هشام الكندي يكتب :مشرحة الأكاديمي .. اكرموا الموتى

الخرطوم الحاكم نيوز
دون سابق حديث وجه العم عبدالرحمن شباب الحي بتركيب الصيوان ورص الكراسي وفرش السجاد وعند السؤال عن هذا الترتيب قال بصوت خافض جاؤه إتصال عاجل من دولة الكويت تفيد بوفاة إبنة الأكبر عبدالناصر الذي اغترب عن السودان لأكثر من ثلاثون عاما دون عودة أو إتصال أو حضور مراسم وفاة والدته حاجه سيدة التي انجبت في غيابه سعاد وسلوى وأحمد ، ثلاثة أيام ممتدة لمراسم العزاء حضر فيها الأهل بالقطر والبصات وانفض الجمع وتم رفع الفراش شاكرين الجميع على تكبد المشاق ، ويبقى عبدالناصر في عداد الموتى بعد العيد الكبير يصل خطاب من البريد من عبدالناصر يعزي في وفاة خالته(ست البنات) فالجمت الدهشة عموم الأهل وجاؤا للعم عبدالرحمن بان وصلهم خطاب من إبنه و إبن خاله الموظف بالحكومة اتصل عليهو بالتلفون وبقول هو عايش مامات ، رد عليهم عبدالرحمن (أنا أبوه في نظري مات وفرشتا عليهو امو ماتت ماجا اخوانو ولدوهم وعرسوا ما شافن وأنا الشوف والسمع بقي ضنين وشاكي من وجع الظهر والركب قوموا شوفوا شغلتكم)…

فالحياة بها اناس اموات كالاحياء يمشون بيننا بروحهم وذكراهم وهناك أحياء كاموات لاحركة ولاروح لهم ولا مشاركة في المجتمع (أخير عدمن) .. وقضية مشرحة المستشفى الأكاديمي تعلو على السطح كما تعلو رائحة الجثمانين المتعفنة كأنك تمر على مكب للنفايات هل تصدقون ذلك ومن (شم ليس كمن سمع) الأهالي يسكنون على بعد ثلاثون مترا من ذلك قطع الزلط عديد السكان أصيب بالأمراض وكيف حال الأطفال حين يشتمون تلك الروائح ليلا وماذا تقول لهم أمهاتهم وهم يخلدون للنوم .. هل هذا هو إكرام الميت الذي ولد من رحم أمهات هذا الوطن تضيق به رحاب الأرض يوضع على ثلاجة تحتاج إلى الكهرباء والإصلاح وحتى الثلاجة الناس (مدفوسه) فيها يعني إنسان السودان حيا وميتا لا راحة لاكرامة له .

حق لأهل الامتداد أن يتظاهروا ويعلو صوتهم لأنهم أصحاب الوجعه فالشباب معتصمون لأيام أمام المشرحة في انتظار مسؤول يحضر ويوجه بعمل اللازم ومن هو المسؤول ولماذا وصلت إلى هذا الحد ومن هم ذوي الجثامين الأمر برمته يدل أن مؤسسات الدولة في غياب والكل يرمي اللوم على الآخر وحديث السيد النائب العام يدلل على الصراع بين هيئة الطب العدلي الولائي والاتحادي والناس سيدي النائب العام يتحدثون عن قضية متأزمة وما علاقة احتواء المشرحة لجثامين مفقودي فض الإعتصام ، هل يعقل يا اهل السودان بأن يصل بنا الحال أن يعتصم ويتظاهر المواطن من اجل إخلاء المشرحة نتيجة انبعاث روائح الجثث هل نحن حقيقة نعيش في القرن الحادي والعشرين أم نعيش تاريخا مزيفا ونحن في فترة القرون الوسطي بالله عليكم سادتي تصوروا حين تنقل فضائية الحدث العالمية ذلك الخبر مباشرة آلم يكن عيبا ووشمة عار لكل إنسان سوداني .

الأمر سادتي أكبر من إدارة الطب العدلي و يحتاج إلى تدخل عاجل من رئاسة هرم الدولة رئيس المجلس السيادي عبدالفتاح البرهان ورئيس الوزراء دكتور حمدوك والسيد وزير الصحة دكتور النجيب بإعطاء الملف الضرورة القصوى من الإهتمام وتكوين لجنة من الجهات المخلتفة لكتابة اوجه الخلل والقصور ومن ثم إجراء التشريح اللازم وكتابة تقرير سبب الوفاة واخذ الصور و عينات الحمض النووي DNA والشروع في عملية الدفن بمقابر خاصة يسهل تحديدها حال طلب النيابة لنبش أي قبر .

الله تعالى كرم الإنسان حيا وميتا وإكرام الميت استعجال دفنه فأهل السودان يعيشون الأمرين الأحياء منهم في مكابدة سك الحياة في الصفوف وغلاء الأسعار والأموات يحشرون في حاويات الجثث فتتحلل وتنبعث الروائح الكريهة تؤذي السكان والمارة فعذرا أهل السودان لم تعرف حكوماتنا معنى الحياة إحياء واموات ودول العالم المتحضر تنشىء جمعيات الرفق بالحيوان فبأي ذنب يحاسبوا وهم أحياء هل نقيم لهم سرادق العزاء كما فعل شيخ عبدالرحمن لابنه فبقى في عداد الموتي فالحكومات سادتي هناك حكومات أحياء كالأموات لاحركة و لاهم وهناك حكومات أموات كالاحياء تمشي بين الناس فاكرموا الأموات بالدفن واريحوا الاهالي من كره الروائح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى