دكتور عبدالناصر سلم حامد يكتب : شراكة العسكر والمدنيين عراقيل ومطبات قبل الانتخابات

كبير الباحثين فوكس للدراسات السويد

حالة ضبابية تعتري المشهد السوداني بعد قرارات يوم “25” اكتوبر2021 التي اعلنها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان واعتبرتها بعض القوى السياسية بأنها انقلاب عسكري وماصاحبها من تداعيات وصولا إلى اتفاق البرهان حمدوك الذي رفضتة بعض قوى الثورة التي كانت تؤيد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وتعتبرة رمز للدولة المدنية وغياب الحكومة منذ ذلك التاريخ وحت الآن يشير إلى اننا نسير في الاتجاه الخطأ وبالفعل تبدو الصورة قاتمة لااحد يعلم كيف سيكون المستقبل الجميع فشل في قراءة المشهد السوداني المعقد .
الشراكة بين المدنيين والعسكريين فشلت في نسختها الأولي الموقعة في 17 يوليو 2019 بين المجلس العسكري وقوى الحرية ولاتغيير بسبب حالة عدم الثقة والشد والجذب وعدم تنفيذ ماتم الاتفاق علية من المعروف ان اي فترة انتقالية تحدث فيها شراكة بين عسكرين ومدنيين لمدة لاتتجاوز في الغالب العامين ولكن نجد ان كل طرف كان يحاول ابعاد الطرف الاخر رغم انهما شريكين فعندما ثار الشعب السوداني على حكم عمر البشير الاستبدادي، الذي استمر عقوداً فإن عملية عزل البشير من الحكم لم تتم من قِبل قوى العدالة والتغيير التي قادت الاحتجاجات ضد الرئيس السوداني، بل تمت إقالة البشير من قِبَل المكون العسكري للحكم في السودان وفي المقابل القوى السياسية ايضا نظمت الحراك في الشارع وعلى هذا الاساس كان يمكن ان تمتد الشراكة بين الطرفين وهذا لم يحدث.
وفي هذا الصدد، كان غريباً إصرار القوى المدنية في الثورة السودانية على إطالة أمد المرحلة الانتقالية، وعدم إجراء انتخابات بدعوى أن الانتخابات سوف تؤدي إلى عودة الإسلاميين وهو ما سمح فعلياً بتعزيز سيطرة العسكريين على السلطة لضعف القوى السياسية وتشاكسها مع بعضها البعض والاخفاق في قيام المحكمة الدستورية والمفوضيات المختلفة والمجلس التشريعي فوجد الجيش نفسة امام مسؤولية وطنية تصدي لها وفق رؤيتة الخاصة التي لم تعجب شركاء الامس الحرية والتغيير فكانت قرارات ال”25″ من اكتوبر.
والآن بعد اتفاق البرهان حمدوك في 22 نوفمبر 2021 نجد انها ايضا شراكة بين المكون العسكري والمدني اذا الجيش ظل محافظا علي هذه المعادلة فقط المتغيير هو خروج قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي مع وجود قوى الحرية والتغيير الميثاق الوطني وحركات الكفاح المسلح ولكن هذه الشراكة اذا لم يتم تحصينها ضد التجازبات والنزاعات فانها لن تصمد نعم قوى الحرية والتغيير كانت تضغط علي حكومة بشكل سلبي باعترافة الشخصي والان اصبحت في خانة المعارضة ولكن الضغط لم يتغيير اذا اصبح صعبا جدا بعد مساندة قوى التغيير للحراك الثوري المناهض لاتفاق البرهان حمدوك وبالتالي لن يستطيع رئيس الورزاء القيام بواجبة كاملا حتي الان لم يستطيع تكوين الحكومة .
الفترة الانتقالية مهما طالت او قصرت في النهاية سنصل إلى انتخابات ولكن الوضع الان يؤكد اننا بعيدين تماما عن هذا الهدف الموعد المحدد في يوليو من العام 2023 الي الان لم تكون المفوضية ولاحديث عن قانون انتخابات ولاتعداد سكاني ولا غيرها من الاستحقاقات في ظل هذه المعطيات ربما يتطاول الفترة الانتقالية وكلما طال الزمن كلما زادات المهددات ولو تم الاصرار علي قيام انتخابات بأي وضع كان فانها ستفرز نتيجة غير متوافق عليها وتؤدي لحكومة ضعيفة لاتمثل الديمقراطية وربما تفشل ونعود لدائرة الانقلابات من جديد وهذا من ضمن السيناريوهات المتوقعة .
المرحلة الحالية تحتاج لتوافق بين كافة قوى الثورة للخروج بالبلاد إلى بر الامان استمرار التظاهرات بشكلها الحالي اواستمرار حالة الاستقطاب السياسي الحالي ربما يقود البلاد إلى حالة من الفوضي لاتحمد عقباها حينها لن نجد وطنا نتظاهر علية وهذا السيناريو غير مستبعد فالانسداد في الافق السياسي ربما يوصلنا لمرحلة اسواء مماكنا نتصور حرب اهلية وفوضي وقتال في كل مكان .
نعم الثورة سلمية واسقطت البشير بالسلمية ولكن مايحدث الان سيضيع مكاسب الثورة السلمية والعنف بينهما شعرة وليس شرطا ان يتراجع الثوار عن السلمية لكن ربما يقوم طرف آخر بعمل يؤدي في نهاية المطاف لتقويض كل ماتفق علية ويجهض مكاسب الثورة .
فإنه مع حالة الاحتقان السياسي وانسداد الأفق في تقديم حلول للأزمة بالبلاد، تلوح في الأفق سيناريوهات خلال الفترة المقبلة، من بينها العودة إلى شراكة ما قبل 25 أكتوبر وفق أسس جديدة، وانسحاب حمدوك من المشهد مع استمرار الاحتجاجات، وإصرار المحتجين على المدنية الكاملة لكن الخيار الافضل، هو “اعلان سياسي” يضم قوى سياسية واسعة ما يسهل مهمتهم إلى حين انتهاء فترة الانتقال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى