رحمة عبد المنعم يكتب : إسحق الحلنقي.. رئيس جمهورية الحب

بروفايل

ﺃﻋﺰ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﺣﺒﺎﻳﺒﻚ ﻧﺤﻦ
ﺯﺩﻧﺎ ﻗﻠﻴﻞ ﺣﻨﺎﻥ
ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺯﺍﺩﺕ ﻏﻼﻭتو ﻣﻌﺎﻙ
وﺻﺎﻟﺤﻨﻲ الزمان
الكلمات أعلاها لشاعرنا الكبير إسحاق الحلنقي اتخذتها مدخلاً للكتابة عنه، وكيف لحرفي أن يكتبه وحروفه من درر وماس،فالمتأمل في قصيدة (أعز الناس)يجد كلمات نقية تتكيء على ساعد الحب الشفيف وتنساب نغماً : *(*لقيتك بين ضلوعي شموع.. وغنيتك نغم*) ”

ولد إسحاق الحنلقي في مدينة كسلا في العام 1945م ، نشأ بها واظله شجر (الدوم) .. شرب من مياة (توتيل)،وجلس على ضفاف نهر القاش يتأمل *(صوت السواقي الحاني*)* ينتخب مفردات الحب ( *(حبيت عشانك كسلا.. خليت دياري عشانا)*

بدأ الحلنقي في نظم الشعر منذ سن مبكرة، وكانت اول أعماله الشعرية ( الأبيض ضميرك) التي تغني الفنان الرائع الطيب عبدالله،ولاقت الأغنية رواجاً كثيفاً، و تبادلها العشاق في مابينهم للدلالة على نقاء دواخل المحبوب :
إنت يا الأبيض ضميرك .. صافي زي قلب الرضيع
في كلامك وفي ابتسامك .. أحلى من زهر الربيع
اسحق الحلنقي شاعر ينثر الحروف يصيغها ويطوعها على لسانه وعلى قوالب روحه الشفافة كما يريد، فكانت ( ﻧﺠﻤﺔ ﻧﺠﻤﺔ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻧﻌﺪﻭ) التي تغنى بها الفنان الطروب أبراهيم حسين، إذ أظهر فيها الحلنقي بلاغة في التعبير وبراعة في التصوير :
الريدة الكتيرة ياحنين شقاوة
كل مانزيد حنان انت تزيد غلاوة
الزهرة الجميلة بتشيلك نداوة

عاش الحلنقي سنوات من عمره خارج البلاد حيث عمل في بلدية العين بإمارة أبوظبي ، و شكلت الغربة وجدانه وشحذت مشاعره، وجمعته(غربة وشوق) بالقامة محمد الأمين : ( *جيناكم يا حبايبنا بعد غربة وشوق نغالب فيه ويغالبنا*) ، سنين الغربة جعلته محملا” بالاشواق، يحمل حنين دافق واشواق لاتعبر عنها الكلمات:
ووصف البهجة بالكلمات محال يتقال حلاوة العودة غنيناها في موال
مايميز الحلنقي اسلوبه السلس، صوره الشعرية الحسية الحية، لغته الانسيابية، ومفرداته التي يمس فيها الحب شغاف القلب غازياً :
   ﻣﺘﻴﻦ ﻋﺮﻑ ﺍﻟﻬﻮﻯ ﻗﻠﺒﻚ ﻣﺘﻴﻦ ﺻﺎﺑﻚ ﺑﺂﻫﺎﺗﻪ
ﻣﺘﻴﻦ ﺳﻬﺮ ﻋﻴﻮﻧﻚ ﻟﻴﻞ ﻃﻮﻳﻠﻪ ﻃﻮﻳﻠﻪ ﺳﺎﻋﺎﺗﻪ
الحلنقي صاحب يراع جميل واحساس مرهف، قصائده قريبة إلى ومن القلب ، شدتني كلمات (الحب الدافئ) التي غناها التاج مكي :
فايت مروح وين ..ما لسة الزمان بدري
خليك شوية معاي عشان جنبك يطول عمري
ولأن الشعراء دوما” يرتبطون بالاماكن لم تغب كسلا عن قصائد الحلنقي :*( *دار الفرح والريد تلقاني من أهلها *ﻭﻣﻴﻦ ﺍﻟﻠﻲ ﻣﺎ

ﺑﻌﺮﻑ ..طيب شباب كسلا*)* ،بالتأكيد نعرف طيب قولك وجمال حرفك. 
ومن ضمن الأغنيات التي غناها التاج مكي للحلنقي اغنية ( اسأل العنبة الرامية فوق بيتنا ) تلك الأغنية التي لم نكن نمل من ترديدها حينما كنا صغاراً . إذ يقول فيها:
*رحت خليتنا.. وتأني ماجيتنا*
*لومغالطتنا.. مامصدقنا*
*اسأل العنبة الرامية فوق بيتنا*
الحلنقي نبع الشعر الذي لاينضب عطاءه، كتب لخوجلي عثمان اغنية (أسمعنا مرة)، الاغنية التي عمت شهرتها الآفاق وحفظها الصغار والكبار و ظلت حاضرة في حفلات المناسبات:
*أسمعنا مرة وحاتنا عندك*
*الدنيا تبقى مافيها مرة*
*والكون يلالي بهجة ومسرة*
الحلنقي شاعر الحب ورئيس جمهوريته ، المتحدث الرسمي بأسم العشق، أهدى صالح الضي كلمات *(*عيش معاي الحب ..عيش معاي حناني* ) ، وكتب لصلاح مصطفى: (*مشي امرك ياقدر انت أحكامك مطاعة)، وتغنى له حمد الريح باغنيات (حمام الوادي.. شالوا الكلام)
شكل الحلنقي ثنائية متالقة مع الفنان الكبير محمد وردي، بداية من  *(اعز الناس* )إلى ( *ﻫﺠﺮﺓ ﻋﺼﺎﻓﻴﺮ ﺍﻟﺨﺮﻳﻒ في موسم الشوق الحلو* ) مروراً ب *(اقابلك في زمن ماشي وزمن جاي وزمن لسة) و ( *ﺍﻟﺪﻣﻮﻉ ﺩﺍﻳﻤﺎً ﺣﺒﺎﻳﺒﻲ  وإنت أفراحك حبايبك*)
هذه الأغنيات جمعت مابين الحلنقي و محمد وردي، وشكلت نسيجا فنيا ووحدة إبداعية مترابطة ومتمازجة، قدمها (الإمبراطور) بصوته العذب الحساس و لاقت شهرة وحضور وإعجاب
 
يعتبر الحلنقي مدرسة شعرية متفردة، تعامل مع كل الأجيال الغنائية، كتب لسيف الجامعة  (اعذريني  الدمعة دي حتبقى اخر دمعة ليا) ولجمال فرفور (ﺑﺴﺎﻁ ﺍﻟﺮﻳﺢ ﺑﺠﻴﻨﻲ ﻣﺘﻴﻦﺃﻏﻤﺾ ﻋﻴﻦ ﻭﺃﻓﺘﺢ ﻋﻴﻦ)، واهدى منار صديق (قالوا لي أقنع ) والكثير من اعماله الشعرية التي لا استطيع حصرها. 
يقولون للإبداع صناعه وللحرف صياغه.. بلا شك الحلنقي  هو ملك المفردة المتوج بعرش الإبداع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى