ابراهيم عربي يكتب : (محاكمة رموز الإنقاذ) … مطاردة الساحرات (13)

الخرطوم الحاكم نيوز
 توقفنا في الحلقة السابقة عند التطورات (الدرامية) لقضية إعتقال بروف غندور والدكتور الجزولي ورفاقهم بتطور الإتهام تجاههم بإتهامهم بالإعداد لتنفيذ إنقلاب عسكري بالإشتراك مع الفريق طيار صلاح عبد الخالق ومدير الشرطة السابق الفريق عادل بشائر ، والسعي لتخريب الإقتصاد عن طريق إستلامهم (مليارات) الجنيهات لتخريب برنامج (سلعتي) ، ووصول تلك الإتهامات لمرحلة (الفنتازيا في الدراما) بضم قيادات الدفاع الشعبي السابقة الموقفين بكوبر منذ عامين لقائمة الإتهام رغم وجودهم بالسجن وبالتالي سؤالهم عن مقابلتهم للفريق عبد الخالق وبشاير وعن رؤيتهم لتلك المبالغ ؟ .
وذلك ماعلقنا عليه بإنه شبيه بإتهام (طه وهارون) بفض إعتصام القيادة من داخل محبسهم بكوبر ، وقلنا أن السؤال يطرح نفسه بقوة إن كان لدي هؤلاء المعتقلين من رموز النظام السابق هذه (القدرات الخارقة) للتحرك خفية من وراء حجب للدرجة التي تمكنهم من الخروج من السجن المدجج بالسلاح والقيود والعودة إليه في أي وقت بل والتخطيط أيضا لإنقلابات ، إذا كيف سقطت الإنقاذ بتلكم الصورة الدراماتيكية ؟! .
لم تتوقف تلكم الأعمال الدرامية عند هذا الحد بل كشف بحثنا الإستقصائي أن لائحة الإتهام تطورت تجاه قيادات الدفاع الشعبي المحبوسين بكوبر ، وكما أشرنا في حلقات سابقة أن هؤلاء تم القبض عليهم في أبريل 2019 عقب الثورة مباشرة كجزء من ترتيبات الحكومة الجديدة لتأمين حكمها ولازالوا يقبعون فيه ، ولكن ربما لتطاول أمد الإعتقال التحفظي دون مسوغ قانوني معقول حيث لم تبدر منهم أي تصرفات يمكن أن يتهموا من جرائها أنهم قاموا بأفعال أو أنشطة تخل بأمن النظام الجديد ، ومع قرب إنتهاء أمد حالة الطوارئ بعد عدة تمديدات لها وهي ماكانت توفر الغطاء القانوني لإعتقالهم من ناحية ، ومن ناحية فقد كسب هؤلاء حكما قضائيا من المحكمة الدستورية يقضي بإطلاق سراحهم ، إذاء تلك التطورات القانونية ، فتم فتح بلاغات في مواجهتهم تحت قانون الثراء الحرام ، وهو إتهام تم توجيهه لكل رموز النظام السابق كمظلة قانونية (كجامة) تتيح إبقاءهم بالحبس .
لقد حدث مشهد درامي يؤكد ما ذهبنا إليه ! من وصف (الفنتازيا) ، فقد كشف بحثنا الإستقصائي أن حاج ماجد الذي ظل محبوسا بالسجن طيلة تلكم الفترة ، تم التحري معه مؤخرا بإعتباره حاج ماجد السوار السفير السابق بالخارجية وأمين جهاز المغتربين ، وقد تفاجأ الرجل نفسه عندما شرع المتحري في سؤاله عن ذلك الجهاز ، فنبهه حاج ماجد أنه ليس حاج ماجد السفير ، مما أحدث إرتباك وكيل النيابة (المتحري) ، وبعد خروجه ودخوله من المكتب الذي كانت تجري فيه التحريات وقيامه بعدة إتصالات هاتفية نتيجة إكتشافه الخطأ بأنهم إستهدفوا الشخص الخطأ ، عاد وبدأ بسؤال حاج ماجد عن أملاكه فأشار الرجل إلى المتحري عدم إمتلاكه أي أموال أو عقارات سوي المنزل الذي يسكنه ، وهنا إنفتحت شهية المتحري وبدأ في سؤاله عن كيفية إمتلاكه لذلك المنزل ، فأشار له بأنه ورثه من والده ، فسأله المتحري من أين حصل عليه والده ، فأشار له حاج ماجد بأنهم بإمكانهم توجيه السؤال مباشرة لوالده المتوفي والمدفون بمقابر الصحافة !.
علي كل لم يكن الحال تجاه الإتهامات الجديدة (الثراء الحرام) لبقية عناصر تلك المجموعة بأفضل مما حصلوا عليه من حاج ماجد ، فتركوهم لحالهم وأعيدوا إلى السجن بكوبر ، وبعد إنقضاء حوالي الشهرين من تاريخ إجراءات التحري تلك تم إستدعاءهم من السجن مرة أخرى لديوان النيابة ليتم مواجهتهم والتحري معهم في بلاغ جديد وهو بلاغ (خلية الطائف) ، ويذكر القارئ الكريم أنه في حوالي شهر مايو 2019 تم الإعلان من قبل السلطات عن ضبط أسلحة ومتفجرات بشقة بحي الطائف بالخرطوم ، وظهر من خلال مجريات أحداث تلك الحادثة أن المنزل هو إحدى مقرات جهات أمنية خفية (بيت أمن)، وقد كشف بحثنا الإستقصائي أن الموجودين بالمقر ساعة مداهمته بواسطة قوات من الدعم السريع أفراد نظاميون وسارعت قيادتهم للتدخل ، وهو ماتسبب في توتر كبير بين تلك الجهة الأمنية والدعم السريع إنتهى بتقديم الفريق مصطفي مدير الإستخبارات وعضو المجلس العسكري الإنتقالي ورئيس لجنة الأمن والدفاع في ذلك المجلس لإستقالته والتي أعلن عنها إنها تمت لأسباب صحية ، وتم تعيين الفريق المرحوم جمال عمر بديلا له .
بالطبع كان أمر الربط بين قيادات الدفاع الشعبي وتلك القضية أمرا متعذرا ، فتركوهم لحالهم بالسجن ، إذ لم تعد هناك محكمة دستورية يمكن اللجوء إليها لإصدار حكم جديد بحقهم بعد إنقضاء أجل خدمة أعضاء المحكمة الدستورية ، واستمر الحال علي ماهو عليه ، في إنتظار بناء قضية إتهام جديدة (كجامة) لتبرر حبسهم إلي أن ظهرت قضية إنقلاب غندور وعبد الخالق وعادل بشاير (الدرامية) للوجود فتم دون تردد إضافة هؤلاء كمتهمين فيها .
علي العموم أن وجه التطور في هذه القضايا الدرامية والذي لاتستوعبه إلا الفنتازيا تلكم (القدرة الخارقة لرموز النظام السابق) علي التحرك وبحرية لإرتكاب تلك الجرائم الموجهة ضدهم ومن داخل (سجن كوبر) وهو أعتي سجون السودان مدججا بالسلاح والقيود المتشددة ، إذ لم نجد من خلال بحثنا الإستقصائي للإتهام أي مشروعية يقبلها العقل ! ، إلا إذا أضاف مخرج تلك (الفنتازيا) إليهم بأنهم يمتلكون (طاقية الإخفاء) للخروج من السجن للقيام بكل تلك الأفعال والعودة بهدوء لسجنهم !.
نواصل السبت المقبل إن شاء الله …
الرادار … السبت 17 أبريل 2021 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى