السماني عوض الله يكتب : سد النهضة أزمة متجددة… هل تفلح أوروبا فيما فشلت فيه أمريكا؟

الخرطوم : السماني عوض الله

تطل أزمة سد النهضة من جديد بين البلدان الثلاثة السودان واثيوبيا ومصر رغم المساعي المبذولة من هنا وهناك للوصول لصيغة اتفاق يجنب المنطقة من انزلاق في هوة الخلافات.

فقد استضافت واشنطون عدة جولات تفاوض بين الدول الثلاث برعاية البنك الدولي ولكن رغم التقدم البطئ الذي أحرزته تلك الجولات الا ان أديس أبابا تظل متمسكة بموقفها لبدء ملء بحيرة السد وهذا ما تخشاه الخرطوم والقاهرة. ذلك التخوف دفع الاتحاد الأوروبي الدخول في الوساطة بعد أن فشلت مساعي واشنطون في الوصول الي صيغة تفاهمية يمكن اعتمادها للعمل بموجبها.

واجري المبعوث الأوروبي ووزير الخارجية الفنلندي “بيكا هافيستو”،محادثات مكثفة في الخرطوم وأديس ابابا خلال المدة من السابع وحتى التاسع من فبراير الجاري في محاولة لنزع فتيل التوتر بين الخرطوم وأديس أبابا على خلفية الخلافات الحدودية وتعثر مفاوضات سد النهضة

وقالت بعثة الاتحاد الأوروبي في السودان بأن مهمة “هافيستو” تنحصر في المساعدة على تخفيف التوترات بين السودان وإثيوبيا، والوصول إلى سبل دعم المجتمع الدولي للحلول السلمية للأزمة الحالية التي تواجه المنطقة.

ورغم الثقل الدبلوماسي للاتحاد الأوروبي في السودان واثيوبيا ، إلا أن جولة “هافيستو” تواجه تعقيدات تقلل من فرص نجاحها.
نسبة لأن رئيس الوزراء الإثيوبي يواجه تحديات كبيرة أبرزها عدم حصوله على التأييد الكافي من قبائل الأمهرا التي لديها مصلحة كبرى في منطقة الفشقة التي تدور حولها الحرب الحالية، ما يجعل رئيس الوزراء الإثيوبي يسبح وسط أمواج متلاطمة، ويواجه ضغوطا خارجية كبيرة تزيد أيضًا بسبب موقفه من منطقة التقراي، حيث سبق وأن طالبه الاتحاد الأوروبي مرات عديدة بأن يكون أداؤه على قدر جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها.

ويري مراقبون أن هناك عامل آخر قد يساهم في تعقيد مهمة الوساطة الأوروبية ويتمثل في حقيقة الوضع على الأرض، حيث لن تقبل أديس أبابا بأقل من عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل شن السودان عمليات عسكرية بالمنطقة، وذلك لكسب تأييد الأمهرا، في حين ترى الخرطوم أنها حررت أراض محتلة من قبل إثيوبيا.

تخوف سوداني

في تصريحات جديدة دعا رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك إلى حل قضية ملف سد النهضة في إطار القانون الدولي.

وقال حمدوك إن “الحل يجب أن يتم في إطار القانون الدولي، خاصة وما يشكله من تهديد لأمن وسلامة أكثر من 20 مليون سوداني على ضفاف النيل الأزرق بجانب الآثار الأخرى (لم يحددها)”.

وأضاف أن السودان يوافق على المضي قدما لحل هذا الملف في إطار مبدأ الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية، لذلك يرى أن الحل الذي يحافظ على مصالح الجميع يتم في إطار القانون الدولي

وزير الري السوداني ياسر عباس يري أن ملء سد النهضة الإثيوبي في يوليو المقبل في مرحلته الثانية هو “تهديد مباشر” لأمن الخرطوم القومي محذرا من أن ملء السد سيهدد نصف سكان وسط السودان الذين يعتمدون على سدَّي الروصيرص ومروي لري أراضيهم ولتوليد الكهرباء

وأكد عباس أنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق مع إثيوبيا بهذا الخصوص فسيفقد “سد مروي 30% من الطاقة الكهربائية التي يولدها” ما يؤثر سلباً على محطات مياه الشرب. ويتمحور الخلاف الأساسي بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى حول وتيرة ملء الخزان فيما يؤكد مختصون على ضرورة اتخاذ خطوات حاسمة لردع إثيوبيا التي تريد إتمام العملية في غضون ثلاث سنوات.

وحذر ياسر عباس من خطة إثيوبيا لبدء المرحلة الثانية من خطة ملء سدّها على النيل يشكّل “تهديدا مباشرا” لأمنها القومي.

من جهته أكد الرئيس المصري أن بلاده “تقاتل في التفاوص” في أزمة سد النهضة من أجل حماية حقوق المصريين، مشددا على أن الصبر و”طولة البال” سيأتيان بالنتائج المرجوة

إثيوبيا تحمل الخرطوم والقاهرة المسؤولية

إثيوبيا من جهتها أكدت المضي قدما في كافة الخطوات المتعلقة بسد النهضة وحمل وزير المياه والري الإثيوبي سليشي بقلي، مصر والسودان، مسئولية عدم التوصل لاتفاق بشأن سد النهضة، معتبرا أن أديس أبابا “مرنة جدا” بالمفاوضات.

واعتبر بقلي أن القاهرة والخرطوم تتخذان مسارا يعطل المفاوضات التي تسعى إثيوبيا إلى إنهائها بشكل مرض لجميع الأطراف.

وأضاف، وفق ما أفاد مراسلنا، أن “إثيوبيا غير معنية بفشل الأطراف في التوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة خلال الجولات الماضية، التي كان يرعاها الاتحاد الإفريقي”.

وتابع أن الأعمال الهندسية في بناء سد النهضة وصلت إلى 91%، بينما بلغت نسبة البناء الكلية 78.3%، مشيرا إلى أن إثيوبيا ستبدأ عملية الملء الثانية لسد النهضة خلال الأشهر القليلة المقبلة.

ولا يزال ملف أزمة سد النهضة يراوح مكانه منذ سنوات، مع عدم التوصل لاتفاق ملزم بين الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، في الوقت الذي برزت فيه مؤشرات لدخول أطراف جديدة على خط المفاوضات تعهدت بدعمها للتوصل إلى اتفاق يحقق مصلحة جميع الأطراف، ويُنهي واحدة من أصعب الأزمات التي تواجه دول حوض النيل فهل يفلح الاتحاد الأوروبي فيما فشلت فيه واشنطون والاتحاد الأفريقي؟ .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى