كلمة رئيس الوزراء لمزارعي مشروع الجزيرة

الخرطوم الحاكم نيوز

كلمة دولة رئيس الوزراء، دكتور عبد ﷲ حمدوك في تدشين الحملة القومية لتأھیل وتطوير مشروع الجزيرة

المجد والخلود لشهداء الثورة السودانية ولشهداء ثورة ديسمبر المجيدة الذين مهروا بدمائهم هذه الثورة وجعلوا هذا ممكناً.. والعودة الظافرة للمفقودين والشفاء العاجل للجرحى
السادة والسیدات/ الوزراء والولاة
السادة والسیدات/ قيادات العمل السياسي والنقابي والقطاع الخاص والمجتمع المدني
السادة والسيدات/ أعضاء مجلس إدارة مشروع الجزيرة السادة والسیدات/ ممثلي اتحاد المزارعين بمشروع الجزيرة
السبد/ محافظ مشروع الجزيرة
السادة/ممثلي البنوك والشركات
شعبنا الأبي، مزارعو الجزيرة المعطاءين.
الحضور الكریم.

السلام عليكم ورحمة ﷲ تعالى وبركاته… یسرني ویسعدني في ھذا التوقیت أن أكون في حضرة أكبر صروحنا الاقتصادية، وأكثر المشاريع ارتباطاً بالوطن ومساھمةً في الدخل القومي.

أھلنا في الجزیرة.. التاریخ والعطاء.

يأتي خطابي معكم ولقائي بقاداتكم الیوم في وقت بدأنا نحصد فیه ثمار ثورة ديسمبر المجیدة مع ما بدأناه من توافق على وقف الحرب والبدء في تطبیق اتفاقیة سلام جوبا، وانفتاح اقتصادي على العالم بعد رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعیة للإرھاب، وبعد القرارات الاقتصادية التاريخية بتوحيد سعر الصرف من أجل معالجة التشوهات الھیكلیة في الاقتصاد، وعجز الموازنة العامة وعجز میزان المدفوعات.

وتأتي ھذه القرارات من أجل دعم الإنتاج والمنتجين بتشجيع الصادر ورفع كل القیود المكبلة للاقتصاد، وبلا شك فأن الزراعة ستكون حجر الأساس للانطلاق نحو التنمیة المستدامة، نُريد اقتصاد يقوم على القطاع الزراعي والصناعة المرتبطة بالقطاع الزراعي.

نقف الیوم أمام حدث تاریخي مهم على طریق ثورة دیسمبر المجیدة، ثورة الإصلاح والبناء بعد ثلاثین عاماً من القھر والدمار الذي طال الزرع والإنسان في بلاد أنعم ﷲ علیھا بموارد لا تحصى ولا تعد من المیاه والأراضي الزراعیة والثروة الحیوانیة والمعادن وغیرھا. ھذا الحدث ھو تدشین الحملة القومیة لتأھیل وتطویر مشروع الجزیرة.

ھذه النعم المتنوعة والتاریخ الذي تمثله البطولات والإرث المتمیز للإنسان السوداني صانع الثورات -اللواء الأبیض، أكتوبر ،أبریل، دیسمبر- ظلت تمثل مصدر إلھام وثقة في النفس والمستقبل الواعد لإنسان السودان، وانطلاقاً من ذلك كانت تضحیات الشھداء والثوار، العمال والمزارعین والطلاب دون تقاعس أو استسلام للإحباط والقھر الذي مارسته قوى الظلام والاستبداد.

السیدات والسادة،
مشروع الجزیرة الذي بدأ نشاطه الزراعي في 1925م ظل العمود الفقري للقطاع الزراعي الذي یمثل بدوره ركیزة الاقتصاد السوداني من حیث إنتاج المحاصیل الزراعیة ودعم الصادرات والمیزان التجاري للبلاد بسخاء بجانب خلق وظائف في الحقول والصناعة المرتبطة بالمشروع ابتداءً من المحالج وحتى صناعة الملبوسات، والخدمات الصحیة والتعلیمیة وغیرھا.

كما تعلمون ظل المشروع عملاقاً یشتد عوده على مر السنین وتنوع النشاط الاقتصادي المحیط به وازداد نشاطه في الثمانینات من القرن الماضي بإدخال الحیوان في الدورة الزراعیة بزراعة الأعلاف وصناعة الألبان وغیرھا.

جئنا الیوم لمخاطبة أھلنا في مشروع الجزیرة وفي الذھن عظمة المشروع الذي یمتد لمساحة أكثر من 2 ملیون فدان قابلة للزیادة ویضم حوالي 130 ألف مزارعاً ویستفید منه أكثر من 3 ملیون شخصاً من زراع وموظفین وعمال زراعیین، ولما لمشروع الجزیرة من تاریخ ناصع قبل أن یستھدفھا النظام البائد، وكاد أن یقضي علیه لولا صمود المزارعین وھمتھم التي تكللت في العام الماضي بملحمة انتاج القمح.

السادة والسیدات ،
ونحن نستنهض الھمم لتأھیل وتطویر مشروع الجزیرة لابد من الوقوف على حجم الدمار والإھمال الممنھج الذي ألحقه النظام البائد بالمشروع. لقد تعرض ھذا المشروع لأكبر ھجمة في تاریخ السودان وكبلته عبر قانون 2005 المعيب، تمھیداً لبیعه في مزادات غیر علنیة للقضاء على المشروع الكبیر ونھب ممتلكاته وبنیاته التحتیة من سكك حدیدیة ومحالج وغيره.

فقد قضى النظام البائد على حوالي 2000 كیلومتراً من السكة حدید التي كانت جسر التواصل داخل وخارج المشروع، وبلغت قیمة ما تم نھبه وبیعه من أصول أكثر من (225) ملیون دولار أمریكي.

وطال الدمار أیضا 315 منزل وأكثر من 100 مكتب یتبع للمشروع، بجانب دمار المحالج وبنیة الري، والھندسة الزراعیة والبساتین، وباع المخربون السكك الحدید والقاطرات خردة في الأسواق بعد حملة التخریب الشاملة التي شملت كل البلاد، وشمل التخریب الآلیات الھندسیة والبنى التحتیة وقنوات الري، والمحالج.

بجانب تھجیر المزارعین والاستیلاء على أرضھم وخصخصتھا وبیع المحالج والمنازل والعربات والأصول لإثراء نافذي النظام كان دمار المشروع والقطاع الزراعي والاقتصاد غیر النفطي نتیجة حتمیة للسیاسات الاقتصادیة الكلیة الخرقاء التي اتبعھا النظام البائد بعد استخراج البترول والتي تمثلت في الدعم غیر المبرر للاستھلاك والاستیراد والخدمات على حساب الإنتاج والتوظیف والتصدیر من خلال سیاسة سعر الصرف المتعدد والقیمة غیر الحقیقیة للعملة الوطنیة مقابل العملات الأجنبیة.

إننا الیوم لا نرید التباكي على الماضي وزرف الدموع على ما تبقى من ھیاكل أو أشباح، لكننا نذكر ذلك في إشارة الى حال المشروع الیوم وما كان علیه، كما نرید في ھذا الیوم أن ننطلق إلى الأمام، الى آفاق المستقبل.

وبدایة الطریق ھو ھذا الفزع الذي يستلھم تراثنا السوداني بصفة عامة والجزیرة لیست استثناء من ھذا التراث العظیم، ویتمثل في مواسم النفیر، التعاون، العمل الجماعي الذي عرفته الجزیرة من زمن بعید وبفضله تم تشیید المدارس، وفتح المراكز الصحیة، وتوصیل خدمات المیاه والكھرباء.

يأتي ھذا النفیر في وقت تستعد فیه إدارة المشروع والمزارعین وكل أبناء الجزیرة لملحمة حصاد القمح. وتستعد الجزیرة لحصاد أكثر من 510 ألف فداناً من جملة 800 ألف فداناً مزروعة بالقمح في كل السودان، ونتوقع أن یغطي انتاج العام الجاري أكثر من 60% من احتیاجات الاستھلاك الداخلي.

ومن واجبنا في الحكومة الانتقالية أن نعلن انحیازنا التام للمزارعین والمنتجین، وقد ظللنا نتابع العملیات الزراعیة لحظةٍ بلحظة عبر اللجنة العلیا للموسم الزراعي، وتابعنا المشاكل التي یمر بھا المزارعون وعثرات شح الجازولین، والتقاوي والمبیدات، ووقفنا أكثر أمام مشكلة الري وانسداد القنوات والتي جاءت نتیجة لإھمال الزراعة من قبل النظام البائد، ولانعدام الرقابة القانونیة والمجتمعیة.

ونؤكد الیوم أن الحكومة عملت عبر البنك الزراعي لتوفیر التمویل ومدخلات الإنتاج، وشراء القمح مباشرةً من المزارعین عبر البنك الزراعي، ورغم التحفظات التي أعلمها من البعض حول مسألة البنك الزراعي، لكن يظل هو بنكنا وفي هذا السياق من المهم العمل على تطويره معاً، ونحن منفتحون لسماع مقترحاتكم حتى يكون لدينا بنك يخدم المزارع بشكل أفضل. إن الحكومة ملتزمة بتوفیر الأموال لشراء القمح مُباشرةً من المزارعين، والوقود، لتھیئة الظروف للإنتاج، ولمواصلة المزارعین لملحمتھم البطولیة التي لا تزال مستمرة.

لقد أصدرنا قبل عدة أسابيع السعر التشجيعي لجوال القمح، وهو سعر قابل للمناقشة والتفاوض والاتفاق حوله حيث تحدونا في تحديد مسألة أساسية وهو مصلحة المزارع بوجود سياسة سعرية تحفز عملية الإنتاج، وسنقوم يوم غد كحد أقصى بإصدار قرار بالسعر التأشيري الجديد.

السیدات والسادة،
إعادة تأھیل وبناء مشروع الجزیرة سوف يتم في إطار رؤية استراتيجية لإحداث التنمیة المستدامة في القطاع الزراعي والاقتصاد ككل استجابة لشعارات الثورة وبرنامجھا، ففي تقديري مسؤولية تطوير مشروع الجزيرة لا تقع على عاتق مزارعي وأهل الجزيرة ، فهذا المشروع لديه القدرة والإمكانية على رفع كل السودان، كما كان يفعل من قبل.

كما أوضحنا في البرنامج الثلاثي وأولويات الحكومة الانتقالية ھدفنا ھو التأسيس للتحول الھیكلي للاقتصاد السوداني، ویقوم ذلك على الربط العضوي بین الزراعة والصناعة التحویلیة وسلاسل القیم المضافة في إطار اقتصادي كلي یشجع على زیادة الإنتاجیة ودعم المنافسة داخلیاً وخارجیاً، فلا نهضة لأي بلد بدون صناعة متطورة، فالنموذج الاقتصادي الذي ورثناه من الاستعمار والمستمر حتى اليوم في تصدير المواد الخام والماشية يجب أن يتوقف.

وعلیه تأتي أھمیة دعم مشروعات التحول الزراعي وتطویر المحاصیل والثروة الحیوانیة وسلاسل القیمة المضافة والخدمات الزراعیة الحدیثة وتطویر الصادرات البستانیة بجانب تطویر البنى التحتیة لدعم التسویق والتصدیر.

سیمثل تأھیل وتطویر مشروع الجزیرة نموذجاً للنھضة الاقتصادیة والتحول الھیكلي الذي ننشده، ویمثل دعم مشروع الجزیرة دعما للنھضة الاقتصادیة بالسودان، فإن لم نستطع أن نعمل على إصلاح وتطوير مشروع الجزيرة سيظل أي كلام عن إصلاح بقية الاقتصاد بلا معنى.

جماھیر شعبنا الأبي،
باسم حكومة الثورة نوجه الدعوةً للجمیع، القطاع الخاص والمزارعین أنفسھم والموظفین والعمال وكل فئات الشعب السوداني الأبي في الداخل والخارج ونقول لھم شمروا السواعد، واستجیبوا لھذا النداء. كما اننا نوجه باستقطاب استثمارات نوعیة من القطاع الخاص المحلى والأجنبي للمساھمة في إعادة تأھیل البنى التحتیة للمشروع وتطویره. ووضع مشروع الجزیرة كأحد أھم أولويات الحكومة الانتقالية في إعادة البناء والتعمير.

ختاما نقول حتماً سیعود مشروع الجزیرة أقوى مما كان بعون ﷲ وتضافر الجھود.

والسلام عليكم ورحمة ﷲ تعالى وبركاته..

*إعلام مجلس الوزراء*
*6 مارس 2021م*

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى