاصا وتأثيرا كبيريا فى مجريات الوقائع والأحداث بمختلف طرائق النقل والتغطية ويستطيع أن يسخّن أحداثا أويبردها ويحييها ويميتها،لكن يبقى الثابث الوحيد فى ساحتنا السودانية الملتهبة درجة الغليان والإنسكاب والتشظى والتداعى، أن المواكب والمظاهرات المليونية هى الفيصل و الخبر والمقالة والرأى والتحقيق والإستطلاع والإستقصاء والتغطية الصحفية والإعلامية الأبرز والمتقد شررها متطايرا ومنذرا بمشاهد غير قابلة للتنبؤ وكافية لخلق حالة من الإثارة وضامنة لعلو المشاهدة لاية وسيلة إعلامية ولو وليدة كل المطلوب منها النقل والرصد دعك من التفصيل والقراءة والتحليل واستنطاق كل قادر على صنع الكلام، فما بالك والفضائيات الناقلة بحجم مذيعين ومحررين عيارية الأستاذ محمد طاهر الذى استخلص من مهمته الصحفية الخاطفة فى الخرطوم المعززة بدقة المتابعة عن بعد بما هو ابعد من محاورته للقائد العام قارئا عن كثب بين سطور الكلم وإيماءات الصور ولغة الجسد إستقالة وثيقة لحمدوك، وقد يقول منكم أن التنبؤ بالترجل ما كان ليحتاج لجنس هذه الفذلكة والفلسفة الصحفية والإعلامية،ومن يقول فإنه محق ومسرحنا مفتوح علي كل نوافذ التنبؤ والتنجيم ورمى الودع وطق الحنك والحرف.
◾طائر الإستخبارية
ولو أن الوفد الأمريكى الإستخباري الرفيع كتّم على نبأ زيارته المتسرب بقصدية للخرطوم حتى لا يلتقطها من سبأه هدهد الصحافة والإعلام، لجرت بلا تضخيم وحس وخبر مقروءة بأخبار أخرى مسربة عن الإتحاد الأروبى ودول الترويكا وهلم دنيا وجرا وبما يوحى بخروج الامور ومقاليدها عن سيطرة الأيادى السودانية ومن ثم سهولة اختطاف قضايانا الداخلية بما يخالف امانينا الإنتقالية بمخالب خارجية سريعة الكف والفر والكر، ويضفى التناقل الصحفى والإعلامى على مثل هذه الأخبار أبعادا ربما لم تكن منظورة للأيادى الخارجية المتدخلة بغير المعهود أو بنية إضعاف الجبهة الداخلية متيقنة من هزالها وضعغها و متفاجئة بحالة شتيتها وسهولة اختراقها بيسر ما كان يتطلب ابتعاث وفد ملء سمع وبصر وسائل الصحافة والإعلام عرضحالجي مظاليم العالم الجاهلين بحجم الظلم الواقع عليهم كما السودانيين حتى يقرأوه مفخما متناقلا عبر مختلف وسائل الميديا التقليدى منها والحديث والمستجد، مفارقة أن وفد التدخل لفض أزمة وقنبلة انزلاقنا للهاوية لحمته وسداته عسكرية استخباراتية بحجم السي آيه أي بينما المعنيين الأُول هم المدنيون وفقا لهو معلن من دعم لمدنية الدولة السودانية وهذا ادعى ليكون رأس الوفد مدنيا من راعى الحكم المدنى الأول إعلاميا! والبنتاجون وشتى الأجهزة النظامية الأخرى المساندة من اللاعبين الكبار فى رسم خارطة سياسات الولايات المتحدة الأمريكية الداخلية استنادا على تأطير الخارجية بمقدار ما يؤمن تحقيق المصالح ودرء مخاطر ومهددات الأمن القومي الأمريكى وخوفا من توالدها كما الناموس فى برك الفوضى الشاملة غير الخلاقة سياسة الامريكان الفاشلة من يوم وضوعها،والأمريكيون يدرون أى بركة تأسن بالفوضى حال تفشي كوفيد جائحتها فى السودان بموقعه وكل مزاياه الأهم لعالم اليوم وقواه العظمى التى لا ندرى متى نفرقها لنسودها بجبهة داخلية موحدة ،و حتى لو تم تطعيم الوفد الإستخبارى بدبلوماسى فلن يكون نظيرا ولا ظهيرا بل رديفا يضفى البعد المدنى والسلام ،لا تفت كما نعتقد على الامريكان فائتة ولا ما نقرأه بين سطور زيارة وفد السي آيه ايه، قطعا يملكون له التبريرات بالأصالة أو بالإنابة وعملاؤهم على قفا من يشيل، ولو تمت الزيارة واقعا واحدثت إختراقا سيكون معيبا لغياب الرؤية الداخلية والجملة المفتاحية لحل ازمتنا السودانية التى فاقمناها بايدينا وبالحلول الإستخباراتية بما فيها المستوردة التى بحال لن تكون لصالح المدنية وهذا مما يخالف اشواق السودانيين من الثائرين ولا نعرف سببا لهذه الوضعية غير استشراء جرثومة الخلافات بضراوة وجد فيها الإعلام اصيلا وانتهازيا ضآلته التسويقية والترويحية تابا يد الغيرية لصالح الأنانية، هي نتف وخواطر فتحها حوارنا مع طاهر العربية بعيدا عن اتخاذ فضائيته مثالا لما نراه ولا نراه… وننتظر حتى غدا فنرى!
