
الخرطوم الحاكم نيوز
قلنا في الحلقة السابقة أن المتابع يجد أن الفريق (حميتي) وشقيقه الفريق عبد الرحيم دقلو وقوات الدعم السريع تلك معطيات أوجدها الرئيس المعزول من العدم ، فأصبحوا الأقرب إليه وجدانيا ، إذ لم يخف البشير إعجابه وإفتخاره بهم وقد ظل يقول هؤلاء (هم أبنائي) ، وبل ظل يفتخر بقوات الدعم السريع كثيرا وقالها في إحتفال جماهيري حاشد لتلكم القوات في معقلها في أم القري بجنوب دارفور مباهيا بها ومتحديا قائلا (الدعم السريع مخزوني الإسترتيجي) ، فلا أدري هل ذهبت تلكم الثقة أدراج الرياح أم ماذا حدث وكيف حدث ما حدث ؟!.
بلا شك يندهش المراقب عند تتبعه مسيرة إنشاء قوات الدعم السريع ، حيث أن مراحل تطورها تشير بجلاء للدور الحاسم في إنشاء تلك القوات وإرتباطها المباشر بالرئيس المعزول نفسه ..! .
وليس ذلك فحسب ، فقد كشف بحثنا الإستقصائي ، أن قانون تلكم القوات الذي أجازه البرلمان دفع به الرئيس المعزول مباشرة للبرلمان دون المرور علي الحكومة التي كان يرئسها الفريق أول ركن بكري حسن صالح ، وطلب الرئيس من قيادة البرلمان تبني القانون كمبادرة تشريعية ، ووضع القانون تلك القوات تحت القيادة المباشرة للرئيس الذي أوكل تلك المهمة لمدير مكتبه الفريق طه عثمان الحسين ، ولقد نشأ وضع في غاية الغرابة من جراء ذلك !، ولكن مايهمنا هنا في هذه الحلقات هي علاقة تلك القوات بالرئيس السابق مباشرة ، إذ يري الكثير من قادة الجيش السابقين أن وضع تلك القوات قد دق إسفيناً في العلاقة مابين الرئيس المعزول والجيش .
وبالنسبة لباقي القادة المؤثرين في منظومة اللجنة الأمنية فنجد أن الفريق أمن جلال الدين الشيخ الطيب نائب مدير عام جهاز الأمن الوطني والمخابرات ، هو في الأصل ضابط بالقوات المسلحة الدفعة (31) كلية حربية ، تم نقله إلى جهاز الأمن برتبة الرائد وتدرج حتي رتبة اللواء ، وهو أحد الذين أعادهم الرئيس المعزول للخدمة من المعاش ، بعد تقاعده لمدة إستمرت أكثر من عشر سنوات ، إذ تمت إعادته للخدمة في تلك الوظيفة بعد نزوله للمعاش وعمل بعد التقاعد بالأجهزة السياسية لولاية الخرطوم وكانت آخر محطاته فيها منصب المعتمد في محلية جبل أولياء ، في إطار موازنة قبلية طالت وقتها حتي ولاية الخرطوم بوصفه من الريف الشمالي للخرطوم ، ولم يعثر تحقيقنا الإستقصائي في سجل خدمته الأمنية مايميزه .
بينما يعتبر الفريق كمال عبد المعروف رئيس هيئة الأركان المشتركة ، من الضباط المحترفين والمتميزين ، حسبما يري كثير من زملاءه من أبناء دفعته ، مايحسب للفريق كمال عبد المعروف أو عليه أنه كان ضمن مجموعة كانت محل إهتمام الرئيس ، وللرجل سجل عملياتي حافل آخرها معركة إستعادة هجليج 2012 والتي إحتلتها قوات دولة جنوب السودان بمساعدة بعض الحركات المسلحة ، وكانت هجليج سببا في القرار الدولي (2046) في العام 2012 ، وليس لدي الفريق كمال عبد المعروف أي إهتمامات أو طموحات سياسية (حسبما يقول زملاؤه) ، وقد سبق أن أورد بعضهم إسمه في محاولة قوش الإنقلابية ولكنهم سرعان ما نفوا ذلك بأنفسهم ، وسبق أن كتبت وقتها وقلت الفريق كمال عبد المعروف ليس من الذين يسعون للسلطة عبر الإنقلاب علي البشير ، فإذا ارادها سيدخلها عبر الأنتخابات وسيفوز ، وأعتقد ما يفسر عدم إهتماماته السياسية ، إصراره علي الإبتعاد مع عوض إبن عوف مباشرة عقب رفض الشارع لهما .
مايحسب للفريق كمال عبد المعروف أو عليه إنه كان ضمن مجموعة ، كانت محل إهتمام ورعاية من قبل وزير الدولة للدفاع الأسبق الشهيد إبراهيم شمس الدين والفريق الهادي عبد الله ، وقد ظل محل رعايتهما وإهتمامها ، ولكن ستظل مسألة مشاركته في التغيير موضع بحثنا الإستقصائي في حلقات مخصوصة عن أحداث ووقائع ليلة التغيير ، إنشاء الله سنعدها بمناسبة (مرور عامين علي التغيير) وبالطبع سنكشف من خلالها الكثير من الخفايا والأسرار !.
أما الفريق البرهان والفريق ياسر العطا ، الإثنين معا يجمع بينهما أداءهما العملياتي المتميز في مسارح العمليات المختلفة لا سيما الإستوائية ودار فور ، لذا تم تكريمهما بأختيارهما ملحقين عسكريين بالإختيار المطلق حيث ذهب البرهان إلي الصين والعطا إلي جيبوتي وكان (الإختيار المطلق، سلطة تمارسها القيادة وفقا لتقديراتها هي دون النظر لأي قواعد تنافسية) ، وبل ظلا محل رعاية الرئيس المعزول نفسه ، وليس ذلك فحسب ، بل يتناقل بعض قادة الجيش موقفا لرئيس هيئة الأركان المشتركة الأسبق الفريق مصطفي عثمان عبيد حينما ذهب إليه اللواء وقتها ياسر العطا مودعا وليأخذ التعليمات الأخيرة بشأن تعيينه قائدا للفرقة (14) مشاة كادوقلي فرد عليه الفريق مصطفي ، طالبا منه مقابلة الرئيس مباشرة لأنه لم يعينه وإنما أمر بتعيينه الرئيس مباشرة !!! وبالطبع هذا مظهر إحتجاجي واضح حول ذاك التعيين (غير المؤسسي).
ولكن المدهش حقا بحق الفريق البرهان هو تلكم المعلومات المؤكدة المنسوبة للرئيس المعزول البشير ، أن الإختيار كان قد وقع علي البرهان ليحل محل الفريق كمال رئيسا لهيئة الأركان المشتركة ، والفريق الدابي وزيرا للدفاع بعد أن أحس الرئيس المعزول بعجز الإثنين (إبن عوف وكمال) عن إحتواء الموقف بالقيادة العامة وإنفصالهما عن قاعدتهما العسكرية عقب نجاح الثوار في إقتحام ساحة القيادة العامة بل ومنزل الرئيس نفسه الواقع داخل القيادة العامة وظهور بوادر تمرد وسط صغار الضباط والصف والجنود بإنحيازهم للمعتصمين ..!