عثمان برسي يكتب : ( سقوط قحت ) التحول من منطق الفوضى إلى منطق الثورة

الوثيقة الدستورية بدأ انتهاكها مبكرا ولم تكن في مستوى روح الثورةً حتى فقدت قيمتها اليوم بشكل نهائي ..
قحت هي الثورة المضادة الحقيقية التي وقعت وثيقة تسمح لها بتعطيل التغيير وإعادة الأمور إلى الوراء”.
قحت كان التزامها بدعم احزابها له الأولوية، اكثر من دعم الثورة،وهو نفس خط حلفائها الدوليين وفي المحاور،الذين تشتتوا في دعم الثورة،بسبب اختلاف مصالحهم الإقليمية التي كان لها الأولوية على دعم الثورة،وبالتالي الثورة لم تنتصر والنظام السابق لم ينهزم عملياً”.
فالوثيقة عمليا إنحرفت عن مسار ثورتها واصبحت خاضعة لمسارات اقتصادية واجتماعية وسياسية وجيوبولتيكية خارج السياق الخاص والعام لديسمبر وبالتالي تحولت الوثيقة الى نص شكلي كمصدر يستوجب تجاوزها….. والإنتقال إلى (الروح العامة) للثورة والبناء عليها…

الخرق الذي قاد جميع الخروقات :
المجلس التشريعي(ليس بعد الكفر ذنب)

الحالة الثورية هي تجسيد للسلطة التشريعية بإمتياز. .وبعد الثورات تتحكم السلطة التشريعية وتظهر ظهورا بائنا وطاغيا على ما عداها من سلطات. .تظهر لأنها كانت مقموعة بأدوات السلطة التنفيذية الغاشمة التي اسقطتها الثورة. . فالثورات تنهض ضد السلطة التنفيذية. .فكلما كان ذراع الدولة التنفيذي قوياً كلما طغى الإستبداد. ،وبالتالي لا تتمتع الثورات بسلطات تنفيذية بل بسلطات تشريعية وهذا ما تحاشته قحت عندما ركزت السلطة التنفيذية في يدها وقتلت السلطة التشريعية عن سبق إصرار وترصد .. طغيان السلطة التشريعية يعني أن التحولات الجديدة تسير على قدم وساق ويعني أن ديناميكيات الثورة تجري عملية التغيير بصورة حقيقية، ولكنهم ركزوا على السلطة التنفيذية والتي تعني جوائز المناصب والمساومة وهي بطبيعتها ليس من مهامها صناعة التحولات الإجتماعية خاصة في الحالات الثورية مما يعني أن قحت هي كيان مساوم وليس مقاوم فالثورات تنطلق في التغيير من علم الإجتماع السياسي، وليس من علم السياسية، لأن الإجتماع السياسي ينطلق لتأسيس سلطة الجماهير بعد الثورة وتأسيس المؤسسات بينما علم السياسة ينطلق من الصفقات حول السلطة وتأسيس زبائنية سياسية جديدة حول الثروة ..
وهكذا انتقلت عدوى ذلك إلى قطاعات مهمة مثل قطاع الذهب وقطاع الصادر التقليدي ..بنفس منطق علم السياسة وليس منطق علم الإجتماع السياسي، أدارت قحت الإغتيال الإقتصادي، بعد أن قبرت الثورة الإجتماعية العظيمة بإستخدامها علم الإقتصاد البحت وليس علم الإقتصاد السياسي، الذي يبحث السياسة والإقتصاد ضمن إعادة تشكيل الكتل الإنتخابية الجديدة التي يجب صياغتها ضمن منظور ثوري بالضرورة هو منافي لوضعها قبل الثورة ،بإستخدام قحت للمزيج الخاطئ لعلم السياسة والاقتصاد البحت . . بغباء قلبت المعادلة الثورية على مدى السنتين الماضيتين لصالح العسكر وبذلك جعلته في مركز هجومي متقدماً، وممسكاً بخيوط اللعبة من وراء حجاب،والذي تحالفت معه قحت واستغلت الثورة للتسلق على ظهرها والسيطرة على كل مخرجات الثورة لصالحها وتفصيلها على الكيفية التي تريد،حدث ذلك وسط استفادة قصوى من تشتت التحالف العريض في اتفاق جوبا ومن ثم عسكرة الثورة،والذي نتج عنه بروز صناعة المسارات وتحويلها إلى حالة الاستقطاب الحاد، والتي كانت العائق الأكبر أمام استكمال الثورة من دون أن تسيطرً على حالة الاصطفاف المهيمنة مع عجز القوى المدنية عن عقد تحالفات صلبة ومساومات عقلانية بسبب غلبة الإيديولوجي على السياسي وعجزها عن بناء صفقات تاريخية وإبداء مرونة لازمة للتفاوض خصوصاً أثناء الأزمات، مع ضعفها الشديد في تحليل البنى التقليدية (الاثنية، القبيلة) واكتفت برفع شعارات عامة.
نهض تحالف الحرية على هدف المطالبة بإزاحة رأس النظام السابق من دون الغوص في جوهر الأزمة وخلخلة هياكله الاجتماعية والتنظيمية أو خلخلة توازناته وعلاقاته الاجتماعية والسياسية، وهو ما وظّفه النظام السابق في كثير من تحالفاته لاحقاً، وتمكّن من حرف المسار الثوري بالبلاد إلى صراع حزبي وسياسي بين “كيان قحت ” و”الكيزان” وهو الماتدور الذي استهلك قوى الثورة وشتت طاقاتها..
فالثورة ليست فعل ينتهى بالذهاب إلى صناديق الاقتراع…ولكنها فعل مجتمعي يهدف في الدرجة الأولى إلى إحداث عملية تغيير جذري عميق في البنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ومعيار نجاح أي ثورة وفشلها هو القدرة على إحداث هذا التغيير، إن القوى السياسية التي زعمت انها تمثل الثورة لم تتصرف على اساس هذه النتائج، بل تصرفت كمعارضة في زمن إستحواذ السلطة، الامر الذي حول الثورة الى مجرد (تمرد) على سلطتها وهذا يقود إلى الاشتقاق من الثورة وليس الوثيقة لأن الثورة تسمو على وثيقتها،ولأن الفرع يرجع الى أصله #..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى