ابراهيم عربي يكتب : (حكومة المهام) … الطريق إلي الديمقراطية  

قلناها باكرا أكثر من مرة أن حكومة المهام هي الأنسب للأوضاع في السودان ، وتزداد قناعاتي يوما بعد الآخر بضرورة وأولوية وأهمية وجدوي (حكومة المهام) ولو أقدم عليها الجميع لما كانت البلاد وصلت لهذا الدرك الأسفل لأوضاع تهدد البلاد بمصير سوريا وليبيا والعراق واليمن وغيرها وربما أسوا من ذلك من تحت الخيارات الصفرية .
نرى أن حكومة المهانة تمثل الطريق الأمثل والتي تناسب الحالة السودانية بتعقيداتها في ظل قضايا وإفرازات الحرب والسلام وتشاكس القوي السياسية وتقاطعات وتجاذبات المرحلة الإنتقالية مابين العسكريين والمدنيين من جهة ولجان المقاومة وشباب الثورة من جهة أخري ، وبالطبع تأتي أهمية (حكومة المهام) للخروج بالبلاد لإنتخابات حرة وديمقراطية يفوض فيها الشعب من يختاره .
وبالتالي أعتقد لابد من إعتماد تشكيل حكومة كفاءات مستقلة لتنفيذ مهام محددة يشترط أن يتوافق عليها جميع السودانيين ، وبالتالي نراها جاءت تتوافق مع ذات الرؤية التي طرحها رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن البرهان القائد العام للقوات المسلحة في تنويراته ، وهي بلا شك ضرورة في هذا الظرف التاريخي المهم عقب تقديم الدكتور حمدوك لإستقالته رئيسا للوزراء الحكومة الإنقالية بالبلاد . 
أعتقد أن حكومة المهام جاءت تلامس أشواق وتطلعات أهل السودان لاسيما لحكومة ورثت وضعا إستثنائيا بالبلاد ، وهي مقعدة بالحروب لأكثر من (60) عاما طالت أكثر من 60% من الولايات ، ولازالت رغم توقيع إتفاق السلام مع الجبهة الثورية بجوبا تراوح مكانها إلا قليلا ، إذ تعيش معظمها أجواء وشبح الحرب من جديد . 
وبالتالي فإن مهام حكومة المهام هي حكومة كفاءات مستقلة مناط بها إنفاذ مهام محددة للفترة الانتقالية وتتمثل في بسط الأمن وتكلمة السلام وتتفيذات قضايا السلام من ترتيبات أمنية وعودة النازحين واللاجئين الذين يتجاوز تعدادهم (4) مليون شخص ليصبحوا بذاتهم جزء من الإنتخابات المقبلة فضلا عن معالجة قضايا معاش الناس وجميعها ترتيبات لقيام الانتخابات .
بكل تأكيد فإن الوضع في السودان خطير كما وصفته الأمم المتحدة عقب إستقالة الدكتور حمدوك وقالت إنها تأسف بشدة لمآلات الأوضاع السياسية في البلادة وصفتها ب(نقص الفهم السياسي) ، وبلا شك نرحب بمبادرتها إطلاق (نداء للحوار الوطني) ولكن بكل تأكيد لا يتم ذلك دون مبادرات وطنية للتوافق الوطني لأجل إعلاء مصالح الوطن العليا علي أن تتفرغ كافة القوي السياسية لتجهيز نفسها للإنتخابات ولا تتم دون أحزاب وقوي سياسية ، والواقع بثيت أن بعض مكونات الأحزاب قد تغلغت داخل لجان المقاومة وشباب الثورة وفرضت سيطرتها عليها بالتسييس ، ولذلك إما إن يبتعد الثوار عن هذه القوي السياسية لتكوين تنظيمات خاصة بهم أو فرض السيطرة علي قيادة تلكم التنظيمات المطلوبة لأجل التغيير المنشود لتقودها للممارسة الديمقراطية التي إفتقدتها في داخلها طويلا .
بالطبع تتطلب حكومة المهام ترتيبات جديدة يتجسد خلاها تلاحم الشعب السوداني وإعلاء مصالح الوطن العليا والإبتعاد عن المصالح الحزبية الضيقة ، برنامج يتوافق عليه الجميع علي أن تكون القوات المسلحة والأجهزة النظامية الأخري بعيدة عن التجاذبات والتقاطعات السياسية وصمام أمان للسودان علي أن تظل متماسكة تحرس ترابه وأمنه وتحمي الإنتقال الديمقراطي وصولاً لانتخابات حرة ونزيهة ترضي طموحات وتطلعات كل السودانيين ليفوض خلالها الشعب من يفوضه .
من المعلوم أن الحروب في البلاد خلفت أوضاعا مأساوية في ولايات السودان المختلفة ، كانت حروب ممنهجة ومقصودة لذاتها أفرزت واقعا مأزوما (سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا) طالت آثارها في حدودها الكلية كل بيت سوداني ، فشلت دونها كافة الإتفاقيات بسبب قصر نظرة الحلول وإخفاقات تطبيقاتها ، وبالتالي خلفت واقعا مثقلا بالجراح والمرارات أدت بذاتها لإتساع دائرة الشكوك والهواجس وانعدام الثقة فتصاعدت بموجبها وتيرة الخلافات وتطورت مآلاتها لما يعرف بصراع (المركز والهامش) ، وتلك تتطلب تنازلات وتسامح وتصالح بين مكونات المجتمع .
غير أن حكومة المهام بذلتها تتطلب تنازلات للإتفاق علي صياغة جديدة لأجل تنفيذ تلكم المهام المحددة وبالطبع لا بد من توافق الجميع علي آلية يتم بموجبها تشكيل آليات لإدارة المرحلة الإنتقالية لأجل قيام الإنتخابات ، وبالتالي يتطلب ذلك التوافق علي وضعية للجيش والدعم السريع وقوات الحركات والأجهزة النظامية الأخرى وشكل الحكومة التنفيذية والمجلس السيادي والمجلس الأعلي للأمن والدفاع (وهو مجلس تخصصي مهني) وكذلك التوافق علي كافة مكونات ومؤسسات الإنتقال من مفوضيات وغيرها لإدارة حكومة المهام ويمكن أن يعود الدكتور حمدوك نفسه للمشهد في موقع آخر لأجل المصالح العليا للوطن . 
علي كل المطلوب من المجتمع الدولي والأشقاء والأصدقاء والأمم المتحدة خاصة أن تولي الأوضاع في السودان أهمية دعما (فنيا وماليا ولوجستيا) لأن إنتكاسة البلاد تهدد كافة دول الإقليم وبالتالي ستهدد السلم والأمن الدوليين ، ولذلك المطلوب أن يتعامل كل هؤلاء مع السودان في إطار تلكم المطلوبات وليست لأجندات خاصة تتقاطع عندها مصالحها .
الرادار … الثلاثاء الرابع من يناير 2022 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى