ابراهيم عربي يكتب : (محاكمة رموز الإنقاذ) … مطاردة الساحرات (14) 

الخرطوم الحاكم نيوز
توقفنا في الحلقة السابقة عند إستعراض مراحل تطور إتهام البروف غندور والدكتور الجزولي وعدد من الضباط وقيادات الدفاع الشعبي بإتهامات لايمكن إلا أن نطلق علي تسلسل إطلاقها بأنها (فنتازيا بإمتياز) ، وإن كانت تفقتقر حتي إلى الخيال الدرامي بشكل واضح ، ولم يتثني لنا بعد التأكد عما إذا كانت سلطات التحري قد وضعت يدها علي الفريق صلاح عبد الخالق والفريق شرطة عادل بشائر المتهمان الرئيسيان ، خاصة وأن المعلومات المتوافرة لدينا تشير إلى مغادرة بشاير للبلاد مباشرة بعد إعفاءه للقاهرة ، وأن عبد الخالق أيضا غادر للقاهرة مستشفيا ! .
بيد أن اللافت للإنتباه سواء فيما يلي الإتهامات الموجهة لغندور ورفاقه ، أو في بلاغات وحوادث أخرى إستسهال النيابة ولجنة إزالة التمكين لإطلاق صفة (الحادث الإرهابي ، والمؤامرة الإرهابية ، ومخطط إرهابي) علي كثير من المواقف والوقائع ومنها علي سبيل المثال لا الحصر ماتختزنه الذاكرة الوطنية من حوداث وعلي رأسها حادثة  محاولة إغتيال رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك قبل أكثر من عام ، ولايزال الرأي العام في إنتظار نتائجها ومعرفة مدي فاعلية الإستعانة بمكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي الذي أعلن انه تم الإستعانة به لدعم تحقيقاتها وكان الرأي العام يتوقع خاصة مع التنامي المضطرد في العلاقات أن يري أثرا لتلكم العلاقات المتطورة في تلك القضية !.
وهذا مايفتح المجال واسعا لتصديق التسريبات التي ظهرت من بعد ذلك بأن فريق مكتب التحقيقات نصح الحكومة بعدم التورط في هكذا (تمثيليات) لخطورتها ، ولاننسي أن نشير إلى أن التصريحات التي صدرت متزامنة مع تلك الحادثة ومنها تغريدات (حرم رئيس الوزراء) ووزير مجلس الوزراء وقتها السفير عمر مانيس الذي أكد عدم وجود رئيس الوزراء في الموكب الذي تعرض للتفجير قد ألقت تلك بظلال كثيرة من الشك حول الأمر برمته !.
كما أن زيارة النائب العام لمسرح الحادث وتصريحاته التي حاول من خلالها إلقاء التبعية في ذلك الحادث علي جهات معينة وحتي قبل أن يبدأ تحقيقاته وينجلي الدخان المتصاعد من منطقة الحادث والبرمجة الإذاعية الخاصة الي عملت أجهزة الإذاعة والتلفزيون الحكومية علي الإنتقال اليها فور وقوع الحادث وإستضافتها لعدد من رموز اليسار ، ولم يتورع هؤلاء في توجيه الإتهام صراحة للتيار الإسلامي بتحميلهم له ذلك الحادث ، ومطالبتهم بمواجهته بعنف ثوري مضاد .
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل هنالك محطات أخرى كثيرة تقودنا إلى نفس ذلك الإستنتاج ومنها المؤتمر الصحفي للنائب العام والدعم السريع والأدلة الجنائية والذي عقد علي اثر ضبطية للدعم السريع لمتفجرات لاتحتاج لمتخصص لمعرفة أنها تعود الي معدنين ينشطون في مجال التعدين عن الذهب ومحاولة ربط تلك الضبطية بأعمال إرهاب وتصويرها بأنها نموذج آخر لتفجير بيروت ، وقد أثبتت الأيام أنهم (مجرد دهابة) ، وصولا لبيان لجنة إزالة التمكين عن ضبط خلية إرهابية عسكرية في إفطار الإسلاميين الإسبوع الماضي ، كل ذلك يقودنا للتساؤل بإشفاق لمصلحة من يتم كل ذلك ؟ .
ربما القصد محاولات لإستدعاء نموذج بعض البلاد التي عانت من تلك الأزمات بغرض دمغ التيار الإسلامي بالإرهاب ومن ثم إيجاد المبرر للإجهاز عليه !! ، ولكن لا أعتقد أن هذا المسلك كان حكيما ، وقديما قيل (من يطرا العفاريت بتظهر له) لانري مبررا معقولا للسير في هذا الطريق فقط لإشباع شهوة الإنتقام بالخصوم والتنكيل بهم ، فهذا مضر جدا بمصلحة الأمن القومي للسودان في كل نواحيه ، بالنظر الي أثره الضار في إبراز عدم الإستقرار بالبلاد وأثر ذلك علي أقل تقدير علي الإستثمار الذي تتحدث الحكومة عن السعي لجذبه وتعقد الموتمرات الدولية من أجله ، بلا شك أن هذا يعتبر مطاردة لشبح (الإرهاب) وقد كلف الدول التي تعاني منه بحق كثيرا ، وتتمني لو أنها أصبحت فوجدته إرثا من الماضي .
وعطفا علي نية الإنتقام والتشفي والفجور في الخصومة السياسية تأتي نتيجة استئناف النيابة للحكم الصادر بإسقاط التهم الجنائية عن نائب الرئيس السابق عثمان كبر ،وفي وقت قياسي جدا من محكمة الإستئناف لإعادة توجيه تلك التهم والاستمرار في المحاكمة وفقا لذلك ، رغم أن محكمة الموضوع كانت قد شطبت التهم الجنائية في مواجهته لعدم وجود أساس كافي يبرر توجيه الإتهام واكتفت بتوجيه إتهام إجرائي بمخالفة قانون الإجراءات المالية والمحاسبية ، فالواضح في هذه القضية أن الإتهام منذ منشئه لدي النيابة لم يقم علي ساقين وإنبي بشكل أساسي في مجمل المبالغ محل الإتهام علي تطابق أسماء بين إسم نائب الرئيس السابق عثمان كبر وشخص آخر بذات الإسم ، (ولنا عودة لتفاصيل تلك القضية) .
ولكن واقع الحال ينبئ وكأن المطلوب من المحاكم في الدعاوي ضد رموز النظام السابق هو الإدانة والإدانة فقط ، وهذا ماتشير اليه أيضا للاسف محاكمة المهندس عبد الباسط الذي أدانته المحكمة في كل التهم الموجهة إليه علي خلاف مجري القضية في مرحلة المحاكمة وحمكت عليه بالسجن عشر سنوات ، وقد كشف بحثنا الاستقصائي عن المثير والمثير جدا في مراحل هذه القضية في مرحلة ماقبل المحاكمة من إبتزاز للتسوية وغيرها من الوقائع المثيرة، وتنقلها من نيابة لأخري حتي جابت كل النيابات المتخصصة ثم أرخت سدولها لحين بلجنة إزالة التمكين ثم إلى المحكمة التي قضت بذلك الحكم ،وإنها قصة تستحق أن تروي بفصولها فتابعوننا في الحلقة المقبلة .
نواصل …
الرادار .. السبت 24 أبريل 2021 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى