الرادار-ابراهيم عربي – (الجنيه السوداني) … تعويم أم إغراق ..؟!

الخرطوم الحاكم نيوز
هاتفني حمزة صديق سنين (أبو أنس) ، باكرا ليس كالعادة !، وهو مزارع عصامي نشط من خيرة الشباب بمسقط رأسي بالميعة ريفي شركيلا في محلية أم روابة بشمال كردفان ، قال أبو أنس إنه صحي من حلم متزامن مع آذان فجر أمس الأحد 21 فبراير 2021 ، قال إنه وجد الناس يهتفون في كل مكان (إسلامية 100%) ، فسألهم ماذا هناك ، قالوا له أن الدكتور جبريل إبراهيم قلب الحكومة وأصبح رئيسا للبلاد . 
قال أبو أنس ، رديت عليهم قائلا (جبريل هذا وزيرا للمالية) فقالوا له قلبها تب ! وأصبح رئيسا للسودان !، وقال أبو أنس عندما نظرت شاهدت الدكتور جبريل أمامي يلوح من داخل سيارته الرئاسية مبتسما لابسا بدلة إفرنجية ، والناس يركضون نحوه زرافات ، وفاجأة وجد أبو أنس أمامه بحرا متلاطم الأمواج حال بينه والموكب ، خاف أن يغرق دون عبوره فتوقف ، وفجأة صحي من نومه مع آذان الفجر (الله أكبر) ، نحسب أن أبو أنس من الصالحين ، ولكن ما نحن بتأويل الأحلام بعالمين ، فقلت له خيرا إن شاء الله يا أبو أنس ..!.
بالطبع نترك لكم عناء البحث و تأويل الأحلام ، ولكن مايجب الإشارة إليه أن حلم أبوأنس هذا تزامن مع عملية جراحية إقتصادية قاسية علي الشعب السوداني بطلها الدكتور جبريل ، فشلت دونها كافة الحكومات المتعاقبة بما فيها الإنقاذ بسطوتها من (صدمة معتز) وغيرها والتي وجدت معارضة قوية من قبل ذات مكونات الحرية والتغيير (قحت) المعارضة وقتها ، فلا أدري ماذا ستعمل الآن وهي علي سدة الحكم وهذا غرسها، بالطبع إنها عملية جراحية مؤلمة وتتطلب معالجات إقتصادية مجتمعية لتخفيف آثارها علي الشعب ، فلا أدري هل العملية تعويم للجنيه السوداني ام إغراق عديل ؟ وهذا ما ستجيب عليه الأيام !.
حتما سيثور الشارع وقد أعلنها الحزب الشيوعي عراب قحت المفارق للجماعة حربا شعواء لإسقاط الحكومة الإنتقالية ، وبالطبع هي مسؤولة حكومة حمدوك التي جاءت بها الثورة ، فلا أدري هل المبررات والمعالجات في مواجهة (تعويم الجنيه) مثلما أكدها الوزراء مقنعة لمواجهة الآثار المجتمعية السالبة للقرارات ؟، وبالطبع  لن تأتي نتائجها بين عشية وضحاها ، الحكاية دايرة (صبر وعركة وجكة وكربة صلب) !.
ولكن يبدو أن وزير المالية الدكتور جبريل إبراهيم وقع أسيرا لدولة الماسونية فوجدها قرارات جاهزة التنفيذ ، ومن الواضح أرادوا لها أن تسبق تكوين المجلس التشريعي لفرض الأمر واقعا ، ولذلك قال جبريل في مؤتمر صحفي إنها جاءت تمشيا مع سياسة الإصلاح الإقتصادي ومعالجة الإختلالات الهيكلية ، كاشفا عن وصول أموال من خارج السودان وقال إنهم ينتظرون أيضا وصول أموال أخرى في الطريق دون أن يكشف حجمها ومصادرها ، مؤكدا وجود إحتياطي كافي من النقد الأجنبي لدي بنك السودان للتدخل .
علي أي حال لست خبيرا إقتصاديا ولكن ماظلت تؤكده جهات الإختصاص بشأن معالجة الإختلالات في الإقتصاد السوداني ، قالوا إنها تتطلب حزمة معالجات (إقتصادية وتجارية ومالية ومجتمعية ونقدية) وليست مجرد توفير للعملات الحرة فحسب ، وانتقد هؤلاء الحكومة بشدة لتخبطها .
من الواضح أن (تعويم الجنيه السوداني) جاء وفق ضغوط دولية إستجابة لتطبيق سياسة صندوق النقد الدولي والتي وصفها منتقدوها ب(سياسة البؤس الدولي) وقالوا فشلت دونها كثير من الدول التي سبقتنا ويتوقع هؤلاء تدهور الأوضاع مقابل فشل الحكومة بسبب عدم وجود الإحتياطات الكافية من الذهب والنقد الأجنبي وعدم إمتلاك رؤية واضحة وحقيقية للصنيع لإضافة قيمة للإنتاج المحلي .
علي كل لا زالت التخوفات المجتمعية تراوح مكانها، ولذلك أعتقد علي الحكومة إصلاح بيتها الخرب من الداخل بوضع حد لمكافحة التهريب والتي كشف عنها كومرت أردول ، مؤكدا تورط  قيادات محسوبة علي الحكومة فيها .
ولكن مايجب تأكيده أن السودان بلاد غنية بمواردها مافي باطن الأرض وظاهرها ، فعائدات الذهب لوحدها قد أنقذت إقتصاد حكومة البشير من الإنهيار بتحصيل (4) مليار دولار سنويا عقب خروج عائدات البترول  بإنفصال جنوب السودان .
وكذلك إن أحسن السودان التعامل مع المغتربين يمكن توفير (4) مليار دولار في العام ، واذا وطن القمح يوفر (2) مليار دولار سنويا علاوة علي عائدات الحبوب الزيتية والأصماغ والقطن والثروة الحيوانية والغابية والبستنة وغيرها فضلا عن المعادن الأخري ويمكن ان تدعم الصادر مجتمعة بأكثر من (5) مليار دولار ولكنها تتطلب رؤية وخطة وجدية وتضافر جهود .  
علي العموم مابين مغالطات تعويم الجنيه السوداني وإغراقه ، فقد أعلن بنك السودان العمل بنظام مصرفي مزدوج (إسلامي وتقليدي) قال يهدف لجذب البنوك العالمية وشركات الصرافة ، غير أن العملية برمتها تتطلب أيضا تكاتف وتضافر جهود الجميع لا سيما الجهات ذات الصلة الحكومية والقطاع الخاص لتطبيق حزمة الإصلاحات الاقتصادية وفق تنسيق تام ومحكم .
وليس ذلك بعيدا عن السياسات التشجيعية التي أعلنها البنك المركزي من حوافز وإعفاءات لإستقطاب الأموال الخارجية ، وسياسات لسد ثغرات المضاربين بالعملة علاوة علي المساعدة على إعفاء ديون السودان الخارجية بالاستفادة من مبادرة إعفاء الدول الفقيرة (HIPC) ، وقد رددها رئيس الوزراء قائلا : حسمنا سياسة رفع الدعم والتطبيع مع إسرائيل وبالطبع لها توابعها ، وان غد لناظره قريب ، أما عام الحنيه السوداني بأمان أو غرق وبالتالي ستغرق البلاد (الله يكضب الشينة يا أبو أنس) . 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى