الطريق الثالث – بكري المدني _ رحيل الأقمار يوسف سيد احمد

الخرطوم الحاكم نيوز

هذه فترة ابتلاء عظيم فقدنا فيها الكثير من الأعزاء والعزيزات ولا نقول الا ما يرضي الله و (انا لله وانا اليه راجعون ) وآخر ما فقدنا اخانا الأكبر الأستاذ يوسف سيد أحمد خليفة رئيس تحرير صحيفة (الوطن) والذى رحل عنا بالأمس مخلفا حزنا دفينا على هذه الدنيا الفانية والبقاء لله وحده

عرفت الأخ يوسف سيد أحمد رحمه الله واحسن اليه عن قرب في رحلة طويلة لجمهورية الصين الشعبية وقد كنت وقتها رئيسا لتحرير صحيفة الحرة وكان هو ناشرا لصحيفة الوطن وعدنا بعد أيام من السفر والسكن معا بالاتفاق على ان انتقل لرئاسة تحرير صحيفة الوطن لفترة قاربت الأربعة أعوام كانت من الفترات المهمة في مسيرتي الصحفية

عملت مع الأخ يوسف سيد احمد رحمه الله في فترة صعبة كان هامش الحريات فيها متحركا يضيق حتى ليكاد يكتم الأنفاس ويتسع بشكل خادع وكأنه كمين يقودنا للمصادرات من بعد الطبع وهو الشيء الذي تترتب عليه خسارات ضخمة للصحيفة ولقد خضنا معا هو على مقعد الناشر وانا على كرسي رئاسة التحرير معركة حرمان (الوطن)من الإعلان الحكومي وصمدنا حتى انتصرنا بمقدار في الآخر

عملت خلال مسيرتي الصحفية مع عدد من الناشرين وملاك الصحف أشهد أن يوسف سيد احمد يرحمه الله كان أكثرهم شجاعة واستعدادا للمواجهة حد الخسارة ولقد كان وهو الخاسر الأكبر من عمليات المصادرة والمحاكمات المتصلة كان أكثر منا في طاقم التحرير على نشر ما يرى انها حقيقة غض النظر عما يترتب عليها من بعد

لا اذكر ابدا إننى استشرته في نشر يوم من الأيام وقد طلب العكس بل العكس لطالما كان يقلل من المحاذير التى أضعها أمامه كمخاوف على النشر وان انسى لن انسى وذلك مثالا فقط نشر خبر إقالة الفريق طه الحسين مدير مكاتب الرئيس السابق عمر البشير

كان يوسف سيد احمد رحمه الله خارج البلاد عندما وصلتنى معلومة إقالة الفريق طه الحسين وكان الرجل وقتها مخيفا ومرعبا ولو ان المعلومة لم تكن صحيحة او حتى تجاوز طه الأمر فإن ذلك كان يعنى ان نستعد لدفع الثمن مضاعفا فكان ان كتبت الخبر واعددت الخط الرئيس واتصلت بيوسف في الخارج حتى اضعه في الصورة ولكنه لم يتردد في ان يقول لي كلمته المعهودة في ذلك (شوووت!)

ما يقارب الأربعة سنوات حفظنا فيها المقامات واسسنا لاحترام متبادل على الرغم من خلافات تصاحب اي عمل مماثل يمتد من الصباح وحتى المساء وأكثر من ذلك أننا افترقنا بإحسان عندما غادرت صحيفة الوطن مفصولا وسط دهشة الكثيرين وذلك لحرصنا الدائم على أن تصدر الوطن دائما في شكل من التماسك والانسجام ولقد كان حرصنا اكبر من بعد الفراق ألا تجد تلك الخلافات طريقها للنشر او الحديث

رحم الله أخي الأكبر يوسف سيد احمد خليفة وانا راضي عنه وعافي عنه عفوا يتنزل عليه بردا وسلاما وهو بين يدي ربه لا يملك لنفسه اليوم حول ولا قوة وأرجو ان يغفر لي الله بذات المستوى اي تجاوز في حقه مما أعلم ولا أعلم ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

اسأل الله ان يطرح البركة في اخويه -اخوانى عادل وامير سيد احمد خليفة وفي أبنائه وبناته وزوجته الفاضلة الكريمة وان يحافظ الجميع هؤلاء على ان تبقى أسرة الراحل والدنا الأستاذ سيد احمد خليفة فى مقدمة الأسر في المعرفة وعلو الشأن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى