ابراهيم عربي يكتب : (شورى الوطني) … الزلزال ..!

الخرطوم الحاكم نيوز
فاجأ المؤتمر الوطني الجميع بإنعقاد مجلس شوراه السبت وإصداره بيان متماسك وصلب زلزل به الأرض من تحت أقدام مكونات الحرية والتغيير (قحت) المنقسمة علي نفسها والتي نعاها البرير الأمين العام لحزب الأمة قائلا لا توجد (حاضنة سياسية) ، البيان جاءت مفرداته رصينة ومتوازنة تشع بين ثناياها لغة وفقه متطلبات المرحلة  (التصالح والتسامح) ، ولكنها ليست جديدة علي المؤتمر الوطني فقد أطلق رئيسه المكلف البروف إبراهيم غندور (فك الله أسره) من قبل ، أطلق فكرة (المعارضة المساندة) لأجل الوطن ، ربما جاءت في غير أوانها ولذلك أساءت قحت فهمها ، ولكنها بلاشك تؤكد أن المؤتمر الوطني حقا حزبا رائدا .
جاء بيان مجلس شورى الموتمر الوطني الختامي أمس الأول السبت 29 مايو 2021 ، مرسوما بدقة ومواكبا لتطورات الأحداث الأمنية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية التي تعيشها البلاد وغيرها علي كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية ، جاء البيان حافلا بالمعلومات بمهنية عالية ، مستشهدا بلغة الأرقام مما أضفت عليه صفة المصداقية ، بيانا ثرا غنيا بالمعلومات وتفاصيلها الدقيقة .
بلاشك أن إنعقاد المؤتمر في ظل هذه الأوضاع والظروف درس جديد يؤكد أن الوطني ليس مجرد حزب وكفي بل مؤسسة تربوية إجتماعية وسياسية وله مؤسساته التي تحدد مساره وليس (حزبا محلولا) كما يتشدق الأرجوز وجدي والأبله صلاح بوي ، وعلي الأحزاب والقوي السياسية ألا تستكين فالديمقراطية مقبلة ولا بديل لها إلا الديمقراطية نفسها ، ولذلك نأمل ألا تضيع الزمن في التسويف والمماطلة ومحاولات الشيطنة وسواقة القطيع بالخلا .
وبالطبع ليست تلك حالة جديدة فقد فعلها الوطني نفسه من قبل مع القوي السياسية ولكنه حال ما أدرك خطأه فأعادها وتاب ، وقد فعلها نميري ومن قبله عبود ولكنهم حالما أدركوا أن ذلك خطأ فتابوا ، وبالتالي فالأحزاب عنصر أساسي من أجل ممارسة ديمقراطية راشدة ، ولابد من وجود أحزاب وطنية قوية لأجل مصلحة البلاد . 
بلا شك أن بيان شورى المؤتمر الوطني درسا جديدا ، إذ جاء في ذات المواعيد والمواقيت الزمانية رغم إعتقال قياداته جورا بالسجون كيدا سياسيا وتشريد كوادره وتشتيت عضويته تشفيا ومطاردتهم ومنعهم من ممارسة حياتهم العملية ، وقد طالت حتي منعهم أداء الصلوات والإجتماعيات والإفطارات الرمضانية وبل تجاوزت لضربهم بالرصاص الحي والقنابل المطاطية في مشاهد مؤسفة وهم بين يدي الله يؤدون صلاتهم ، مشاهد لم يفعلها اليهود في فلسطينن .
البيان بلاشك يؤكد نجاح الحزب لعقد شوراه رغم التضييق والتربص والترصد  ، ويؤكد وجوده المجتمعي والجماهيري ، وبالطبع يخرس تلكم الألسن التي ظلت تتشدق بموت المؤتمر الوطني ، فالوطني نجح فيما فشلت فيه كافة مكونات (قحت) التي ظللنا نسمع لها ضجيجا ولم نر لها طحينا ، وبالتالي من الواضح أن المؤتمر الوطني قد تجاوز مرحلة الجلوس علي مقاعد المتفرجين ، بل رتب صفوفه وهيأ نفسه لخوض ممارسة ديمقراطية راشدة تنتظرها البلاد ، ولكن حقا كيف رتب هذا (البعاتي) كل ذلك وخطط لها بلا ضوضاء في ظل هذه الظروف ، وهذا ما يستوجب البحث والتنقيب والإجابة !.
أعلن البيان بكل ثقة رفض حل المؤتمر الوطني حزبا جماهيريا وتمسكت الشوري برئيس الحزب المنتخب (فك الله أسره مع رفاقه) ، وحمل البيان الحكومة الإنتقالية مسؤولية تبعات خطوتها تلك كما حملتها مسؤولية الإنهيار الاقتصادي والأمني بالبلاد ، وبالتالي من الواضحع أن الوطني قد تجاوز مرحلة الصدمة وسيناريو (حدث ما حدث) من خيانة داخلية وربما مؤامرة خارجية وقد هيأ نفسه لمرحلة جديدة بخطة ومنهج وهدف .
وليس ذلك فحسب بل أعلن الوطني عن رئيس للحزب دون الإعلان عن (إسمه) ومكان تواجده بالداخل أم الخارج ، وذلك يؤكد علو كعب المؤتمر الوطني ومكانته في تاريخ القوي السياسة السودانية ، علي كل من الواضح أن الوطني قد تجاوز مرحلة (تسقط بس) التي كانت علفا ذهب بها القطيع ، وأعتقد واهم من يظن أن الحركة الإسلامية أو الوطني يسعيان لإنقلاب علي حكومة الأمر الواقع الإنتقالية الفاشلة التي جاءت بها الثورة والتي شاركت فيها بعض كوادرهم لأجل التغيير والذي أصبح بذاته هدفا معلنا لهم منذ العام 2012 وليست مذكرة (الألف أخ) ببعيد .
بلا شك أن مجرد نجاح إنعقاد شوري الوطني في ظل هذه الظروف تؤكد أن الحزب موجود قد تجاوز مرحلة عمليات الشيطنة والتعليف وسواقة الناس بالخلا والتشفي ومحاولات التصفية الممنهجة من قبل الخصوم ، وتؤكد أيضا أن عضويته قد تجاوزت مرحلة الصمت للعودة للساحة السياسية من جديد برؤية جديدة ، تؤكد أنها قادرة علي المضي قدما بشعار الثورة (حرية ، سلام وعدالة) ، مثلما أطلقت قيادته من قبل فلسفة (New look) مبادرة لإعادة هندسة المشهد السياسي وقتها للتنافس العادل حول السلطة !.
فالواقع أن المؤتمر الوطني حزب جماهيري سودانى حكم البلاد (ثلاثين) عاما له مكاسبه وإخفاقاته ، وليس ملكا لأحد ، بل حزب جمع كل أهل السودان بمختلف ألوانهم وأعراقهم وطوائفهم ومعتقداتهم مسلمين ومسيحيين وغيرهم ، حيث ضم أهل العلم والفكر والثقافة والفن والرياضة ، تماما كما جمع الموظفين والعمال والزراع والرعاة والصناع وبل جمع الإدارات الأهلية والشباب والطلاب والمرأة وغيرهم ، وبالتالي أعتقد الذين ينادون بتغيير إسمه هكذا ، فذلك ليس سهلا دون مؤتمر عام .
علي كل فما ظل يتعرض له المؤتمر الوطني وقياداته وكوادره من إجراءات تعسفية ، لم يحدث لأي حزب عالميا ولا إقليميا ولا عربيا ، لم يفعلوها من قبل مع حزب البعث بتاريخه الأسود في العراق وسوريا ، وليس الحزب الشيوعي بتاريخه الأكثر سوادا بالسودان وفي البال أحداث الجزيرة أبا وود نوباوي وبيت الضيافة ، ولم يفعلها الوطني نفسه مع الحركة الشعبية – شمال التي تمردت علي سلطان الدولة وكتمت كادقلي والدمازين في المنطقتين .
علي العموم لم نعثر في التاريخ علي حزب تعرض للتفكيك الممنهج كما يتعرض له المؤتمر الوطني بالسودان الآن في وقت صمت فيه المتشدقون بإسم العدالة والحرية ، وبالتالي أعتقد من حق عضوية المؤتمر الوطني الدفاع عن مكتساتها ، كما من حقهم عودة الحزب للعمل لأجل إنتخابات حرة ونزيهة مقبلة ..!
الرادار .. الإثنين 31 مايو 2021 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى