ابراهيم عربي يكتب : (مفاوضات الحلو والحكومة) … فرص وتحديات (2)

بقلم : إبراهيم عربي  
مواصلة للحلقة الماضية ، يجب أن يسأل جميعنا هل جوبا أصبحت مستعدة لإنهاء الحرب في المنطقتين ؟! وبالطبع لا يأتي هذا السؤال إعتباطا أو من فراغ !، إذ أن الحركة الشعبية – شمال وجيشها الفرقتين (التاسعة والعاشرة) الذي ظل يقاتل الحكومة كانتا حتي عهد قريب جزء لا يتجزء من الحركة الشعبية الأم والجيش الشعبي لدولة جنوب السودان وربما لازال هنالك نوعا من الإرتباط والدعم اللوجستي والمساندة تقدمه جوبا للحلو ربما بحكم رفقة النضال المشترك وربما لإعتبارات وخصوصيات أخرى !، كما ذهب سلفاكير مشيدا بالرجل واصفا إياه ب(المحارب الجيد) وقالها من قبل عشية الإنفصال (لن ننساكم) ..!  .
وليس ذلك فحسب بل أثبتت الوقائع والحيثيات أن الدكتور جون قرنق سعي مبكرا لضم أبناء المنطقتين وأبناء النوبة خاصة للقتال في صفوف جيشه كخط دفاع متقدم وبل عمل كثيرا لأن تصبح قضية المنطقتين ضمن قضايا الحرب مع الحكومة في الجنوب ولازالت المفردة التي أطلقها قرنق بين يدي نفاشا تراوح مكانها في مخيلة قيادات الحركة ، حينما وصف المشورة الشعبية بإنها (جنا تقرير مصير صغير يحتاج للتربية والرعاية) ! .
ولذلك كله كان من الطبيعي أن تتأزم الأوضاع في المنطقتين عقب إنفصال جنوب السودان لتشابك القضايا وعدم ترسيم الحدود والتي عرفت بالقضايا العالقة ولذلك كانت الكتمة في كادقلي والحرب في تالودي وغيرها وكانت هجليج وكانت مشكلة أبيي (عقبة السودان الكؤود) ، ولذلك كان قانون سلام السودان بين الدولتين وفق القرار الدولي (2046) ، ولذلك جاءت قضايا الحرب في المنطقتين .
وليس ذلك بعيدا عن حديث الرئيس سلفاكير في الجلسة الإفتتاحية أمس عن قصة (الكاركتير والكلب) وتعنيان تماما أن هنالك تداخلات بين البلدين ، أمنية وسياسية وإقتصادية وإجتماعية لابد من مراعاتها وإلا ستكون مهددا للإستقرار والسلام بين السودانيين ، أكثر من (30) ألف مقاتل تحت إمرة الحلو وأكثر من (12) ألف مقاتل تحت إمرة دانيال كودي وأكثر من (10) آلاف مقاتل بالجنوب وبعضهم تحت إمرة تلفون كوكو وبالطبع يعلمها سلفاكير جيدا ويعلم دورها في فك الحصار والخناق عنه عندما إحترقت جوبا عام 2013 ، وهنالك قضايا البترول والحدود المشتركة الطويلة أكثر من ألفي كيلو متر وغيرها .
وبالتالي لابد من الإجابة أيضا علي الأسئلة الملحة ، أين موقع قضية جنوب كردفان وبل قضية النوبة بحسابات تلفون كوكو أو حسابات الحلو نفسه من طاولة المفاوضات ؟ وأين موقع قضايا النيل الأزرق من المفاوضات بجوبا ؟ وماهو موقف جوزيف توكا وعبد الله أوجلان ورفاقهم ؟ وماهو موقف الحلو من رفاقه أصدقاء الأمس أعداء اليوم ؟ وهل الحلو هو قائد للحركة الشعبية في جبال النوبة أم الحركة الشعبية – شمال ؟ كما ذهب سلفاكير نفسه ! وبالتالي ما هو موقف إتفاقية جوبا للسلام التي وقتها الجبهة الثورية مع الحكومة من مداولات طاولة المفاوضات التي تنطلق اليوم بجوبا ؟ . 
بلاشك مثلما هنالك العديد من الفرص أيضا هنالك العديد من التحديات التي تواجه هذه المفاوضات بين الحكومة والحلو ، فلابد أولا من توفر إرادة جوبا عن قناعة لإنهاء الحرب في جنوب كردفان وضرورة فك الإرتباط نهائيا بينها والحلو (سياسيا وعسكريا) وتضمين تحفظات سلفاكير تلك وتأمين مخاوفه من قبل حكومة الخرطوم ، أهلنا يقولون (الضاق عضة الدبيب بخاف من مجر الحبل) ، وأعتقد لابد من فصل قضية جنوب كردفان من النيل الأزرق والتي قتلت بحثا من قبل ولكنها في حاجة لتأمين إستحقاقات القيادات مع وضع خاص وإعتبارات لقومية الحركة الشعبية – شمال ، وبالتالي لابد من تقديم تنازلات من قبل الطرفين مع إمكانية تقديم البدائل والمقترحات .
علي كل يعتبر التمويل وبند الترتيبات الأمنية من المطلوبات المهمة ويرتبطان مع بعضهما البعض وهنا تأتي أهمية مؤتمر باريس والتي ربطت مخرجاته بالإنتخابات والديمقراطية ، فأصبحت تلك مثل جدلية (الدجاجة والبيضة) ، فالمفاوضات في جوبا في حاجة لضمانات تمويل من تنمية وخدمات وترتيبات أمنية قد تطول مدتها (5) سنوات ، فلازالت إتفاقية مسارات الجبهة الثورية تشكو التمويل والتلكؤ والتسويف (البخيت يشوف في أخوه والشقي يشوف في نفسو) ، ولذلك علي الشركاء تقديم الضمانات اللازمة لتلبية تطلعات جيش الحركة الشعبية والآخرين ، وقالها كوكو إدريس قائد موبايل فورس المعروف بالحركة في مؤتمر (توبو البرام) لمجتمع (جانينج شات) في واحدة من أهم لقاءات السلام والمصالحات بجنوب كردفان التي يقودها الأمير العميد كافي طيارة البدين ، قال كوكو إدريس (نحن لسنا مستعجلون للسلام ، أمشوا خطوة خطوة ، طالما نحن نتكلم عن قضية شعب) وأضاف (لابد من فصل الدين عن الدولة أو تقرير المصير) وهنا مربط الفريق !.
علي العموم متوقع أن تكون قد إنطلقت المفاوضات رسميا بجلسة اليوم وربما تكون قد نجحت المساعي الأمريكية في تجاوز عقبة (العلمانية) فيما لازالت الحركة تطالب (بفصل الدين عن الدولة) ولكن أعتقد ذلك مجرد كرت ضغط لتمرير بنود دستور 1974 الذي وقع الحلو بموجبه عدة تحالفات مع رفاقه بالشيوعي وأذرعه ومكونات قوي اليسار الأخري التي جاءت إلي جوبا بخيلها وخيلاءها وكذلك مع الإتحادي الأصل وغيره من القوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني .
علي أي حال لم يتبقي للوثيقة الدستورية المهترئة مزعة لحم ، ولذلك وصيتنا لوفدي التفاوض وللجنرالين (كباشي والحلو) خاصة أهلكم في إنتظاركم ، طولوا بالكم ووسعوا صدوركم فلا تضيقوا واسعا حتي لا تغرقوا في شبر موية ..!.
نواصل …
الرادار .. الخميس 27 مايو 2021 . 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى