من أعلي المنصة – ياسر الفادني – تِرِكْ عاد مُنْتَصراََ

الناظر محمد الأمين ترك ناظر عموم الهدندوة ورئيس المجلس الأعلي لنظارة البجا ، رجل شرقاوي قوي الشكيمة ، جاد في طرحه الذي يكلفه به منسوبوه و آل علي نفسه أن لا يغمد له حسام ولا يخفض له صوت في سبيل تحقيق ما يريد أهله

من قال أن هذا الرجل حمل سيفه علي حكومة قحت فقط ولم يحمله علي حكم العهد السابق فقد كذب ، أنا شخصيا عاصرت صراعه مع آدم الفكي وإلي كسلا حينها وكتبت فيه مقالا اعجب المرحوم الطيب مصطفي و نشرته في صحيفة الإنتباهة آنذاك ، كان صراعا شديد المِراس وكاد يؤدي إلي فتنة لولا عقلاء من الحزب المحلول عملوا علي التوفيق بينهما لكنه خرج منتصرا ، مايعجبني في هذا الرجل أنه لا ينهزم أبدا ولا تلين له قناة ولا يتزحزح إصراره

عندما عين حمدوك عمار واليا لكسلا رفض هذا الرجل ذلك الوالي وشكل ضده رأيا كبيرا ورفضا شعبيا واسعا أدي إلي بعض التفلتات هنا وهناك وعندما أحس حمدوك بخطر الرفض الشعبي العريض للوالي الذي عينه أقاله ولم يعين بديله، ظلت الولاية طوال سنتين بدون والي معين إلا الولاة المكلفون ، هنا أيضا خرج ترك منتصرا

من معيبات إتفاقية جوبا للسلام أن الذين وقعوا علي إتفاق الشرق ليس لهم قواعد جاءوا منها ولم يحظ مسار الشرق بمشورة شعبية تعدل وتصوب وتصحح، تم كتابته علي عجل ودون دراسة لذا جاء باهتا ولم يعطي الإقليم الوضع العادل في قسمة السلطة والثروة فرفض من قبل المجلس الأعلي لنظارة البجا وعقدت لقاءات آخرها كان مؤتمر سنكات الذي رفض المسار تماما وحدد شروطه وأرسلت كتابة إلي حمدوك لكنه لم يلتفت إليها ووضعها في درجه الأيسر ولم يحرك فيه ساكنا

أراد ترك أن يرسل رسالة أولي فقفل الطريق الي الميناء مرتين ولم يتحرك حمدوك في سبيل العلاج وكعادته عمل فيها (اضان الحامل طرشا) وحدث ماحدث وقفل الشرق تماما مدة شهر وتزيد إلي أن قام البرهان بإصدار قرارات في الخامس والعشرين من أكتوبر واطاحت بحمدوك وزمرته لكن حمدوك عاد مرة أخري ثم إستقال ، ترك أرسل رسالته وحقق بها ما يريد والتفت إليه البرهان وعين له لجنة وكان من ضمن قراراتها تعليق مسار الشرق الذي نزل بردا وسلاما علي الناظر ترك ومجلس نظارة البجا..

الذي يحلل الوضع السياسي يحس بلا شك أن هنالك مسافة كبيرة بين الناظر ترك وحمدوك وبون شاسع في الطرح والمعالجة ، كل واحد منهم لايعترف بالآخر في حين أن الناظر يكن للمكون العسكري إحتراما وتقديرا عكس الجانب المدني الذي ناصبه العداء ووصلت التفاهمات بينه وبينهم إلي طريق مسدود

لعل إستقالة حمدوك وجدت إرتياحا من قبل الناظر ترك وربما لايفصح بذلك جهرا وربما يقول لأنه سياسي ويقود قبيلة والقائد النبيل هو الذي يعفو عمن ظلمه عندما يكون قويا ، لعل الإرهاق الذي أصاب الناظر في الفترة الأخيرة كان خصما علي عافيته فأصابه الرهق والمرض وسافر إلي الأردن مستشفيا و لعله عاد أيضا منتصرا لأنه هزم المرض بصبره وثباته و دعوات المخلصين من أهله وعاد منتصرا سياسيا لأنه وجد كابوسا قد إنزاح وتلاشي وكان سببا في كل الأزمات التي أصابت الشرق الحبيب .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى