ابراهيم عربي يكتب : (البشير في المحكمة بالجلابية) … ثم ماذا بعد ..؟!

الخرطوم – الحاكم نيوز
يقال أن الرئيس المخلوع البشير قالها ذات مرة بسخرية ..! وهو حبيسا بسجن كوبر ، عندما قالوا له المواطنين تعبوا من الصفوف والأزمات والغلاء وإنفلات الأمن وهتف بعضهم عايد عايد يالبشير ..! رد المخلوع قائلا (أنا .. من هنا إلا أحمد شرفي ..!) ، مابين القوسين بلا شك تعني الكثير ، ولكنها قد تكون تلك قناعات الرجل (السبعيني) لواقع تجربة مريرة ظل يتعايش معها ثلاثين عاما من الحكم وقد بلغ من العمر عتيا ، المهم (عامين) إنقضتا سريعا ولازالت البلاد غارقة في الخلافات ووحل الأزمات والاوضاع تسير فيها من سيئ لأسوأ !.
أطل الرئيس المخلوع اليوم الثلاثاء 25 مايو 2021 من داخل محكمة إنقلاب الثلاثين من يونيو 1989 عبر القنوات الفضائية ، بلباسه البلدي المعروف الناصع البياض (الجلابية والعمة والمركوب) ولكنه بدون شال ..!  ، علي كل أكمل الرئيس المخلوع فترة حكم (عامين) بالإصلاحية أو بسجن كوبر مجازا لتجاوزه سن (السبعين) ويعتبر الرئيس السوداني الأول الذي تتم محاكمته وإدانته إن لم يكن الوحيد بالبلاد !.
وقد تتباين الأحاسيس وتختلف المشاعر بين من يؤيدونه ومن يناوئونه ، وقد تتعدد الأراء وتتباعد التوقعات والتكهنات ، وبالطبع قد تختلف عندها درجات تقبل الصدمة وتحملها ، وبالتالي قد تختلف أو تتباين التقديرات بشأن ما يترتب عليها من إحتمالات وتلك حالات طبيعية للنفس البشرية ، قال سيدنا علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) في إحدي حكمه (دولة الظلم ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة والدولة العادلة تدوم ولو كانت كافرةً والدولة الظالمة تزول ولو كانت مسلمة) ..!.
علي كل عامين إنقضتا وخلع البشير (بردلوبة السجن) ، والناس هنا لازالوا يتغالطون ناغمون علي أداء الحكومة الإنتقالية أي حكومة الشراكة الثلاثية ، وهم في حيرة من أمرهم يطالبون بالحكومة الثالثة عقب فشل الأولى والثانية ، فيما لازال الجدل محتدما بشأن فض إعتصام الخرطوم الأول والثاني وأخري بالولايات ولازالت الخلافات تتصاعد داخل أسر الشهداء حول السؤال الجوهري من قتل الشهداء ..؟! .
أطل الرئيس المخلوع اليوم باللباس البلدي ! وبالطبع تظل الخلافات أيضا تراوح مكانها مابين تسليمه ورفيقيه هارون وعبد الرحيم للجنائية الدولية أم مثول ، أم ….! ، رغم أن أحمد هارون طالب بمحاكمته بمقرها في لاهاي مثلما يحاكم زميلهم كوشيب الآن في وضع يحسد عليه ويتطلب الكثير ليقال عنه ، بالطبع أوضح هارون رؤيته  ومبرراته ومسوغاته في بيانه باللغتين العربية والإنجليزية .
ولكن من العجب والسخرية لقد أطل الرئيس المخلوع البشير اليوم بالجلابية والعمة والمركوب (من دون شال) حسبما توصلت إليه الأطراف  بعد جدل وملاواة من كتابة الطلب وتسويف ومماطلة وغيرها بين (السجان والمسجونين) ، بالطبع لا نقصد (إدارة وقوات السجون) ، وتلك قد تكون مجرد حالة نفسية وربما أنفة زايدة ، وإذ يقول مختصون أنه في الأصل لا ينبغي في تنفيذ القانون أن يقضي الرئيس المخلوع هذه الفترة بالسجن لأنه ضد الحكم الصادر نفسه (إحالته لدار الرعاية وفقا لمنطوق القانون الساري وقتها لمن بلغوا السبعين) ، ويقولون أن ذلك إستغلالا سيئا للقانون وتعتبر سابقة لم تشهدها المحاكم السودانية من قبل .
دون الخوض في تفاصيل وملابسات القضية أصلا إن كانت حقيقية أو غير حقيقة أو مجرد مسرحية ، ولكن إن سلمنا بذلك جدلا فإن أي شخص محكوم إنتهت فترة حكمه يطلق سراحه دون أن يطالب بتقديم طلب للإفراج عنه وهذه من الأبجديات وكان علي إدارة السجون رفع يدها عنه مباشرة وإخلاء سبيله .
بالرجوع لقرار المحكمة وفي منطوق حكمها قالت أن الرئيس المخلوع يبقي بسجن كوبر لحين الإنتهاء من التحري في بلاغ 1989 ، وبالتالي يعتبر ذلك ضد الحكم الذي أصدرته المحكمة نفسها ، إذا كيف تقضي المحكمة بوضعه في دار رعاية وهو مدان وتقضي في ذات منطوق الحكم بوضعه في السجن وهو متهم ، علما بأن القاعدة الفقهية القانونية (المتهم برئ إلى أن تثبت إدانته) ، وبالتالي أعتقد أن التدبير الذي قضت به المحكمة فإن إدارة السجون غير معنية بإنفاذه قانونا . 
حقا أدخل البشير الجميع في حيرة إن (حاكما ومسجونا) ، وبالتالي لم أجد تفسيرا مقنعا لهدوء الرجل وتمسكه بالحكمة وتظاهره بالطيبة والمسكنة ، إذ لم يحتج أو يتلجلج ، رغم موت ثلاثة من زملائه بالسجن وكثيرهم يعاني أمراضا مزمنة في وقت جيئ بالرابع أحمد عبد الرحمن محمد (86) عاما أكبرهم سنا محمولا في حالة يرثي لها .
غير أن كل ذلك يأتي في مقابل ملاواة وجهود كبيرة ظلت تبذلها هيئة محاميي الدفاع ، فهل لازال البشير ينظر لمايدور بشأنه إبتلاء أم تلك بذاتها قوة إيمانيات يمتلكها الرجل ، أم (جعلية زايدة) ، أم الرجل بايت له في رأي ..؟! ، المهم أن البشير مع رفاقه ظلوا رغم كل ذلك يحتفظون بهدوئهم منذ تلكم اللحظات التي أبلغ فيها البرهان البشير بالانقلاب عليه وحتي الآن ولازالت المحاكمات مستمرة .
الرادار … الثلاثاء 25 مايو 2021 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى