علي احمد عباس يكتب: نعم لكيان الشمال التنموي لا لكيان الشمال الجهوي.

الخرطوم الحاكم نيوز

ورد في الاخبار انشاء ما سمي كيان الشمال دعى له السيد اشرف الكاردينال وهو كيان يضم أبناء شمال السودان مماثل للكيانات التي نشات بعد مؤتمر جوبا للسلام مثل كيان الشرق وكيان الوسط بعد أن نجحت كيانات دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة في انتزاع مكاسب سياسية وإقتصادية أشعلت الفتنة والغيرة في كيانات أخرى فنشا كيان جديد للشمال بقيادة الكاردينال بعد أن فشل الكيان السابق وخرج بخفي حنين.
فكرة إنشاء كيان الشمال فكرة صائبة لجمع الناس في كيان واحد ولكن باسف الطريقة والكيفية التي طرحت بها توحي بأنها تكرس للجهوية والقبيلة والصفوية. ولذلك أرى انه كان من الاصوب أن يسمي الكيان المستهدف كيان اعمار الشمال بدلا من كيان الشمال لكي ياخذ البعد التنموي الواسع الذي يشمل التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تستهدف مصلحة تطوير انسان الشمال الذي لم ينل حظه العادل من التنمية ولم تقام فى منطقته مشاريع تنموية ذات جدوى خلال كافة العهود منذ الاستقلال بخلاف سد مروى والذي واكبته أخطاء كثيرة حالت دون الاستفادة منه في استصلاح أراضي زراعية جديدة فضلاً عما خلفه من مشاكل سكانية عبر عمليات تهجير غير مدروسة. ياتي بعد ذلك طريق شريان الشمال برغم ما فيه من أخطاء في التصميم وعيوب في التنفيذ الا انه برغم ذلك يعتبر انجازا أسهم في حل مشكلة النقل والسفر من وإلى الولاية الشمالية وسهل عملية التنقل بين مناطقها المختلفة. ويمكن ان يمثل طريق شريان الشمال انموذجا لتكامل العمل الشعبي والحكومي وقد كان للجهد الشعبي سهما مقدرا في هذا الإنجاز يجب أن يستصحبه كيان الشمال التنموي عند شروعه في وضع خططه ورسم سياساته الاستثمارية.
ان غياب المشاريع التنموية ذات الكثافة العمالية الكبيرة ومحدودية فرص العمل وسبل كسب العيش أدى إلى نزوح انسان الشمال الي كافة مناطق السودان جنوبا وشرقا وغربا وكان من اول المهاجرين خارج السودان بحثا عن عيش ورزق كريم. وبالتالي لا بد عند انشاء كيان الشمال الناي والابتعاد عن الجهوية والقبيلة كنهج وان تتخذ التنمية والتعمير كاسلوب لدرا المظالم ولم الشمل والا ينجرفوا مجارة ومحاكاة للكيانات التي أنشأت شرقا ووسطا وغربا.
ان المكونات القبلية لأهل الشمال تزخر بعدد كبير من أبنائها وبناتها من أصحاب القدرات المالية الكبيرة ومن أصحاب العقول النيرة والخبرات المتراكمة الذين يمكن أن يقودوا مسيرة التنمية التي يستهدفها الكيان ومنهم من لهم تجارب ثرة في إقامة المشروعات التنموية داخل وخارج السودان.
ان التوجه التنموي الذي نقترحه لكيان الشمال تتوفر له فرصا كبيرة للنجاح اذا ما اقتنع الناس بأنه يحقق امانيهم وتطلعاتهم وقادر على خلق بيئة توفر لهم العيش الكريم والتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية في اقليمهم الشمالي وكيانهم الذي يتمدد في مساحات واسعة شرق وغرب النيل من شمال الخرطوم وحتى وادي حلفا إذ انه غني بكثير من الموارد الزراعية والمعدنية وتتوفر فيه مياه النيل العظيم والمياه الجوفية وكذلك تتوفر فيه مصادر الطاقة البديلة الشمسية وطاقة الرياح ويأتي على رأس تلك الموارد انسان الشمال الذي أينما نزح عمر واينما هاجر ابدع ولذلك فهو المؤمل أن يكون رأس الرمح لقيادة التحول المنشود من خلال تمازج وانصهار كل عناصره في كيان واحد متحد ليقوم باحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستهدفة وليتم إزاحة الظلم عن أهل الكيان بأيدي أبنائه. ونحن عندما ننادي بتوحيد اهل الشمال تحت كيان تنموي ففي البال تجربة القارة الأوربية التي جمعت وحشدت شعوبها بمختلف اعراقهم ومسمياتهم وتعدد ألسنتهم تحت مظلة اقتصادية موحدة جنوا ثمارها في تطوير مجتمعاتهم وخلق فرص عمل لمواطنيهم وتوفير حياة كريمة لهم. ونحن إذ نورد هذا المثل نعلم الفوارق بيننا وبينهم ولكن قصدنا على أن نؤكد على أهمية التوجه التنموي الذي يجب أن ينتهجه كيان الشمال الذي نرى اذا ما أسس على قاعدة تنموية سيكون النجاح حليفه من خلال ما هو متوفر له الآن من مقومات يعزز فرص نجاحها تجارب بعض الاستثمارية المحلية والاجنبية الرائدةالتي تمت في مناحي كثيرة من هذا الكيان الكبير والتي حققت نجاحات مشهودة. إن هذه التجارب الرائدة ستمهد الطريق لنجاح المشروعات المستهدفة بواسطة كيان الشمال وسيسهم في استقطاب إقامة شراكات اقليمية وعالمية في اي مشاريع تنموية كبيرة مدروسة ومعدة وفق خارطة استثمارية شاملة. ولانجاح هذا التوجه التنموي لكيان الشمال لا بد له من وجود إرادة سياسية قوية ودعم وتشجيع كبير من الدولة التي أعلنت أن القطاع الخاص هو صاحب النصيب الأكبر والشريك الأصيل في إحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية.وهذا التوجه التنموي لكيان الشمال لا بد أيضا أن تسبقه إجراء عدد من المسوحات والإحصاء والتعداد متخصصة لتكون قاعدة بيانات حديثة تشكل القاعدة التي تنطلق منها وتبني عليها كافة الخطط والبرامج وترسم السياسات وتوضع الاستراتيجيات ولاجراء تلك المسوحات وإعداد قاعدة البيانات يمكن أيضا استقطاب العون الفني من المنظمات الدولية الداعمة او عبر البروتوكولات مع الدول الصديقة.
وكما اسلفنا فإن الإقليم والكيان غني بالموارد البشرية والمادية المرئية والكامنة الشئ الذي يتيح الفرصة لاقامة العديد من المشاريع الاستثمارية في كافة الأنشطة والمجالات ففي مجال الصناعة فالفرصة متاحة للتوسع في صناعة الاسمنت ومواد البناء الأخرى وصناعة تعليب الفواكه والخضر ومطاحن القمح ومصانع للاعلاف صناعة الأسماك ومصانع لمنتجات الالبان مصفاة للذهب وغيرها من المشاريع الصناعية الأخرى.
وهناك فرص واسعة وكبيرة للاستثمار في مجال الزراعة بشقيها النباتي والحيواني وكما هو معلوم أن الزراعة هي الغالبية العظمي من السكان في هذا الكيان من خلال ما هو متوفر من أراضي زراعية على ضفتي نهر النيل ومؤخرا تم التوجه لاستثمار وزراعة مساحات واسعة بعيدا عن مجري النيل باستخدام المياه الجوفية المتوفرة بكميات كبيرة استخدمت في ما يسمى الري المحوري وكذلك التوجه الكبير نحو الميكنة الزراعية فقامت مشاريع عملاقة لزراعة القمح في الأجزاء الشمالية من الكيان وكان قياس نجاحها من خلال كمية الإنتاج والانتاجية العالية للفدان التي فاقت مثيلاتها في أماكن أخرى خارج الكيان. وفي مواقع أخرى من كيان الشمال هناك فرص استثمار زراعية متعددة ومتنوعة منها زراعة البقوليات مثل الفاصوليا والفول المصري وفي منطقة نهر النيل امكانات هائلة لزراعة الخضر والفواكه والتي باستخدام بعض الحزم التقنية يمكن أن يغطي انتاجها السوق المحلي وكذلك الصادر. أذن الإستثمار الزراعي يمكن أيضا أن يشكل مجالا مهما لتوظيف وتشغيل عدد كبير من مواطني كيان الشمال التنموي.
وفي مجال الخدمات الاقتصادية يمكن إقامة مشاريع لتنمية وتطوير السياحة وربطها بمناطق الآثار وتشييد عدد من الفنادق والمنتجعات. ويمكن كذلك تشجيع قيام شركات للعمل في النقل النهري بين الخرطوم وكريمة وبين حلفا واسوان واعادة تأهيل ميناء وادي حلفا وكذلك تشجيع قيام شركات للعمل في النقل البري في طريق شريان الشمال وطريق التحدي بعد اعادة تاهيلهما والعمل على تنشيط النقل الجوي لربط مدن الكيان بعضها ببعض.ولضمان نجاح كافة المشروعات الاستثمارية في المجالات والأنشطة المستهدفة خاصة الزراعية لا بد من إجراء الدراسات اللازمة والبحوث حول المياه الجوفية والتربة والمناخ. ومن جانب اخر لا بد من العمل على توفير البنيات التحتية والطاقة والعمل على إقامة مشروعات للطاقات البديلة والطاقات المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقات الرياح وغيرها وكذلك اعادة تأهيل الطرق وربطها بمناطق الإنتاج.
هذه أفكار مبعثرة في خطوط عريضة ومؤشرات وموجهات لإعداد خطط وبرامج ورسم سياسات مفصلة لكيفية تحقيق حلم اهل كيان الشمال التنموي للتحول من كيان جهوي قبلي لا رابط له إلا الجهة والقبيلة الي كيان تنموي شامل يوحد اهل الشمال حول مشروعات اقتصادية واجتماعية وتحقق مصالحهم ومطالبهم بأيديهم دونما استجداء لاحد.
وفي الختام ننادي بالصوت العالي ونقول للقائمين علي أمر كيان الشمال لا لكيان الشمال الجهوي القبلي ونعم والف نعم لكيان الشمال التنموي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى