الراصد – فضل الله رابح – إنتشار الجريمة ومهادنة الشرطة (1)

الخرطوم – الحاكم نيوز

إنني واحدا من الذين لديهم قناعة راسخة بأنه مهما بلغ الإضطراب السياسي والتدخلات الخارجية علي بلادنا فإن المؤسسات العسكرية النظامية بمقدورها إعادة التوازن علي أساس قومي مهما بلغ إحتقار وإستهجان بعض الجهات والشخصيات السياسية لرجل الجيش و الشرطة وبالأخص الذين أمنوا العقوبات من فهم صاروا اكثر جرأة في نقد وسوء التصرف مع البوليس .. هذا الإحساس ربما بدأ يموت عند الكثيرين أو يأخذ شكلا جديدا وهو ينمو متراجعا علي مر الأيام وتكرار الحوادث وهو أمر يحتم علي هذه المؤسسات وقيادتها أن يمعنوا النظر في مراجعة الاوضاع بما يعيد مجد ومكانة وهيبة هذه المؤسسات لأن في هيبتها عزة وأمن المواطن وفي ضعفها إنتشار الجريمة وشد أوتار الوطن بكلياته عودة المجتمع إلي الضرب علي أوتار القبلية والعصبية لحماية نفسه وهذا من أعظم المخاطر المحدقة بنا حاليا .. ليلة الـرابع والعشرين من مايو الجاري تعرضت لحادث سرقة بكسر سيارتي بمحطة ( 13) في شرق النيل ودونت بلاغ بالرقم ( 2529) ـ قسم شرطة حلة كوكو وفقدت إثر الحادث وثائق ومستندات مهمة وهو أمر جعلني أكون لصيقا بالشرطة هذه الايام ودعوني اقول صحيح أن رجل الشرطة لا زال موجودا بقيمته الاجتماعية وأنه ود بلد أصيل ولكن بصراحة إستشعرت إحساسا وخطرا وهو أن رجل الشرطة بات حريصا علي وجود مؤسسته كإسم ووظيفته وأن تعامله مع الجريمة أشبه بطريقة : ( لا تقترب أكثر ) ليس إلا ـ بصراحة هذا التباطوء والتعامل مع الجريمة أمر نزعج وإحساس قاتل للمواطن .. إن رجال الشرطة أنفسهم يقولون لك ان المنطقة التي تعرضت فيها للسرقة معروفة لديهم بأنها منطقة إجرام وسرقات متكررة و لديهم عناصر مباحث موزعين فيها وان معتادي الإجرام معروفين لديهم وهم متفائلون بالقبض علي السارق وإستعادة المسروقات وهو شعور منحني طمأنينة أكثر عززت ما تحفظه ذاكرتي من إنتصارات وإنجازات الشرطة الماضبة في كشفها لملابسات جرائم أكثر غموضا وتعقيدا ولكن بمرور الوقت منذ وقوع الحادث بدأ يتسرب مني هذا الإحساس وتعاظمت عندي المخاوف بضياع مقتنياتي وتوسعت دوائر الشكوك وبدأت أسترجع شريط إنجاز عظام للشرطة وهي تقوم بمهامها وأول خاطرة إستدعتها ذاكرتي هي أحداث حركة تحرير السودان برئاسة مناوي عام 2010 مع الشرطة في حي المهندسين بأمدرمان وتعود الحادثة الي أن الشرطة ذهبت لإلقاء القبض علي احد المتهمين في بلاغ وذهب مدير القسم بنفسه قائدا للمجموعة لكن تم الاعتداء عليهم من قبل مجموعة مناوي و قتلوا رئيس القسم في حادث إعتداء بشجع لكن مدير عام الشرطة وقتها الفريق شرطة / محجوب حسن سعد قد اصدر تعليماته بمحاصرة الموقع والقبض علي الجناة مهما كلف الأمر وتم القبض عليهم وإتخذت كافة الإجراءات الجنائية ضدهم ـ ومحجوب كان رجلا مهنيا توفرت في عهده الحماية القانونية والإدارية الكاملة لرجل الشرطة حتي يؤدي واجبه دون تدخلات سياسية .. وهذا لا يعني انه كان يطلق يد البوليس بل كان يحاسبهم علي التقصير والتجاوز بشكل عسير .. إن إظهار هيبة الشرطة وقتها كان موجود في شخصية محجوب حسن سعد والصلاحيات الممنوحة لمدير عام الشرطة فهو رجل صاحب قرار قوي ومهني وما بعرف السياسة في أداء الشرطة وحقا اي مؤسسة عسكرية تستمد قوتها وضعفها من شخصية قائدها الأول جاء بعد محجوب الفريق هاشم عثمان الحسين فهو رجل هادئ وعقلاني في إدارته للشرطة أما في الوقت الحالي فالفريق شرطة خالد مهدي فهو شخصية قوية وفيه جزء من صفات محجوب حسن سعد وهاشم عثمان وهو رجل غير محسوب لاي نظام سياسي مهني وقانوني لكنه مقيد بالتحركات السياسية واضح ان القرارات ليست بيده فهي بيد وزير الداخلية المهادن لقوي الحرية والتغيير بشكل غير موضوعي وأظن الجميع يذكر تدخله السافر في عملية نقل مدير شرطة ولاية الخرطوم الفريق عيسي إسماعيل بضغط من الشارع لمجرد انه قال ان الشارع بات منفلتا ومتحللا ولابد من التفكير في عودة قانون النظام العام بما يتوافق مع شعارات الثورة لكنه تعرضت لتنمر وهجوم من الشارع العام فقام الوزير بنقله الي الشئون الادارية وقبل نقله ادلي وزير الداخلية بتصريحات مفادها رد علي الفريق عيسي ومستجيبا لضغط الشارع دون ان يعطي الشرطة فرصة لتوضح أكثر لان شخصية قيادية برتبة رفيعة مثل عيسي إسماعيل لا يمكن اهمال ملاحظاته وعدم الاعتبار بما قال واخذه موضع اهتمام ومثل هذه المواقف المضرة طبيعي تؤثر سلبا علي أداء الشرطة وتقلل حماس افرادها لكنه ايضا غير مبرر لهذا التراجع المخيف في أداء البوليس وغياب الحماية للمواطنين وغياب العمل الشرطي الوقائي وتوسع مخاوف المواطنين من عدم الامان وإنتشارمعدلات الجريمة بصورة مزعجة جعلت المجرمين يتمادون في العبث بأمن وسلامة المواطن الذي كل يوم يتعرض للتعدي علي ممتلكاته وتسبب ذلك في ازعاج نفسي وإجتماعي كبير .. لابد من منح مدير عام الشرطة صلاحيات بما يحفظ هيبة الشرطة ويحمي كادرها من التعدي اللفظي والجسدي وبما يمكنه من أداء واجباته بكل ثقة وحماسة .. صلاحيات مدير عام الشرطة تضبط منسوبي الشرطة حتي لا يفعلون ما يشاؤون ولا يقتربون أكثر من خصوصيات المواطن وحدوده بقدر يعطيهم صلاحية للتدخل في حياة الناس الخاصة لكنه في نفس الوقت يعطي الشرطي هيبة وكفاءة للقيام بما يحمي المجتمع ودرء الجريمة فرجل الشرطة اكثر الشخصيات الحكومية التصاقا بالمواطن فهو قريب من كل فنون العلاقات الاجتماعية وحدودها وهو مؤهل إذا توفرت له الضمانات التي تجعله يعود ليتغلغل أكثر وسط المجتمع بدلا من طريقة تواجده الحالية داخل ثكناته مهادنا وخائفا من هياج وضغوط الشارع والقحاتة عليه فهذا الشعور هو من الهب نيران الجريمة بدلا من أن تخمد ..

نواصل إنشاء الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى