
الخرطوم الحاكم نيوز
لا أدري لماذا عجز هؤلاء دون أن يحتملوا مجرد مقطع فيديو (درامي) لا يتجاوز مدته (8) دقائق للممثل عبد الله عبد السلام الشهير ب(فضيل) حول حقيقة إتفاقية سيداو ؟، وبالطبع ليست فوق النقد ولم أر فيها من العيوب إلا ما يسد الأفق ! ، هل ضاق هؤلاء ذرعا بالمسرح والفنون والتمثيل والغناء ؟ ، أليس ذات الفيديو واحدا من مكنونات الثقافة والحرية التي ظللتم تروجون لها العرقي محل الشاي بالمجان والبنقو بالبطاقة التموينية ؟ أين تلكم الحلاقيم والأبواق التي كانت تتشدق (مدنياااو مدنياااو) تلك التي إختطفت الثورة وحولتها مغانم للعملاء وتقاطع الأجندات ، تماما كما حولت ساحة الإعتصام إلي حانات ومراقص وكبريهات وما خفي أعظم ! لا ياهؤلاء هذه بضاعتكم ردت إليكم ..!
أعتقد أن الممثل فضيل إستطاع بعمل بسيط أن يختبر الحرية والديمقراطية المزعومة في ظل العلمانية التي ظلت تدعو لها (قحت) ويدعو لها محمد جلال هاشم إما تلك أو فرتقة السودان طوبة طوبة ، وهي ذات العلمانية التي دعا لها عبد العزيز الحلو إما هي أو تقرير المصير ، أعتقد أن فضيل هزم مشروع العلمانية في عقر دارها وأثبت إنها لا تدعو للديمقراطية ولا لكفالة حرية الإعتقاد والتعبير إلا بما يتفق مع أهواءهم .
لقد حقق مقطع فيديو فضيل الدرامي رقما قياسيا في المشاهدة ، وليس ذلك فحسب بل هز المقطع عرش إتفاقية (سيداو) المدعومة دوليا من قبل الحكومات والمنظمات باليورو والدولار والدرهم والدينار ، تلكم الإتفاقية التي بصمت عليها حكومة الشراكة الإنتقالية بالعشرة ، رغم ما تدعيه من تحفطات في بعض بنودها ، ورغم الخلافات الكبيرة بشانها وسط المجتمع ورغم مخالفتها الصريحة للدين وكريم معتقدات المجتمع بعاداتهم وتقاليدهم وأعرافهم السودانية الراسخة .
مهما تباينت المواقف بشأن المقطع الدرامي (سيداو) بين مؤيد ورافض ومنتقد ، ولكنه أعتقد ظاهرة صحية أتاحت للمواطن العادي فرصة لفهم سيداو علي حقيقتها بصورة مبسطة فشل فيها الدعاة رغم إمكانياتهم الهائلة لتوصيل فكرة إتفاقية (سيداو) للمجتمع بذات الكيفية المبسطة التي أوصلها فيديو فضيل الدرامي ، وبه نال إشادة نفر كبير من المجتمع الذين إمتدحوه كثيرا عبر مواقع التواصل الإجتماعي واعتبروا المقطع خطوة وفضيلة تصب في خانة الوقوف بجانب القيم الدينية والإجتماعية .
فيما وصفه الداعية السلفي الشيخ محمد المصطفى ، بالموقف الكريم وقال إنه قدم عملا جيدا للشعب السوداني ، وأضاف الداعية قائلًا (الدين خط أحمر .. فضيل يمثلني) !، غير أن الأمين العام للمجلس القومي للمصنفات الأدبية حاتم إلياس قال ويبدو من عل ! أن مقطع الفيديو الدرامي لفضيل عن سيداو وضع تصورًا رديئًا وسيئًا عن قضية المرأة، ويمثل إنتقاصا من قيمة النساء ، وقال أن فضيل قدم معلومات غير صحيحة عن إتفاقية سيداو ، ولكن الياس عاد وقال إنه عمل فني مفهوم في إطار حرية الرأي !.
بالطبع لم يعجب مقطع (سيداو الدرامي) دعاة الإتفاقية وقد شن هؤلاء هجوما عنيفا وشرسا علي الممثل عبد الله عبد السلام الشهير ب(فضيل) عبر مواقع التواصل الإجتماعي وطالبوه بالإبتعاد عن السياسة والتركيز على أن يقدم دراما هادفة ، ووصفوه ب(الكوز) وتلك حجة المفلس ، ولكنه ليس نهجا جديدا لدي القطيع المعلوف الذي درج وصم كل من خالفهم بإنه (كوز) ويجب مواجهته مثلما قالوا باكرا (أي كوز ندوسوا دوس) ولكنهم مع الأسف داسوا علي كرامة الشعب السوداني وداسوا علي قيمه وأخلاقه تماما كما داسوا علي شعار الثورة (حرية ، سلام وعدالة) تحت أرجلهم .
أعتقد ما قاله فضيل في المقطع الدرامي عن سيداو قليل جدا من كثير ليقال عن الإتفاقية المسخرة والمهزلة المجتمعية ، قال فضيل أن البنت يمكن أن تذهب كما شاءت وتسكن لوحدها ويمكن أن تنجب خارج إطار الزواج دون مساءلة من والديها وأسرتها ولها حق الإجهاض والطلاق ولها مطلق الحرية في كامل تصرفاتها خارج بيت الزوجية التي حددها الشرع وهذا مالم يعجب البلولة المؤيد لسيداو في إطار سواقة القطيع بالخلا عندما تبين الحق .
غير أن فضيل لم يقل إلا قليلا مما يجب أن يقال عن سيداو ، ربما إستحي الرجل وربما ترك مساحة لمشهد آخر ، قال أن إتفاقية سيداو أعطت المراة المساواة مع الرجل حتي في الميراث وبالتالي تكون قد هدمت ركن من أركان الدين ، ولكن مالم يقله فضيل أن سيداو منحت الرجل أن يتزوج برجل مثله والمرأة أن تتزوج بأخرى مثلها عن طريق الحب والغرام ، وهذا ما يعرف بزواج المثليين وقد تحركت جموعهم وحدانا وزرافات تجوب أحياء الخرطوم (علي عينك يا تاجر) وسط المجتمع الذي أصبح كل قوته (أضعف الإيمان) .
مع الأسف لقد إنتقلت أوساخ الغرب وحتالة مجتمعها المجنس السافل ليجتمع شتات قوم لوط من أصحاب الشذوذ والدعر والفجور وغيرهم من القوم المنبوذين في الخرطوم في عهد (البرهان وحميدتي وحمدوك) لتصبح العاصمة ساحة خصبة لأندية الفجور لاعداء الله والدين والوطن .
بلاشك أن مقطع فيديو فضيل الدرامي قد فتح الباب على مصراعيه للهجوم على سيداو، ولكننا لا ندعو للعنف ولا للغلو ولا للتطرف ، بل ندعو لمناظرة مفتوحة يأتي إليها دعاة سيداو ببيانهم وبرهانهم ، ويأتي علماء المسلمين أو المناهضين لها بحجهم وندعوهم لمقارعة الحجة بالحجة حتي نصل للحق الأمثل والأفضل للمجتمع السوداني المسلم المحافظ الوسطي .
الرادار … الأحد .. التاسع من مايو 2021 .