على احمد عباس يكتب : العلاقة التكاملية بين الصناعة والزراعة في السودان

الخرطوم الحاكم نيوز
إذا نظرنا لتاريخ دول العالم المتقدمة والمتحضرة والدول العظمي وما يسمى دول الثمانية العظمي نجد أن الصناعة كانت هي قاطرة تنميتها ورأس رمح تطورها وازدهارها. ورقي الأمم يقاس بمستوى ودرجة التصنيع فيها.السودان تاريخيا يصنف كدولة زراعية بحسبان أن 80 % من سكانه كانوا يمتهنون الزراعة والسواد الاعظم منها في القطاع التقليدي. والحال الان تغير بعد أن هجر عدد كبير من المزارعين العمل في الزراعة التقليدية لأسباب متعددة اهمها ان العائد منها لم يعد يغطي تكاليف الإنتاج التي ارتفعت بصورة كبيرة.أن تصنيف السودان كبلد زراعي ظل ملازما له منذ عهد الاستعمار البريطاني الذي دبر وخطط لان يكون السودان مزرعة كبيرة تنتج القطن لمصانع نسيجه في لانكشير فاقام وانشا مشروع الجزيرة كاكبر مشروع زراعي في أفريقيا والشرق الأوسط دونما أدنى اتجاه لاقامة اي مصانع للغزل والنسيج لتقرر عن عمد التركيز على دعم وتطوير الزراعة دونما اهتمام بالتصنيع.أن هذا المفهوم وهذا التصنيف بأن السودان بلد زراعي أصبح يقينا وعقيدة رسخها وسوقها الاستعمار البريطاني واستمرت ولازالت مستمرة رغم العقود الست التي انقضت منذ خروج المستعمر لنصل لمحطة تصنيف زراعي جديد بأن السودان سلة غذاء العالم إشارة الي إمكانياته الزراعية الكامنة.أن هذا التصنيف للسودان كبلد زراعي قد عمق الهوة وبعد المسافة بين الزراعة والصناعة كقطاعين اقتصادين هامين مترابطين يتكاملان معا. مما أدى إلى ضياع كم هائل من القيمة المضافة والفوائد الاقتصادية العديدة بتصدير منتجاتنا الزراعية في شكل خام تجني فوائده الدول المصدر لها من خلال عمليات تصنيعه.تصنيف السودان كبلد زراعي في رائي تصنيف محبط انطلي على كثير من اهل الشأن والقرار ونرى انه قد آن الأوان وجاءت السانحة للفكاك منه لانه قطعا لن يقود البلاد الي تقدم وازدهار يتطلع اليه المواطنون ودوننا الأمم التي سبقتنا فلنسمي ايا منها تطور بالزراعة وحدها.لذلك نقول ان الزراعة وحدها لا يمكن أن تكون قاطرة التنمية في السودان لوحدها وإنما تمثل الزراعة الوقود الذي يمد الصناعة قاطرة التنمية بقوة الدفع كما هو الحال في كثير من الدول المتحضرة كما اسلفت ويتحقق ذلك من خلال العلاقة الترابطية بين القطاعين الزراعي والصناعي.المتابع لنشاط القطاع الزراعي يلحظ ما حاق به من تدهور مريع كغيره من القطاعات الاقتصادية الأخرى خاصة في القطاع التقليدي الذي هجره اعداد كبيرة من المشتغلين فيه لأسباب عدة في طليعتها ارتفاع تكاليف الإنتاج وصعوبة الحصول على المدخلات والمعينات من تقاوي واسمدة ومبيدات ومواد الطاقة من محروقات وطاقة كهربائية فضلا عن النقص الحاد في الأيدي العاملة والخدمات.أن الزراعة كقطاع اقتصادي هام يملك فيه السودان ميزات نسبية كبيرة لن ينهض الا عبر العلاقة التكاملية corelation مع القطاع الصناعي كما حدث ويحدث في الدول المتقدمة وكل التقدم الذي حدث فيها من تطور لم يكن ليحدث الا عبر ما قدمته الصناعة لها في كل أوجه نشاطها من ميكنة في كل عملياتها الزراعية وما وفرته لها من معينات مكنتها من سد الاحتياجات المحلية وخلق فوائض للتصدير وبرغم ما ظلت تعانيه الزراعة في القطاع التقليدي بالارياف الا انها في قطاعات أخرى حققت نجاحات ملحوظة بفضل توفر عدد من العوامل الايجابية نذكر منها توفر التمويل عبر كم مقدر من الشراكات التي نشات بين مستثمرين َمزارعين في تلك القطاعات بجانب توفر الحزم التقنية والتقاوي المحسنة فجاء عائدها مجزيا للطرفين وكذلك تجاوز مشكلة الأيدي العاملة بإدخال الآلة في معظم العمليات الزراعية بما فيها اعداد الأرض والري والزراعة والحصاد. وكانت القطاعات المروية اكثر حظا في هذا النجاح.أن تطور الزراعة الذي تسهم فيه الصناعة بنسبة مقدرة سينعكس كذلك على القطاع الصناعي ويسهم في تطوره من خلال قيام مشاريع صناعية عديدة تعتمد في مدخلاتها على المنتجات الزراعية بشقيها النباتي والحيواني مثل صناعة الغزل والنسيج وصناعة الزيوت النباتية ومطاحن الغلال ومصانع السكر وصناعة منتجات اللحوم والالبان وتعليب الفواكه والخضر وكثير من الصناعات الغذائية ويشكل هذا الترابط بين الصناعة والزراعة قيمة مضافة لكثير من المنتجات الزراعية ويدعم الصادرات السودانية وينقلها من تصدير الخام الي تصنيعه وهنا أيضا فإن هذا التكامل من خلال مشروعاته المختلفة يخلق فرص عمل كبيرة للمواطنين ويحد من نسبة العطالة لان معظم هذه الصناعات ذات كثافة عمالية عالية Labour intensive.أن تمييز القطاع الزراعي وتفضيله على القطاع الصناعي في مؤتمر باريس من خلال حجم وعدد المشروعات الاستثمارية الزراعية المطروحة على المؤتمر واختذال دور الصناعة في مشروعات محدودة سيضر ضررا بليغا بالعلاقة التكاملية بين القطاعين ويحد من قدرات القطاع الصناعي في رفد القطاع الزراعي. بكل احتياجاته الضرورية التي يمكن توفيرها محليا بواسطة القطاع الصناعي في ظل عدم تمكينه من استقطاب استثمارات وشراكات وجلب تكنولوجيا ت جديدة للتأهيل والتحديث ورفع القدرات والطاقات الإنتاجية من خلال هذه العلاقة التكاملية بين القطاع الصناعي والقطاع الزراعي التي ابنا فؤائدها وعوائدها على الاقتصاد الكلي فان تقديم الزراعة وحدها عبر مشروعات لمؤتمر باريس وحجب دور القطاع الصناعي وعدم إتاحة الفرصة له لينال حظه من مخرجات المؤتمر من تمويل وشراكات وعون فني لهو عمل مبتور وغير مبرر وفيه هزيمة لأي خطط وبرامج تنموية منتظرة لدفع مسيرة الاقتصاد السوداني للخروج من كبوته وتخلفه. نكرر لا يمكن أن تحدث تنمية زراعية دون أن تواكبها تنمية صناعية كما ابنا. نحسب أن لازال هناك متسع من الوقت ولا زالت هناك مساحة لمراجعة المشروعات الاستثمارية المقدمة للمؤتمر والحاق المشروعات الصناعية بالركب والا ستكون المعادلة مختلة وستهدر الموارد وتوظف في غير محلها دونما استصحاب القطاع الصناعي وضمه الي ركاب السفينة التي ستبحر الي باريس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

18 + 15 =

زر الذهاب إلى الأعلى