ابراهيم عربي يكتب : (الطرق والجسور) … دواليك جدلية الأمن والتنمية …!

الخرطوم الحاكم نيوز
ذهب الجنوب جزءا عزيزا من الوطن بسبب الأجندات وتقاطعات المصالح في ظل جدلية الأمن والتنمية ولايزال في النفس شئ من حتي ! وكادت أن تذهب دارفور بسبب طريق الإنقاذ الغربي كأحد أسباب الحرب فيها ، فيما لا زالت جلسات المفاوضات تنعقد في جوبا مع الحلو بشأن مصير جبال النوبة والنيل الأزرق بسبب ذات دواليك جدلية الأمن والتنمية في ظل الإستهداف والأجندات وتقاطعات المصالح  .
بلاشك أن الطرق والجسور ثروة قومية وصناعة مكلفة وإذ تتراوح تكلفة الكيلو متر الواحد مابين (300 – 500) ألف دولار ، وبالتالي الإعتداء عليها يعتبر إعتداء علي الوطن ، ولذلك سأظل معاتبا الحلو علي إعتداء قواته علي مقر الشركة الصينية (ساين هايدرو) بالمقرح بالعباسية 2012 ، حيث قتلت وشردت وأسرت عمالها بجوبا ، ساومت عليهم من تحت مكيدة ضد الوطن أخرجت الشركات الصينية من العمل في السودان وبالتالي تعطلت كافة مشروعات التنمية والخدمات والتي تعتبر الطرق أساسها ، ومعها توقف تنفيذ الطريق الدائري (البعاتي) .
مع الأسف تعطل العمل في الطريق الدائري الذي ظل حلما لأهل جنوب كردفان لاسيما المحليات الشرقية منذ السبعينات من القرن الماضي ، وقد دفعوا في سبيله الغالي والنفيس لأجل أن يصبح الطريق واقعا ، ولازال يراوح مكانه بسبب ذات دواليك جدلية الامن والتنمية والأجندات وتقاطعات المصالح ، وليس ذلك فحسب بل توقفت معه كافة أعمال الطرق والجسور بجنوب كردفان أكثر من (ألف) كيلو متر لشئ في نفس يعقوب ..!
وبالتالي أعتقد مهما كانت الأوضاع والنوايا لا توجد أي مبررات تجوز الإعتداء علي الطرق أو تخريبها أو قفلها أمام المواطنين ، إن كانت بسبب مظاهرات أو ثورة أو معارضة أو غيرها ، كما هو ماثل الآن بمدن السودان المختلفة إنها حق عام ، وبالتالي أيضا يجب (ألا يكون الأمن عذرا يحول دون تنفيذ مشروعات تنموية وخدمية) ، وقد إتفق معي في ذلك الأستاذ أحمد عبد الله مؤسس ورئيس منظمة شباب من أجل دارفور ، حيث إنطلقت مشروعات المنظمة واقعا بولايات الإقليم المختلفة تركيزا علي الشباب لأجل النهوض بالإقليم شعبا وأرضا .
علي كل أعتقد أن جدلية الأمن والتنمية تلك (غلوطية دائرية) مثل جدلية الدجاجة والبيضة (لو لا الدجاجة لما كانت البيضة والعكس صحيح) ، وتلك جدلية قديمة تباينت فيها الرؤي مابين دعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام مقدما في دعوته عند مناجاته لربه ، طالبا لهم الأمن ومن ثم الرزق والثمرات (التنمية) ، خلافا للنظرية الغربية التي تعتبر التنمية أساس لحفظ الأمن .
وليس بعيدا عن ذلك إذ يمثل طريق الإنقاذ الغربي أحد أركان دواليك جدلية الأمن والتنمية ، حيث كان أحد أسباب الحرب في الإقليم وتلك قصة طويلة يعلمها القاصي والداني (خلوها مستورة) ، ولكن لماذا ساءت حالة الطريق لا سيما قطاع (الأبيض – الخوي – النهود) بطول (200) كلم قبل أن يبلغ الحلم مكانه ؟! كما يقول الشباب في اللجنة الأهلية للطريق !. 
علي العموم ليس من رأي كمن سمع ! ، فإن تخوفات الشباب بالمنطقة لها أسبابها ومبرراتها ، لا سيما وقد كشفت وقفتنا الميدانية السبت الخامس من يونيو الجاري علي أعمال الصيانة التي إنطلقت بالطريق مرافقين لوزير التنمية العمرانية والطرق والجسور عبد الله يحي الشاب الهميم الخلوق نائب رئيس حركة قوي تحرير السودان ، الذي جاء الوزارة محمولا علي سنام إتفاقية جوبا للسلام ، جاءها الرجل حاملا معول البناء والتنمية ، زيارة يرافقه فيها كوكبة من أركان سلمه وحربه بالوزارة والهيئة والحركة .
غير أن الوزير قد حسم جدل تلكم التخوفات الشبابية مؤكدا أهمية الطريق ضمن قطاعات طريق الإنقاذ الغربي ، قاطعا بأهمية الطرق والجسور ودورها في التنمية بولايات السودان المختلفة ، كاشفا عن خطة لتاهيلها ، فداعبت الوزير قائلا (هذا الطريق علي علاته لولا قوة سلاحكم لما كان واقعا ..!) ولكن يبدو أن الوزير عبد الله يحي قد قفل صفحة الحرب نهائيا وفتح صفحة التنمية ولم تفارق إبتسامته المعهوده وجهه الصبوح قائلا (جئنا لنعمل) . 
ولكن أعتقد إعترافات المهندس مستشار جعفر حسن مدير الهيئة العامة للطرق والجسور بسوء طريق (الأبيض – الخوي – النهود) في حالته الحالية وبل من أسوا الطرق بالبلاد،  قد تنزلت تلكم الإعترافات بردا وسلاما علي صدور الشباب ، وبل أزاحت كثير مما علق بذهنية هؤلاء الشباب الذين أمطروا الوفد بوابل من الكلمات (غير الدبلوماسية) غلب عليها روح وعنفوان الثورة المسروقة وبالطبع لا تخلو من إتهامات  ، رد المدير العام تلكم الإخفاقات لأخطاء  صاحبت تنفيذ الطريق (خلطة باردة) ، مؤكدا بأن الطريق ذو أولوية ضمن خطة الهيئة ، قال تم تقديمه للتمويل ضمن مشروعات مؤتمر باريس ، والبنك الدولي وصندوق التنمية الأفريقي ، فطريق الإنقاذ الغربي تأتي أهميته إذ يربط ﴿8) ولايات بدارفور وكردفان بالعاصمة فضلا عن دول إقليمية يربطها بالخرطوم  ومواني الصادر .
وليس ذلك فحسب بل وقفنا أيضا علي أعمال الصيانة والمزلقانات والمعالجات التي إكتملت في قطاع (أم درمان – جبرا – بارا) الذي جرفته السيول في مناطق الوديان الثلاثة (أبو حوت ، المخنزر ، أبوجداد) بسبب عدم التنسيق الجيد لتنفيذ السدود الثلاثة بالوديان المذكورة ، ولكن مع الأسف الشديد المزلقانات نفسها تحتاج لمعالجات كما أكدت الهيئة ، وأعتقد إنها ضرورية ولا تحتمل التأخير وإلا ستكون الكارثة أكبر ، كما كشفت الهيئة عن خطة لربط الطريق بطريقين دائرين إلي كل من مطار الخرطوم الجديد وميناء الصادر في بورتسودان مرورا بهيا عبر كبري أم الطيور مرورا بكبري الحلفايا .
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل تم تنفيذ هذه الطرق دون المواصفات ؟ أم لماذا ساءت حالتها لهذه الدرجة المؤسفة ؟! ، سؤال وجد دفاعا قويا من قبل الهيئة بشأن المواصفات وطرق التنفيذ ، وعزت ماحدث بسبب عدم متابعة الصيانة الدورية وللتعديات عليها والحمولات الزائدة عن المواصفات المحددة لها (56) طن وقد تجاوزت التعديات لحمولات أكثر من (مائة) طن ، بينما تعود أسباب تصدع طريق (الأبيض – الخوي) بسبب الخلطة الباردة حسبما قال مدير الهيئة ، كاشفا عن خطة (حنبنيهو) لتنفيذ أعمال الصيانة لكل الطرق القومية بالبلاد وقال إنها إنطلقت فعلا بصيانة وتأهيل طرق (التحدي ، شريان الشمال ، مدني شرق وغرب) مع تفعيل نظام الموازين لضبط الحمولات وبالتالي تظل الطرق هي أساس التنمية بالبلاد .
الرادار .. الثلاثاء الثامن من يونيو 2021 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى