ابراهيم عربي يكتب : (مفاوضات الحلو والحكومة) … فرص وتحديات (1)

تنطلق اليوم الأربعاء 26 مايو 2021 بجوبا جولة جديدة من المفاوضات المباشرة بين الحركة الشعبية – شمال (الحلو) والحكومة الإنتقالية ، وأن هنالك مياها كثيرة قد جرت تحت الجسر بين الطرفين لتقريب وجهات النظر من لقاءات وورش وتحالفات ومصالحات في ظل العديد من الفرض والتحديات والمهددات ، ولكن الراجح عندي تطابق الإرادة علي كافة المستويات البينية والداخلية والخارجية الإقليمية والدولية علي ضرورة إنهاء المشكلة في السودان والمنطقتين خاصة والتي أصبحت بذاتها مهددا للسلم والأمن الدوليين .
ومن الفرص الكبيرة لقد وقع كل من عبد العزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية – شمال (الحلو) والفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الإنتقالي ، علي إعلان مبادئ في 28 مارس 2021 بجوبا تحكم العملية التفاوضية ، نص علي أن يتم التفاوض بين الطرفين علي في وحدة البلاد ، وجيش قومي واحد ، وتأسيس دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية تضمن الحريات الدينية لكل الشعب السوداني ، واشترط الإتفاق أن تضمن تلكم المبادئ في الدستور الدائم للبلاد .
وبالتالي حشدت جوبا لهذه الجولة جيدا تماما كما حشدت لها الحكومة الإنتقالية بكافة ألوان طيفها التي توافدت إلي هناك من كل حدب وصوب ، وقد عقدت عليها كل آمالها وأحلامها وتطلعاتها ، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن !، جاءتها مكونات الحرية والتغيير (قحت) هذه المرة أكثر ضعفا وهوانا منقسمة علي نفسها تجرجر أذيال الخيبة والفشل والهزيمة بعد أن ضربتها الخلافات في تحالف مكوناتها وفي مجلسها المركزي ولجانها وهياكلها ، ولذلك جاء جميعهم (الأعمي شايل المكسر) كما يقولون ولكن قلوبهم شتي ولكل مآربه وأجندته .
علي كل أكملت الوساطة إستعداداتها للجولة عقب رحلات مكوكية ومشاورات عميقة لتحديدها في هذا التوقيت تحت رعاية رئيس دولة جنوب السودان الفريق أول سلفاكير ميار ديت وبحضور رئيس مجلس السيادي الإنتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ، والدكتور عبد الله حمدوك رئيس الحكومة الإنتقالية السودانية رئيس الدورة الحالية لدول الإيقاد ويقود وفدي التفاوض المتنوع والمتعدد كل من الفريق أول شمس الدين كباشي عضو مجلس السيادة الإنتقالي وعمار آمون دلدوم سكرتير الحركة الشعبية – شمال (الحلو) ومشاركة ممثلين لدول الترويكا والإتحاد الأوربي ودول الخليج والإتحاد الأفريقي والدول العربية وآخرين .
تنعقد هذه الجولة بجوبا وقد تتزامن معها وقفات إحتجاجية سلمية معلنة لمنشقين من الحركة الشعبية – شمال تقودها جماعة الأغلبية الصامتة وعلي رأسها مجموعة القائد تلفون كوكو كوكو أبو جلحة الذي يتخذ من جوبا مقرا له تضاربت الحقائق والمعلومات حول وجوده هناك مابين المنفي (الإجباري والإختياري) ، غير أن معلومتنا أكدت أن جوبا رفضت التصديق لمثل هذه الوقفة والتي كشفت عنها المجموعة وقالت إنها تشمل جوبا والخرطوم والسفارات في بعض حواضر دول العالم والإقليم ومقار البعثات الدولية والإقليمية .
بالطبع لا يمكن الإستهانة بها فإن نجحت محاولات هذه المجموعة وتم الحشد والإعداد لها جيد قطعا ستشكل كرت ضغط  ولفت إنتباه لقضيتها وتؤكد بذاتها أن الحلو ليس لوحده وليس آخر المطاف في حل قضية الحرب في المنطقتين خاصة والسودان عامة ، مثلما أكدت مجموعة عبد الواحد نور والتي لازالت خارج حسابات التفاوض أن الجبهة الثورية ليست آخر المطاف لحل المشكلة في دارفور .
الشاهد أن مجموعة الأغلبية الصامتة ظلت تدافع بقوة عن أحقية تلفون كوكو لقيادة المفاوضات بجوبا إنابة عن شعب النوبة لحل مشكلتهم ، وتعتبر بأن الحركة التي يقودها عبد العزيز الحلو ومن خلفه الدكتوران المثيران للجدل (الثنائي الشيوعي) محمد جلال هاشم ومحمد يوسف أحمد المصطفي لا يمثلون شعب جبال النوبة وليس لديهم الحق للتحدث بإسمهم لأجل قضيتهم ، بينما يعتبر هؤلاء أن تلفون كوكو احق بذلك وهو أحد القيادات الأربعة التي جندت وحشدت للقضية باكرا منذ توقيعها علي منفستو الحركة الشعبية الأم في العام 1984 .
علي أي حال تلك مشكلة متجزرة وعميقة وطويلة ومتشعبة كتب عنها مولانا تلفون كوكو بإسهاب فيما تصدت له عدة أقلام لا نريد الخوض في تفاصيلها ! ، ولكن هل التفاوض نفسه لحل مشكلة المنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق) ومنها قضية النوبة أم التفاوض يتم حول قضية وأجندة الحركة الشعبية ؟! .
علي العموم نأمل بأن تصل المفاوضات فيها لرؤى لحلول ترضي كافة الأطراف وتحل مشكلة الحرب في المنطقتين خاصة والبلاد عامة والتي طالت لأكثر من (36) عاما من الإقتتال أقعدت السودان أمنيا وإقتصاديا وسياسيا وإجتماعيا وتنمويا وخدميا ، كفاية حرب وكفاية إقتتال وكفاية شتات !، ولكن بالطبع ليس من حق أي طرف فرض إرادته أو وصاياه علي الآخرين .!.
ولكن هل الطرفين معا وجوبا نفسها تملك الإرادة الكاملة لحل مشكلة الحرب في المنطقتين ؟! فما تحصلنا عليها من معلومات تحت الكواليس تعتبر أمرا مثيرا وخطيرا ، لا تطمئن حيثياته الماثلة للوصول لسلام مستدام بتلكم السهولة التي حشدت لها جوبا والحكومة الإنتقالية ، وبالتالي لابد من التعامل مع المشكلة برشد ونظرة ثاقبة وإلا ستعجل الحيثيات بفشل المفاوضات والتي ستعقب جلستها الإفتتاحية اليوم ، جلسة مغلقة لوفدي التفاوض بحضور سلفاكير والبرهان وحمدوك ، وبلاشك هنالك الكثير من المطلوبات والتنازلات من قبل الطرفين إن تم التأمين عليها بضمانات ترضي الأطراف المتفاوضة ستقود البلاد لبر الأمان وسيتم توقيع وقف شامل لإطلاق النار بين الطرفين …
نواصل …
الرادار … الاربعاء 26 مايو 2021. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى