عبد الرحمن ابومجاهد يكتب : اتفاق البرهان وحمدوك المكتسبات والمطبات

ضل الدليب
عبد الرحمن أبو مجاهد

 

اتفاق حمدوك البرهان  المكتسبات والمطبات

 

استمعت وشاهدت بتركيز شديد لخطاب السيد الدكتور حمدوك الذي تلاه اثناء التوقيع علي الاتفاق الايطاري مع المكون العسكري والمبررات التي ساقها معالي الدكتور حمدوك لتلكم الخطوة الجريئة التي خطاها والتي يمكن ان تكون سببا في واحد من خيارين اما خروج البلد الي بر الامان والنهضة .. او انجرارها الي العنف والفوضي..
وبالرجوع الي الماضي القريب وبالتحديد الي عامين وجدت ان السيد رئيس الوزراء كان في لقاء صحفي مع الاستاذ فيصل محمد صالح قد اتي الي رئاسة الوزراء بخطط عمل واضحة تركز علي محاور متعددة هي السلام والاقتصاد وكان تركيزه في الاساس مبني علي علي حكومة تكنوقراط بسلطات كاملة ولكن ذلك لم يحدث بسبب تدخلات قوي الحرية والتغيير ومعارضتها لسياسات التحرير الاقتصادي..
نترك هذا جانبا ونتجه الي اضابير الاتفاق بنظرة حيادية بعيدا عن التطرف والتخوين.
الوصف الذي يمكن ان يوصف به حمدوك الان هو انه رجل وطني خرج لخدمة بلاده في مجال( العمل العام ) وليس السياسة وفقا لرويته الخاصة بعيدا عن حسابات الربح والخسارة والمواقف التكتيكية للاحزاب السياسية .
وهذا الموقف الشخصي خاضع للخطا والصواب لان الدافع الاساسي له هو خدمة الشعب دون مصالح شخصية ولقد شهدت له جمبع الاطراف بالتهذيب والفكر وعفة اليد واللسان طيلة الفترة السابقة وظل الجميع يتسابقون لخطف وده وضمان وقوفه الي جانبهم ومن غير المنطق ان يجمع العسكر وقوي الحرية والتغيير والعالم الخارجي والشارع العام(حتي صبيحة الامس) جميعهم علي رجل واحد اذا لم يكن فيه من الصفات مايستحق ذلك من الحكمة والهدوء وبعد النظر..ولعل هذا الموقف الذي اتخذه حمدوك منفردا رغم علمه التام بنتائجه اللحظيه التي ظهرت جليا من خلال انقلاب الشعارات والهتافات واللافتات بصورة مفاجئة من مؤيده ومطالبة بعودته الي ناغمه وناعته له بالخيانة والارتماء في حضن العسكر ..وبيع دماء الشهداء..وهذه المواقف توضح جليا ان الاحزاب السياسية المحركة الرئيسية للشوارع اما ان ياتي موقفك متسقا مع اهواءها ومنسجما مع تخطيطها واما انت خائن وبائع لدماء الشهداء..وهذه النقطه التي انتقدنا فيها الدكتور حمدوك طيلة العامين الماضيين بانه يفتقد للجراءة والكاريزما التي تمكنه من اتخاذ قرارات بصورة منفردة..بسبب تكبيل قوي الحرية والتغييرله.
وبحسابات عقلانية صريحة نجد ان حمدوك قد حقق مكاسب كبيره ليست شخصية وانما لمصلحة الوطن من خلال هذا الاتفاق الذي كان من المستحيل ان ياتي بصورة افضل او انه اتفاق الحد الادني..وسنوضح بعض النقاط بصورة مختصرة ..

اولا :
حمدوك خلال الفترة الانتقالية السابقة ظل مخلصا لقسمه الذي اداه لقوي الحرية والتغيير ان تكون هي الحاضنة السياسية له وتنفيذ سياساتها بحذافيرها رغم عدم مواءمتها
لخططه..
ووصل هذا الوفاء والاخلاص لقسمه قمته برفضه لحل الحكومه .قبل يوم ٢٥ اكتوبر برغم كل الضغوطات الداخلية والخارجية التي مورست عليه ..فكانت ردوده في هدوء ورزانة ..في عنقي قسم لقوي الحرية والتغيير لن احنث به ..فكان ان جعل السادة القادة العسكريين في موقف ليس امامهم خيار في تحمل تبعات اي قرار يتخذونه..وهذا ماذاد من احترامهم له من خلال الموتمر الصحفي الذي عقده السيد الفريق اول البرهان نهار يوم ٢٥ اكتوبر .فتحدث عن الرجل بكل احترام وتقدير..

ثانياً :

الدوافع الاربعة التي ذكرها لتوقيعة هذا الاتفاق دوافع مقنعة جدا واولها حقن دماء الشباب التي مازال البعض يوجج لاراقة المزيد منها والتي تعتبر رخيصة عندهم للوصول الي اهداف سياسية وايدلوجية بعيدة عن متطلبات المواطن العادي..
ولعل هذا الاتفاق في النقطة الثانية التي ذكرها حمدوك يمثل اقصر الطرق للوصول الي حكم مدني ديمقراطي يمكن من يختاره الشعب في تحديد سياسات تقود البلاد الي النهضة والنمو بعكس مآلات الطريق الاخر المخضب بالدماء..

ثالثاً :

حمدوك لم يغفل الترحم علي ارواح الشهداء في مطلع خطابه والمطالبة بمحاسبة المتسببين فيها .

رابعاً :

الاتفاق اوضح جليا اقتصار دور المجلس السيادي علي الاشراف فقط علي تنفيذ سياسة الدولة مع ضمان تحويل كافة السلطات التنفيذية لرئيس مجلس الوزراء وهذه النقطه فشلت في تحقيقها قوي الحرية مجتمعة في الوثيقه الدستورية وهي تعتبر (بيت الكلاوي )في الاتفاق بجعل المجلس السيادي تشريفيا فقط..

خامساً :

لم ينسي حمدوك رفقاء الامس فاشترط اطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وبعدها هم احرار في تحديد مواقفهم علي اي جانب يتكئون واختيار وسائلهم الخاصه في النضال ومدي تاثيرهم علي الشارع ..

سادساً :

النقطه الثالثة عشر في الاتفاق هي مافشل فيه جميع المفاوضين السابقين حتي اتفاق جوبا لم يتضمنها بمثل هذه الشجاعة والوضوح وهي العمل علي بناء جيش سوداني قوي وقومي( وموحد) وهذه توضح جليا انه كان يفاوض من منطلق قوة وليس ضعف وان نظرته قد كانت شاملة ودقيقه وفعلا لمصلحة الوطن وامنه وسلامته..

المطبات:
من المتوقع ان يمر هذا الاتفاق بمطبات كبيره ورفض واسع في الشارع باعتبارات العداوة المستحكمه التي ترسخت بين الشباب و المكون العسكري ..واعتبار حمدوك قد(باع القضية)
وخان دماء الشهداء ولكن حمدوك وبالتجربة محصن ببروده الانجليزي الذي يحير القريب قبل البعيد. والذي جعله يتبع نظرية الغايه تبرر الوسيلة وغاياته التي ذكرها في نقاطه الاربع (تستاهل)الصبر علي المكاره ..

ختاما :

تبقي النقطه المفصلية التي تمكن السيد رئيس الوزراء من الوصول لاهدافه هي دعم المحتمع الدولي له والذي يجب ان يتحول من وعود الي دعم مادي وعيني بصورة عاجلة لاتتحمل المساومات والهواجس التي انتظمت الفترة السابقة لدول المحور التي تدعم الانتقال وذلك من خلال الشعارات التي رفعتها الاحزاب الايدولوجية التي تحكمت في الفترة السابقة من خلال رفضها التماهي ولو المرحلي مع متطلبات هذه الدول التي دعمت التغيير في السودان وعلي راس هذه المتطلبات ملف التطبيع مع اسرائيل والذي يجمع عليه طرفا الاتفاق الاطاري وهو الذي يمثل النقطه المفصلية واولوية سياسة الحكومة القادمة وهو النقطة المفتاحية لكل الشبكات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى