السماني عوض الله يكتب : بين الخرطوم واسمرا مصالح لا تقتلها السياسة

الخرطوم : الحاكم نيوز

التوجه العالمي هو التكامل بين البلدان بغرض تحقيق المصالح المشتركة واستفادة كل طرف من امكانيات الطرف الاخر في شتي مناحي الحياة ، خاصة الاقتصادية منها وبما ان السودان واحدة من الدول التي تتأثر بما يحدث في محيطه فكان لابد من البحث عن وسيلة لإيجاد التكامل مع دول الجوار نسبة لأهمية ذلك في الأمن الاقليمي .
وتعتبر دولة ارتريا واحدة من الدول المهمة بالنسبة للسودان رغم ان ديدن العلاقة السودانية – الإريترية هو الاتهامات والتوتر، إذ احتضنت إريتريا في فترة سابقة العمل المسلح للمعارضة السودانية الجنوبية والشمالية، ومحاولة بعض الجهات الصاق التهمة على اسمرا في ما يحدث من قبل القوات الاثيوبية في مسعي واضح لتأجيج التوتر بين السودان وارتريا مرة اخري لخدمة مصالح طرف ثالث الا ان رشد ووعي قيادة الدولتين افلحت في اخماد تلك الفتنة التي كادت ان تجر البلدين الي صراع جديد في الحدود الشرقية .

والمتابع لجريات الإحداث انه وبعد المصالحة السودانية – الإريترية، وزوال “نظام الإنقاذ” (أواخر عهد البشير)، أشار البعض إلى أنه بالإمكان تكوين كونفيدرالية تجمع إريتريا والسودان بحكم التقارب الشديد بين الشعبين، بالإضافة إلى إثيوبيا بحكم التقارب والمصلحة. قد لا تستند هذه الفكرة إلى أسس قوية، نسبةً إلى أن السودان على الرغم مما يجمعه مع مصر، جرَّب التكامل معها في عهد الرئيس الأسبق جعفر النميري وفشل، ثم عانى من حالات الانقسام السياسي وانفصال الجنوب.

والملاحظ ان هنالك اعداد كبيرة من سكان ارتريا استوطنوا في عدة مدن بشرق السودان مثل كسلا والقضارف وبعض القري والمدن في شرق السودان واصبح الإريتريون لا يشعرون أنهم غرباء على شرق السودان، فثقافة الطرفين وعرقيتهما وتاريخهما متشابك بشكلٍ وثيق منذ عصورٍ قديمة. ربما يكون الأمر الأهم من ذلك والذي يفسّر كون إريتريي الشرق جزءاً مكمّلاً من شرق السودان على مرِّ التاريخ، هو أنَّه بخلاف قضايا اللجوء، لم يفرّ الإريتريون عائدين إلى بلادهم، وإنَّما مكث مَن لم يتمكّن منهم من الهجرة إلى أوروبا أو إسرائيل، طوعاً في كسلا أو المدن المتاخمة، ويعيش كثيرون منهم في الخرطوم. ومع أوجه التشابه هذه، توجد أيضاً فوارق بين السودانيين والإريتريين الذين يتعامل معهم أهل الشرق يومياً. هناك تباينٌ واضح في القيم التقليدية بين المجتمعين وعلى الرغم من ذلك تظلّ الأسباب الموضوعية والذاتية للتقارب مرجِّحة، ومحقّقةً فرصاً، يستطيع بموجبها المجتمعان تحقيق اختراقات نوعية على صعيد العلاقات الثنائية.

ونسبةً إلى نقاط الالتقاء هذه، فإنَّ عائلات عدة متداخلة بين البلدين لا تقتنع بهذه الحدود بل تشجب على الدوام طبيعتها الاصطناعية، بل وتقول إنّها لا ترتقي إلى أن تكون مصدر خلاف كما في الخلافات الحدودية الأفريقية التي دخلت الأدبيات السياسية مثل الجدل الذي أطلقه ( بازل دافيدسون في كتابه “عبء الرجل الأسود: أفريقيا ولعنة الدولة-الأمة” في عام 1992، بقوله إن “التقسيم الاستعماري أدخل القارة في إطارٍ من الحدود الاصطناعية البحتة والتي هي ضارة في الغالب”. وهو ما يأتي على توصيف المشكلة في الحدود السودانية – الإريترية التي لا تكمن في طبيعة الخطوط الوهمية المرسومة بقدر ما تنتج من التطورات على الأرض، فطبيعة هذه الحدود تميل إلى أن تكون أقل استقراراً نسبة إلى كثافتها السكانية، فهي تضم شرايين حياة اقتصادية على الجانبين).
هذا الواقع يضع العبء على الحكومتين في الخرطوم واسمرا ان يضعا مصلحة شعبيهما هي الاولوية والحاكمة لهذه العلاقات نسبة لهذا التداخل وابعاد اية محاولات اقليمية او دولية للعبث بهذا التقارب الذي يخدم مصلحة الشعبين .
فالرئيس الارتيري اسياسي افورقي ورئيس المجلس السيادي في السودان ورئيس الوزراء يجب ان يضعوا اولوية لهذه العلاقة واهمية خاصة والعمل على تنمية الحدود المشتركة وتامينها من خلال قوة مشتركة تحقيقا للتعايش بين المكونات المختلفة وتنشيط تجارة الحدود نسبة لاهميتها في تنمية وتطوير تلك العلاقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى